من يأتي لحكم الناس بالقوة والايدية؛ إما ان يفلح فلاحاً كبيراً غير مسبوق فيُحمد له. وأما ان يخفق إخفاقاً مجلجلا فينكر له ويجد من الناس السب والتقريع والتنكيل اللفظي المفرط .. هنا مشاهدات نمررها لكل من اراد او تراوده امنيات فرض نفسه على قيادة الناس فرضاً او طوعاً.. دأب الحكام في منطقتنا الافريقية والعربية على اعتلاء سُدة الحكم بالانقلابات العسكرية او الوراثة او الملكية المطلقة واحياناً عبر بوابة القبلية المنتنة ثم (يكنكشون فيها كنكشة السنين )... هذه الوسائل والى سنوات قريبة خلت؛ كانت سائدة ومسلماً بها للوصول إلى الحكم، وعبرها يتسيدون الناس ويتحكمون فى حياتهم ومعاشهم وأحلامهم وأمانيهم.. ولكن فى زمننا الحالي الذي طابعه الصعوبة فى كل شيء، والذي اضحى مُحاطاً ومتأثراً بالمتغيرات التى استجدت وقلبت كافة مناحي الحياة؛ نجد أن الوسائل بدأت تتغير ، فالذي كان مقبولاً بالأمس القريب لم يعد كذلك اليوم، وذلك مما يعلمه الجميع بطبيعة الحال، وفوق ذلك نجد في زماننا الحالي هذا ؛ حتى الذين يأتون للحكم بالوسائل الديمقراطية ووفق أغلبية وشرعية مطلقة، ورضاً وسنداً جماهيرياً كبيراً ؛ يعجزون ويفشلون عن تحقيق رفاهية شعوبهم وما وعدوا به... فما بالك والذين يفرضون انفسهم على الناس قوةً وجبروتاً، ثم يغطيهم ويملأهم الفشل الذريع من اعلى رؤوس سلطتهم الى اخمص قدميها .. فرضاً ياتى بقوة السلاح والبطش وفرض الامر الواقع تسلطاً وبعصى الارهاب، وقد يأتى ذلك مغلفاً اومبرراً بمئات الحجج الواهية، سواء كانت دينية او انقاذية او اشفاقية، او بأي وهم اخر يسوق له مرتكبيه .. يأتون بليلٍ والناس نيام، كما اللصوص تماماً !! كيف لا واللص ينهب مالا،ً وهؤلاء ينهبون السلطة التى تمكنهم من نهب وسرقة مال الشعب نهاراً جهاراً .. اذاً الاثنان سيان فى مفسدة السرقة والنهب .. وهذه رسالة ليست بجديدة اثبتت صحة فحواها السنين والتجارب ومرور الحقب السياسية فى بلادنا، بل فى منطقتنا، لا بل فى اي مكان اخر من ارض الله الواسعة .. اليوم تقدمت التقنية وازدهرت وسائل الاتصال والتواصل وتوسع العلم وتفتحت العقول بعكس ما كان سابقاً .. فاصبحت قيادة الناس وتولي امرهم من اصعب الصعوبات وقمة المهالك، وان من يقترب من امر كهذا كانما رمى بنفسه فى عمق الهلاك .. ومن يرضى لنفسه هذا الخيار فلتكن له القدرة ان يحتمل لدغات المنتقدين وفجورة الخصماء، وتهكم المتهكمين، وكل بلاء يمكن ان يصدره العالمين، ليس عليه وحده فحسب، بل على اهله وازواجه واقربائه واصدقائه فجميهم معه يُرزلون ويسفهون .. ستُسب لاتفه الاسباب وستُلعن لاتفه منها .. وسيغضب عليك اصحاب الحاجات وستُسل ضدك كل السيوف الحارقات من الكتاب والصحفيين الصادقين منهم والمأجورين، بل صار القَدح والذم الآن ياتى من كل الدهماء والغوغاء الذين مكن الله لهم وسائل تواصل تغنيهم عن منابر إعلامية رسمية بكل اسلحتها المقروءة والمسموعة؛ والتي كانت فى يوم من الايام تتحكم فيها الحكومات وكانت هى مصدر الانباء وموجهات الراى العام الاوحد، وبها تُقاد الشعوب كما العميان .. لم يعد الناس يُحصرون ويُؤدلجون فى فكرةٍ او عقيدةٍ واحدة، تقودهم كما القطيع يحيون ويموتون عليها مهما اختلفت وتنوعت موجهاتها، حتى ولو كانت ديناً تسانده آيات الوعيد والعذاب والحساب اوالترغيب والبشريات ولو بعد حين، او استغلالاً لفطرة البساطة والسماحة التى هى من اعمق صفات اهل بلادي المنهكين .. فليعلم وليحذر القوم المتحاورين اليوم جلوساً في قلب عاصمتنا الخرطوم، ربيبة النهرين وملتقاهما، فليسمعوا وليعوا لو ان جلوسهم كان لصالح كرسيٍ او منصبِ وجاهِ يصيبوه و ينالوه سواء الذين احتضنوها ما يقارب الثلاثة عقود متتالية؛ او الذين يترقبون بالحوار اعادة احتضانها، فحوارهم عندئذٍ الى ما حاوروا اليه وبئس المصير، وليرجوا الراجيهم دنيا وأخرى .. اما ان كان حوارهم وزعقيهم وكتابهم الى مصلحة مواطن يصيبونها، وخير وزهد فذلك هو الكسب العظيم وهذا ما نرنو اليه ... وربنا يزيح الشينة والمنكورة ويكرمنا بانصلاح شأن هذه البلاد المختطفة .. وقياساً ان الامانة والمسؤلية عجزت وتمنعت عن حملها السموات والارض والجبال واشفقن منها وابين .. ولكن ويا للاسف يلهث اليها الساسة والطامحين والانتهازيين والفاسدين وتجار الدين، زحفاًو مشياً وجرياً ومكراً و وقتلاً والاخيرة هى الاشر والانكا... اللهم واهدي حكامنا (المكنكشين) الان والذين فى الصف منتظرين ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة