موسم الأضحى على الأبواب، وقد ارتفعت أسعار الخرفان هذا العام فوق قدرة المستهلك. إذ لا يعقل أن يصل سعر الخروف إلى مليونين ونصف المليون بالجنيه القديم. وحسب الحد الأدنى للأجور في البلد، والذي رفع مؤخراً ليصبح 425 جنيهاً بالجديد، ينبغي على العامل أن يوفر مرتبات ستة أشهر، وبالتالي يجب أن يصوم خلال هذه الفترة عن الأكل والشرب والكهرباء والمواصلات، وهو أمر يستحيل بلا مراء. إننا لندرك أن سعر الثروة الحيوانية في السودان يرتبط بسعر الدولار. الدولة تؤمل في زيادة الصادرات من الخرفان لزيادة دخلها من العملة الأجنبية التي باتت أصعب من خرط القتاد، كما يقولون، بعدما ذهب نفط الجنوب وتعطلت آلة الانتاج في كل قطاعات الاقتصاد تحت وطأة التمكين ومستتبعاته من سياسات خرقاء. لا غضاضة في أن تسعى الحكومة لرفع الصادر وزيادة النقد الأجنبي. فهذا شيء طبيعي. لكن، هل تشجع الدولة على ذلك؟ قطعاً لا تشجع الحكومة على حدوث تنمية حقيقية في قطاع من المفترض أن يمثل 20٪ من إجمالي الناتج القومي؛ ونحو 25٪ من دخل البلد من النقد الأجنبي. فهي لا تشجع على تنمية الصادر طالما تحرص على فرض رسوم عالية وجبايات متعددة، من زاد مجاهد إلى ثواب مؤمن. وكأني بهم يحملون الخروف الضعيف المسكين ما لا يقدر على حمله فيل بهيله وهيلمانه! من حق المواطن أيضاً أن يعرف أين تذهب هذه الضرائب والجبايات، فإن لم تذهب الحصيلة إلى خدمات أساسية في حياة الناس، خدمات ترفع عن كاهلهم أضرار تدهور البيئة بانتشار الذباب والبعوض وتلوث مياه الشرب، أقول إذا لم تذهب الضرائب إلى هذه الوجهات من الصرف فمعنى ذلك أنها توضع في نواحي صرف أخرى. ومن حقنا أن نعرف هذه النواحي، طالما أننا ندفع الضرائب رغم أنوفنا. كما تفتح الإنقاذ الباب واسعاً أمام السمسرة التي تزيد السعر زيادة وهمية في شكل مضاربات. وليس ذلك بمستغرب في بلد أصبحت السمسرة مصدراً رئيساً من مصادر الدخل لقطاع كبير من الناس يقودهم الكبار بحذق وشراسة. فإذا كانت الإنقاذ على استعداد للسمسرة في أراضي البلد بحاله، وفي مؤسساته التعليمية التي ظل يفاخر بها ردحاً من الزمن مثل جامعة الخرطوم، فلماذا لا يمهر في السمسرة زيد وعبيد؟ هذه العقلية من امتهان سبل كسب عيش سهلة لا تضفي قيمة على البلد تعتبر مسماراً دق عميقاً في نعش الاقتصاد السوداني، وليس سهلا إخراجه دون أن يترك جرحاً غائرا ونازفاً لا يندمل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة