نظرية أن هناك أيدي خفية تعمل على شل كل حركة إيجابية تصدر من حادب في أيي قطاع من القطاعات ، هي في حقيقة الأمر واقع ملموس في بلادنا ويمكن الإستدلال عليه بكثير من الأمثلة ، ما أن يُطل رجلٌ مُقنع ومُقتدر ومؤهل لقيادة مشروع ما بحِنكة وإقتدار نحو تحقيق أهدافه المرجوة إلا وأنتابني خوفٌ وتوجُس من إقتلاعه عنوةً وجوراً من موقعه ليحل محله من يستطيع أن يعكس السمات المشئومة لهذا العصر الضنين ، أول أمس الثلاثاء إستحضرت خسارات المشروع الثقافي القومي التي تكبدها (الوطن) والمواطن جراء وجود السمؤل خلف الله وزير الثقافة الأسبق خارج منظومة القرار الرسمي للمخطط الثقافي والإعلامي ، كنا في حضرة أمسية زكَّرتنا بالزمن الجميل وأناسه الساطعين ، لما إزدهت قاعة نادي المصارف بالإحتفاء بفوز الشاعر محي الدين الفاتح بجائزة شخصية مهرجان الشارقة العربي في دورته السابعة ، ومحي الدين الفاتح هو الرجل النخلة الذي إستطاع في غمرة إبداعه الرصين وجزالة مضامين كتاباته أن يُحافظ على تواجده في منطقة الوسط بين الكلاسيكية والحداثة بالقدر الذي جعل إلتفاف الناس حول أدبه متنوعاً ما بين نخبة وعامة ، وهو في ذات الوقت ما زال يتقرَّب إلى محبي الشعر والمهتمين بفعالياته بالتواضع والإصرار على المشاركة وتلبية الدعوات ، محي الدين الفاتح يمتزج إبداعه الشعري بقدرة متألقة ومؤثرة في فن الإلقاء والتأثير الصوتي و حِدة وضوح معالم الإيقاع في الكلمات حين يقرأ شعره ، وهو في ذات الوقت قد مُنح ربانياً سِحنةً عامة السودانيين الموسومين بعلاماتٍ من رهقِ الحياةِ وضوضائها وتفاصيلها اليومية ، هو في الواقع ثروةٌ أدبيةٌ كبيرة وجب أن تُكتنز بإسم الوطن والمواطن والنُخبة من أهل الشعر والأدب الذين يتطلعون إلى المزيد من (الإبتهاج) بوجوده في الساحة الأدبية أدام الله عليه نعمة الصحة والعافية ، أعود لما جاء في مقدمة هذا المقال لأقول أن السمؤل خلف الله رجل بعيد النظر في (إبداعه) المُتعلق بطرح نفسه على الآخرين عبر إزالة الحواجز النفسية والمقدرة على منح الإحساس لدى الآخر بأنه (يختصه) بجل الإهتمام والتفهم لمشكلاته ، ومن هذا المبدأ إستطاع السمؤل إبان توليه وزارة الثقافة أن يدلف إلى برامجه ومخططاته القومية عبر بوابة (عقول) المبدعين وأفئدتهم ، لم ينتاب الشك أحداً منهم في ذاك الأوان أن كافة المعايير التي يستخدمها الرجل لمعالجة المشكلات خالية من التأثيرات الإنطباعية والشخصية أوالمناورات الحزبية والتكتلات المهنية المتناحرة ، إستطاع الرجل حينها رغم سفور إتجاهه السياسي أن يكتب بوضوح قاعدة ( حيادية التعامل مع الفعل الثقافي ) وإقتصار معالجاته فيه على الإعتداد بالفن والإبداع والأدب الرصين ، ولكن كعادة مُجنَّدي تخريب الإنجازات ، فقدنا السمؤل فجأة ودون مبررات ولا مسوغات منطقية ، مما يُنبي أن ما جرى في أمرهِ ، هو إمتداد طبيعي لهوان أمر الثقافة في نفوس وعقول من يديرون هذه البلاد ، كما أنها إشارةٌ واضحة إلى صِحة المثل القائل الطيور على أشكالها تقع ، بالفعل كان السمؤل لا يشبههم ولا يتحدث لغتهم ولا يُعامل كما يُعامِلون ، فكان لابد أن (يطير ولا يقع) ، يعجبني فيه الإصرار والعزيمة وما يقوم به من مشاريع عظيمة عبر أروقة للثقافة والفنون ، والتي كان المهتمون قد قالوا عنها أنها ( منافس قوي ) لوزارة الثقافة ، غير أني أقول إنها بالفعل وزارة ثقافة غير رسمية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة