:: أيام زمان، كان الشاب يغترب ثم يعود بعد سنوات ب ( شيلة العرس)..ثم يبحث عن العروس..وبعد إختيار العروس - بواسطة والدته أو شقيقته- كانت الأزمات تطل في التفاصيل، وتعكر ( صفو الشيلة)..وعلى سبيل المثال، ( عروستك بتلبس جزمة مقاس 35 وانت جايب جزم مقاس 32)، أو (عروستك طويلة وانت جايب فساتين قصيرة)، أو ( إنت من زمن التوب ده؟، دي كانت موضة لمن انت سافرت)..هكذا كانوا يجردون محتويات حقائب العروس من قيمتها وجدواها.. ثم تبدأ، بأسواق دنقلا، رحلة إستبدال ( الشيلة الخليجية) بأخرى تناسب مقاس - ومزاج - العروس..!! :: وهكذا تقريباً حال التخطيط الإقتصادي في بلادنا.. قبل سنوات، عندما كان علي محمود وزيراً للمالية، إختاروا برنامجاً إقتصادياً وأسموه ( البرنامج الثلاثي)..وبعد ثلاث سنوات اكتشفوا بأن محتوى البرنامج الثلاثي لم يتناسب مع مقاس الوضع الإقتصادي ، إذ لم يزد - البرنامج الثلاثي - ذاك الوضع الإقتصادي إلا ( تضخماً) ثم إرتفعاً لسعر الدولار في السوق الموازي لثلاثة أضعاف ما قبل تطبيق البرنامج.. ولأن البرنامج الثلاثي ( ما جاب حقو)، أي لم يخفض سعر الدولار ولم تقلل نسبة التخفض ولم يزد الإنتاج، إستبدلوه ببرنامج آخر (مقاسو كبير شوية)، وهو المسمى حالياً بالبرنامج الخماسي ..!! :: ومن محن هذا البرنامج الخماسي، ارتفع سعر الدولار و بلغ حجم الاستثمار السوداني بإثيوبيا (2,4 مليار دولار)، وتم تصنيف السودان كثاني أكبر استثمار أجنبي بإثيوبيا، أي بعد الصين مباشرة.. أي بدلاً عن تخفيض سعر الدولار وجذب الإستثمار الأجنبي، طرد البرنامج الخماسي الإستثمار الوطني ورفع سعر الدولار .. ومع ذلك، يحدثنا علي محمود رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان - بصحف الأمس - أن هذا البرنامج الخماسي سوف يتعرض لتعديلات حتى يتناسب مع مقاس الواقع الاقتصادي .. وكما يقول، فأن فالبرنامج الخماسي يواجه بعض المتاعب ومنها إرتفاع سعر الصرف ومعدلات التخضم، ولذلك يجب تعديله بحيث يصبح البرنامج في (مقاس المتاعب)..!! :: لم يصفح علي محمود عن تفاصيل التعديلات المرتقبة، ولكن من وحي التجارب السابقة، يبدو أن المواطن على موعد آخر مع المزيد من المعاناة وضنك الحياة .. فالغلاء حالياً تجاوز طاقة المواطن، وكل يوم تشهد أسعار السلع ارتفاعاً، وكذلك سعر الدولار .. وبدلاً عن بحث أسباب الغلاء وإزالتها، فانهم - كالعهد بهم دائماً في كل عام - سوف يلطمون وجه المواطن بما يسمونها بسياسة رفع الدعم عن السلع، أي سياسة زيادة أسعار الوقود والقمح والكهرباء .. وكذلك - كالعهد بهم دائماً في كل عام - سوف يتحدثون عن الإصلاح الضريبي والجمركي بغرض (زيادة الإيرادات)، وهذا المسمى بالإصلاح الضريبي والجمركي حين يأتي متزامناً مع الرغبة في زيادة الإيرادات، يعني أن الضرائب والجمارك على موعد مع المزيد من (الزيادات)..!! :: هكذا البرنامج الخماسي، قبل وبعد التعديل المرتقب .. برنامج سياسته الأساسية تعكر صفو الإستثمار، و ترفع الدعم عن السلع مع زيادة الجمارك والضرائب عاماً تلو الآخر، أي معاناة المواطن هي (مورد الدولة).. والمؤسف في الأمر أن الذين أوصلوا اقتصاد البلد إلى هذا الدرك، هم الذين يتحدثون عن المستقبل و تعديل البرنامج الخماسي أو كما يفعل علي محمود حالياً .. وليس علي محمود وحده، بل كلهم عبارة عن (تجريب المجرب).. أي لا جديد في القطاع الاقتصادي بالحزب الحاكم، ولا جديد في اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، فالوجوه هي ذات الوجوه، والعقول هي ذات العقول .. ومع ذلك يحدثونك عن خطة المستقبل، وكأنهم لم يخربوا الماضي و يأزموا الحاضر ..!! fb
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة