الشعب الصابر سنين بالحالة المادغرية ، أمام حالة العبث التي آلت إليها الأوضاع وبدون الدخول في تفاصيل كل الإخفاقات والتملصات والأوهام ومسرحية حوار الطرشان التي تجري الآن بين مجموعة من الساسة عديمي الضمير الذين باعوا دماء الشهداء ، يتضح جلياً إعادة تدوير النفايات ، لذلك لا تفيد المراوغة في ظل قبول الشعب بأن يمثله نفس الأشخاص الذين باعوا دمائه في المرة الأولى ، وبدل الاستمرار في مضيعة الوقت، وتنظيم جلسات لا فائدة منها بعد ، وبدل الاستمرار الساذج في ممارسة الكذب بأسم المصلحة الوطنية ، ومادام الانقلابين والعديد من الأطراف السياسية والثقافية تتمادى وتصر على خراب السودان لمصلحتها الشخصية سوف يصبح السودان أربعة دول . لا شك أن حوار الطرشان يسير في الاتجاه السالب وهذا يرجع لحالة الغموض والانتظارية والعبث والضحك على الشعب ، هل يمكن أن يوقظ الشعب من أحلامه وكوابيسه ، للنظر في المرآة، وتجرع حقيقة الوضع بعد انكشاف الأوهام ، لم يعد ما يجري في السودان يقبل المجاملة بل انه الذي يستدعي عرض الوقائع كما هي حتى لو بدات لغة التعبير عنه مؤلمة أو جارحة للبعض ، حوار الطرشان التي يراهن الناس عليه معالجة همومهم والتخفيف من معاناتهم سوف يصبح وهم وسراب ، ويظل الشعب كل يوم يشعر انه كان ضحية لان المتحاورين مجموعة الساسة عديمي الشرف والأخلاق لا تهمهم مصلحة الوطن ، حيث أصبح طموح الشعب إلى التغيير المنشود وعتبات أبواب الدولة الحديثة خيال . لا يتردد الساسة المنافقون في السودان في إطلاق دعوات الحوار في كل مرة تشتد عليهم وطأة الضغوط الشعبية، ولكن دون تحديد القضايا والأسس التي يقوم عليها مثل هذا الحوار، ولا الأهداف والنتائج المتوخاة منه، ناهيك عن المواضيع التفصيلية التي يتناولها والأطراف المشاركة فيه . في الدول الديمقراطية، يجري الحوار بين الناس عبر المؤسسات المتخصصة والجامعات ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام والمؤتمرات السياسية والحملات الانتخابية واللقاءات الجماهيرية المفتوحة، التي تُطرح فيها المشاكل والبرامج السياسية والاقتصادية، والآراء المختلف حولها، ويشارك في هذا الحوار المستمر سياسيون واقتصاديون وأكاديميون ومفكرون وأدباء ومواطنون عاديون، وكلٌ يطرح رأيه وتبريراته، لكن القرار النهائي حول القضايا المطروحة تتخذه غالبية الشعب في صناديق الاقتراع. لم نسمع انقلابين دعوا خصومهم السياسيين إلى الحوار، لأن مثل هذا الحوار لن يقود إلى اتفاق، فالفرقاء متنافسون على السلطة وتقسيم الكعكة ، بينما الشعب هو الذي يختار من يراه الأصلح. يجب أن يكون الحوار علنيا ، ويقوده الخبراء والمفكرون والسياسيون والصحفيون ، ويحاولون إقناع الشعب بأفكارهم، وقد ينجحون في إقناعهم أو يخفقون، لكن الرأي النهائي حول القضايا المطروحة يتبلور في قول الشارع علي نتائج هذا الحوار ، الحديث عن ضرورة الحوار ليس جديدة، ففي آخر أيام حكومة البشير كان هناك حوار لكنه لم يحل المشكلة السودانية . سبب فشل الحوار في السودان هو أنه يجري بين سياسيين لا يمثلون أحدا من السودانيين عدا أنفسهم، ولا يثقون بأحد، ولا حتى ببعضهم البعض ، بل يسعون جاهدين لإضعاف بعضهم البعض ، والاستحواذ على المزيد من المكاسب على حساب الشعب أولا، وخصومهم ثانيا. مثل هذا الحوار محكوم عليه بالفشل قبل أن يبدأ، وهو إن نجح فإن نجاحه سيكون لصالح المتحاورين فحسب. الحوار المباشر في العادة يجري بين ممثلي الشعب السوداني من أجل وضع أسس جديدة لإدارة الفترة الانتقالية حتي وصول الانتخابات ، لكن الحاصل الآن ليس حوار وانما إتفاق جديد لتقسيم الكعكة هذا هو الذي يحصل في السودان ، فهذه المجموعات أن كانت مدنية أو عسكرية متحاورة فيما بينها على المكاسب، وهي تجلس أحيانا كي تتحاور حول كيفية إدارة خصوماتها البينية، لكن خصمها الأول يبقى الشعب السوداني والدولة السودانية . الحوار الذي يريده الشعب هو حوار يفضي إلي بناء دولة ذات سيادة، تكون فيها الحريات الشخصية والعامة مكفولة ومقدسة، ويكون السودان فيها حرا ومنفتحا على باقي دول العالم، ويقوده سياسيون أكْفاء وخبراء متمرسون .
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق June, 12 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة