"مواطني الشــرفاء .. لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية، فازدادت حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم اما لانعدامها أو لارتفاع أسعارها مما جعل كثيرا من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة ..."
كان هذا جزءا من بيان انقلاب 30 يونيو الذي تم عرضه قبل ثلاثة اسابيع بواسطة هيئة اتهام محكمة مدبري انقلاب يونيو، ولا بد ان قائد المحاولة الانقلابية الاخيرة "شالته الهاشمية" وهو يستمع الي ضابط اقل منه رتبة يتجاسر فيعتلي السلطة، لاسباب يراها تنطبق علي واقعنا الحالي. وربما نستنتج من ذلك ان فكرة المحاولة الانقلابية ربما خطرت للضباط المغامرين اثناء تبادلهم فيديو البيان الاول ل 30 يونيو عبر السوشل ميديا، فالبيان بث في المحكمة التي ينقل التلفزيون جلساتها علي الهواء، وقد كان ذلك قبل اسبوعين بالضبط من تاريخ المحاولة الفاشلة، فالسادة الضباط لم تكن محاولتهم اذن عن سبق اصرار وترصد مبكرين، ولهذا فقد يكون اقوي اسباب فشل المحاولة انه لم يخطط لها من وقت طويل.
لا بد ان هيئة الاتهام بحثت عن الاسطوانات الاصلية لمادة البيان الاول وغير مستبعد انها اثناء بحثها في محفظة المستندات القديمة، ربما وجدت بجانب بيان يونيو اسطوانات البيانات الاول لابراهيم عبود وجعفر نميري، وربما بدافع الفضول او لاي سبب اخر شغلوا تلك الاسطوانات وسري صوت الراحلين وهما يتلوان بيانيهما الذي كان احدهما قبل 63 عاما والاخر قبل 52 عاما، ثم ان بيان يونيو اذيع مرارا في كثير من القنوات التي تخصص بعضها في اعادة بث المواد التي تذاع مباشرة علي الهواء. الله وحده هو الذي يعلم الي اي مدي سرت تلك الكلمات النارية عبر الاثير!
اثناء تشغيل الاسطوانة في جلسة المحكمة حدثت اخطاء في التشغيل مما نتج عنه اعادات متكررة لبداية البيان، وما ادراك ما بداية البيان! فقد كانت مصاغة بلغة معبرة ومؤثرة مثل بدايات اغاني الحقيبة، كانت بداية بيان المخلوع كما يلي:
"ان قواتكم المسلحة المنتشرة في طول البلاد وعرضها، ظلت تقدم النفس والنفيس، حماية للتراب السوداني، وصونا للعرض والكرامة، وتترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى أوجه الحياة، وقد كان من أبرز صوره فشل الأحزاب السياسية في قيادة الأمة ...الخ"
هذه الجزئية اعيدت عدة مرات، فتخيل نفسك احد الرتب العليا لقيادات الجيش وانت تتردد علي مسامعك مثل تلك العبارات القوية: "قواتكم المسلحة المنتشرة .. تقدم النفس والنفيس .. تترقب بكل اسي وحرقة.."
ففي النهاية اليس اولئك الضباط بشر؟ اوليست تاسرهم الكلمة؟ والله ما كدت اراهم في المحكمة وهم يصرون علي تشغيل تلك الاسطوانة الا احسست ان اذاعة ذلك البيان الملعون لن تمر مرور الكرام.
كان يجب الا تذاع مثل تلك البيانات في الاعلام ابدا، بل ويجب ان تحرق اصول ونسخ تلك البيانات جميعها، ويذر رمادها في مياه المحيط، كما يجب المطالبة بحذفها من كل مواقع التواصل وغيرها، مثلما تحذف المواد التي تحرض علي العنصرية والعنف والارهاب.
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 27/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة