تمر اليوم الذكري ال 51 لإنقلاب 19 يوليو 1971 .. يُمثل هذا اليوم عند مُعظم الشيوعيون السُودانيون الحقيقيون يوم خالد ظلوا يتناقلون أدبياته ويجترون زكرياته ولايزال بعضهم يُنقب عنه وعن خفاياه لعظيم أثره علي الحزب وما تلاه من أحداث غيرت في الواقع السياسي وقتها بل وعلي كُل البلد وإمتد أثره طويلاً ، وعلي الرُغم من صمود الحزب بعده لحد كبير وتماسُكه إلا أن فقدان رجال وعقول بقامة عبدالخالق والشفيع وجوزيف قرنق وبابكر النور وهاشم العطا قد تركت تأثيراً بالغاً داخل الحزب وخارجه .. تختلف أو تتفق مع هؤلاء الرجال إلا أنك لا تملُك إلا أن تحترمهم لثباتهم علي مواقفهم وقتها وتحملهم نتائج قرارهم الخاطئ ولفداء بعضهم خاصة عبدالخالق وبعض العسكريين منهم لآخرين كانوا ضمن الأحداث وتخطيطها وتنفيذها .. بعد كل تلك السنوات جرت مياه كثيرة تحت الجسر بالنسبة للحزب الشيوعي ، إنهارت المنظومة الإشتركية و تفككت و ذبُلت النظرية الماركسية و إنخفض صوتها لادني درجاتها و تبدلت مفاهيم وتغير واقع عالمي وإقليمي ومحلي وظهرت أجيال مُتعددة ومُختلفة داخل الحزب وخارجه ، وإستولي الأعداء المُباشرين تاريخياً للحزب وهم الإخوان المسلمين والإسلاميين علي مقاليد الحُكم لثلاث عقود متواصلة حكموا بالبطش والقبضة الأمنية والعقلية المُخرّبة الإقصائية ولايزال أثرهم وتأثيرهم موجود ، وقامت أعظم ثورة في القرن العشرين يقودها جيل مُصادم وشابات وشباب واعي وغيور علي هذا الوطن وحريص علي التغيير ومعهم نساء ورجال ثوريون وديمُقراطيون آمنوا بوطنهم والدولة المدنية الديمُقراطية وسُودان جديد ومُتقدم .. والناظر لواقع الحزب الشيوعي السُوداني الآن وموقعه يجده ليس بالتأكيد حزب عبدالخالق ولا الشفيع أحمد الشيخ وفاطمة وجوزيف قرنق وقاسم أمين والوسيلة والجزولي سعيد وعمر مصطفي المكي وعبدالمجيد شكاك والخاتم و لا نقد والتجاني و يوسف حسين وكرومة وعلي الماحي والسعودي دراج و عبدالحميد علي وخليل الياس وحسن شمت ومحجوب شريف ومحجوب خالد وغيرهم ممن نشأ الحزب وقام في وجودهم تتفق أو تختلف معهم لكنك حتماً تحترمهم وتُقدرهم .. وكانت لهم كاريزما وحضور داخل الحزب وخارجه وتأثير علي مُحيطهم .. نعم لم يرتبط الحزب بالأسماء ولكن ليس كُل الكوادر والشيوعيون والقيادة سواء .. ورث الحزب نتيجة لعوامل عديدة ليس مجال ذكرها الآن أضعف وأوهن قيادة مرت علي تاريخ الحزب مُنذ التأسيس وخلف عوض عبدالرازق وعبدالخالق ونقد أضعف سكرتير سياسِي والأفقر فكرياً وتنظيمياً وظل يقبع بموقعه مُنذ رحيل نُقد في 2012 ولمدة عشرة أعوام شهدت نزوح و رحيل و فصل وتشريد وتهميش ماتبقي من عناصر شيوعية وديمُقراطية كانت تصنع الفارق داخله ليسود الضعف والجدّب واحد من أعرق وأقدم الأحزاب السياسية السُودانية .. مثلت القيادة الحالية حالة الإختطاف للحزب ولقراراته وأحالت الحزب لصوت نشاز مابين القوي السياسية وحلقات الديمُقراطيين وكياناتهم ممن تحالفوا تاريخياً مع الحزب ضمن خط اليسار ... فشلت قيادة الحزب في إدارة الصراع الفكري الداخلي وعجزت عن إحتواء مشاكل تنظيمية طبيعية فلجأت لتصفية وتقطيع اوصال الحزب بدعاوي تطبيق اللائحة ولم تعطي للمسار الديمُقراطي الناشئ داخله مساحة للظهور أو التمدد ، ولم تصنع أي تغيير سواء في المؤتمر الخامس أو السادس وإنما أحكمت مُعظم القيادة الناتجة عن المؤتمرين قبضتها وسطوتها الداخلية وفي وجود ذات السكرتير السياسِي محمد مُختار الخطيب والذي لم يكن يعرفه مُعظم أعضاء الحزب وقيادته وليس له أي تاريخ يؤهله لشغل هذا المنصب الهام والذي هو بحسب هيكلة الحزب ولوائحه يجعله مُمسكاً بأهم مفاصل الحزب وأسراره والمُتحكم ضمن آليات المركزية في قراراته وخطه السياسي ومعه قلة قليلة داخل الحزب ، فقدأتي الخطيب فقط لتمرير توازن يُتيح للحزب التماسك بعد ظهور بوادر للصراع ويقي الحزب شر الإنقسام عقب وفاة نُقد وماقبل المؤتمر الخامس .. والمُتابع لحال الحزب الآن ومن أبسط المُتابعين لمجريات الأمور خاصة بعد الثورة ومابعد إنقلاب 25 أُكتوبر بل ومن أُناس عاديون وغير مُنتمين سياسياً ظل يضرب كفاً بكف حسرةً و يرفع الحواجب دهشةً و حيرة علي ما آل إليه حال الحزب من توهان وفقدان للمنطق وتخبُط وضُعف وركاكة فكرية تظهر في بيانات وتصريحات قيادته والمتحدثين بإسمه و التي كانت في السابق مثالاً للرصانة والعُمق و التأثير الثوري والإيجابي .. فأضحت مثالاً للتندر و الضحك بل والشماتة من أنصار العدو التاريخي من الإسلاميين الذين تخلو بيانات الحزب لذات القيادة من ذكرهم كاعداء مُباشرين للثورة والدولة المدنية الديمُقراطية ولأحلام بنات وشباب الشعب السُوداني ولناشدي التغيير الحقيقي .. ولعل آخر تلك البيانات ما صدر بالأمس من سكرتارية اللجنة المركزية في تفسيرها لأحداث النيل الأزرق فصمتت عن ذكر الفاعل والمُحرض الأساسي وعدو الشعب السُوداني الأول من الإسلاميين والكيزان وكوادرهم ولم تُشر إليهم لا من بعيد ولا من قريب ، ولكنها تواصل في ذات خطها في إستعداء الشعب علي بقية القوي السياسية وتجريمها سواء في الحُرية والتغيير ككتلة أو حتي كأحزاب دونما مراعاة لأصول ومبادئ الديمُقراطية في إدارة الحوار مع المُختلف وفي ضرورة التحالف مع المُختلف علي الحد الأدني لإسقاط الإنقلاب ولتوحيد الشارع الثوري الذي يُجمع علي الديمُقراطية وقيام الدولة المدنية الديمُقراطية ، بل وساهمت قيادة الحزب الشيوعي الحالية في بث خطاب الكراهية المُعادي للأحزاب وللقوي السياسية في تناغم وإتفاق مع العدو الذي كان تاريخياً للحزب الشيوعي وهم الكيزان والإخوان المُسلمين ، فأي بؤس وصل إليه حال الحزب الشيوعي السُوداني وبفضل قيادته الحالية التي لاتبرع إلا في التجاهل أو نسج المؤامرات و قصص الخيال المريض ضد خصومها السياسين والمختلفين معها فكرياً وسياسياً ، فبدلاً عن مُقارعتهم فكرياً والحوار معهم ديمُقراطياً للوصول لتفاهمات هي في الأساس مُلزمة لقيام الديمُقراطية ولفعل التغيير في البلد ولنجاح الثورة وتحقيق أهدافها ومطالبها .. لذلك ظللنا وفي شبه يقين نُردد أنه وفي وجود هذه القيادة الحالية للحزب الشيوعي السُوداني سيظل هنالك حجر عثرة يمنع ويعوق التغيير في بلادنا وبلا شك فهذا نصرٌ عظيم للكيزان والعسكر ولأعداء الثورة وقوي الثورة المُضادة .. ختاماً فعفواً ففي ذكري 19 يوليو ورحيل عبدالخالق والشفيع وجوزيف قرنق بحثنا عن الحزب الشيوعي السُوداني فلم نجده وتيقنّا أنه صار حزباً مُختطفاً لأضعف قيادة مرت عليه وأوهنها وعلي من تبقي داخله مُحاولة تصحيح الوضع من الداخل وعودته ضمن خط الجماهير المُعادية للكيزان وخطهم! .. نضال عبدالوهاب 19 يوليو 2022 ..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق July, 18 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة