في آخر الليل الذي اسرى دلف الجنود بجثتين إلى الجبانة الكبرى الجثة الأولى جسد نحيل خلته جسدي فوجدته بلدي لا فرق يا مولاي بين النهر و المجرى و الجثة الأخرى جسد نحيل خلته و لدي فوجدته جسدي لا فرق يا مولاي بين الموت و الميلاد و المسرى مليونية أخرى في السابع عشر من يوليو ٢٠٢٢م، جاءت كسابقاتها في طريق تراكم واثق من أهدافه المتمثلة في شعارات الثورة من حرية و سلام و عدالة ، و مؤكدة لجسارة شعب وطّن نفسه على لاءاته الثلاثة التي تقود حتماً الى تغيير جذري ، ينقل البلاد من دولة التمكين إلى دولة كل السودانيين القائمة على المواطنة ، و التي تستمد جذريتها من ضرورة تحطيم التمكين بالشرعية الثورية ، و بناء دولة مدنية خالصة تسمح بالانتقال المنشود و التحول الديمقراطي ، و الذي يستحيل حدوثه عبر الشراكة مع اللجنة الأمنية لنظام التمكين. وصول الثوار الى محيط قصر العصابة الحاكمة ، اكد تصميم شعبنا على رفض التفاوض مع الانقلابيين ، الذي يسميه البعض بالعملية السياسية من باب التدليع و خوفا من رفض الشعب للتفاوض ، و كأن الثورة ليست عملية سياسية، و كأن النضال من أجل اسقاط التمكين ليس عملية سياسية ، بل كأن كل ما يقوم به شعبنا من نشاط ثوري ليس عملية سياسية. و لو كانوا صادقين لأسموها العملية السياسية التفاوضية ، حتى يتم تمييزها من العمليات السياسية الأخرى ، او ان يقولوا التفاوض مع الذراع الضاربة للإنقاذ للوصول إلى تسوية سياسية. و لكنهم بكل أسف لا يملكون الشجاعة لقول ذلك. موقف الشارع من هذه الالاعيب التي تدعي ان تصفية دولة التمكين ليست جذرية ، و ان الجذرية تعني ثورة بروليتارية ، و أن التفاوض عملية سياسية و غيره من سبل النضال ليس كذلك ، لم تعد تنطلي على شعبنا العظيم و شارعه المثابر ، الذي قابلته العصابة الحاكمة بالقمع المفرط كما هو متوقع ، و بتدابير امنية واسعة ، أدت الى إصابات لعدد ليس بالقليل من الثوار. و لم تكتف العصابة بإجراءات قمع المظاهرات فقط ، بل آزرتها في مسيرتها السياسية الفاشلة بتكتيكات أخرى. بدأتها بخطاب زعيمها الذي كرسه لإعلان انسحاب عصابته من العملية التفاوضية المدلعة باسم العملية السياسية لرفع الحرج ، و ذلك بهدف إعادة تموضع و تمركز اللجنة الأمنية فوق عملية التفاوض ، بعد أن حدد قائدها سقف التفاوض بتشكيل حكومة او سلطة تنفيذية فقط ، ليحتفظ لعصابته بالسلطة السيادية و التشريعية و تبعية السلطة القضائية غير المستقلة ، و يخرج القوات المسلحة و الجنجويد و جهاز الأمن و القوات النظامية من سلطة هذه الحكومة، التي اشترط ان تكون حكومة كفاءات ، و يخرج بالتالي اكثر من ٩٠٪ من اقتصاد البلاد من سلطة هذه الحكومة الوهمية التابعة عمليا لسلطة و دولة العصابة الحاكمة. و لدعم سلطة العصابة المعزولة التي فشلت و معها المجتمع الدولي الراغب في تعويمها في فرض عملية التفاوض على الشارع السياسي ، اوغلت هذه العصابة و حلفائها من حركات مسلحة قادمة عبر اتفاق جوبا الخطير على امن الوطن و نسيجه الاجتماعي ، في الانعطاف نحو مؤسسات المجتمع الأهلي بعد الفشل في استقطاب المجتمع المدني . و اتبعت سياسة فرق تسد بين القبائل ، لتأتي على اثر ذلك احداث جنوب النيل الأزرق المؤسفة ، بين المكونات القبلية في المنطقة ، و يرتقي فيها عدد من الشهداء. و العصابة و شركائها يتحملون المسئولية الكاملة عن هذه الأحداث ، لمحاولتهم تغيير تركيبة السلطة الاهلية لنيل الدعم على أساس قبلي. و المطلوب من شعبنا و قواه الحية، الوقوف ضد محاولات تسييس القبائل و الإدارات الأهلية لاكتساب الدعم و استبدال القوى السياسية بها ، و أن يعمل على التصدي لهذه المحاولات القذرة للعصابة و يرتق نسيجه الاجتماعي، بإعادة بناء لجان مقاومته من كافة أطياف أبناء شعبنا ، كمؤسسات سياسية حديثة موحدة للقوى الحية. و لا يفوت على فطنة المتأمل للأزمة ، ان هذه الأحداث المؤسفة الناتجة عن تسييس العصابة و شركائها للقبائل و توظيفها سياسيا على أساس تمييزي، مواكبة ذلك للخطاب العنصري الكريه الذي قدمه رئيس العصابة في اثناء تواجده في منطقته اثناء عطلة العيد، و الذي عكس بوضوح مشروع هذه الطغمة الحاكمة و ما تدبره من مؤامرات لتفكيك لحمة الشعب السوداني وتهديم نسيجه الاجتماعي. بتماسك قوى شعبنا الحية ممثلة في منظماتها الثائرة ،من لجان مقاومة ، تجمع مهنيين ، و لجان تسيير نقابات لا بد من استكمالها على أساس فئوي ، و منظمات مجتمع مدني بمختلف أنواعها ، و أحزاب ثورية متمسكة باللاءات الثلاثة ، و بتحرك واعي و منظم نحو التوحد خلف ميثاق واحد ، و خلق مركز تنسيقي موحد، يستطيع شعبنا أن يتخطى الالاعيب اللفظية المضللة ، و يسقط التسوية ، و يرتق نسيجه الاجتماعي ، و يسقط دولة التمكين ، و يبني دولته التي يحلم بها ، و هذا حتماً ما سيتم. المجد و الخلود للشهداء ، و الشفاء العاجل للجرحى ، و العودة الحميدة للمفقودين. و قوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!! ١٨/٧/٢٠٢٢
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق July, 17 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة