من فوضى أشباه الدول، أن كل شيء فيها اعتباطي، فالقانون -ونتيجة لانعدام المؤسسية في أشباه الدول- يتحول إلى لعبة قابلة لتغيير قوانينها كلما شعر طرف ما بالقوة والهزيمة. وهكذا تبدو المحاكمات في السودان، منذ الاستقلال مروراً بمحاكمة الشيوعيين ومحمود محمد طه وانقلابيي رمضان وانتهاء بالبشير ألعاباً هزلية. إن كل شيء سخيف، والبيئة ملوثة ببدائية العقل. إن كل الموجودين الآن في الساحة يمكن محاكمتهم على جرائم متنوعة في أشباه الدول بالخيانة والتآمر والتخابر مع دول أجنبية وانتهاء بتقويض النظام الدستوري، في دولة (لم يكن فيها دستور ولا حتى نظام دستوري حتى اليوم). إن كل المشهد في شبه الدولة السوء دانية، مشهد تراجيدي ومسرحه شديد العتمة، منذ المهدية بل وما قبلها وحتى اليوم. إنه مشهد كئيب، حيث يحيا الإنسان ويموت ولا فرق بين حياته وموته. إن المتنطعين لدى كل طرف (بأسرهم) كئيبون ومزيفون، وفيهم بله مختلط بامراض النفس، وحين يجتمع المرض والبله، فلا ينشر أجنحته البغيضة في سماوات الشعوب سوى الشر المحض. إن المأساة الحقيقية هو أولئك الذين يُقتلون بلا نتيجة منذ عنبر جودة وانتهاء بالمحتجين والمتظاهرين. وما بينهما من إعدامات وتصفيات واغتيالات وإبادات جماعية. إن الإنسان يبدو شديد التفاهة هنا، ولكن ليس إلى هذه الدرجة من العبثية. ... لقد حاول أحد الشعراء الذين عرفتهم العبور بمراكب الموت إلى أوروبا ولكنه غرق أو أُغرق. وكتبت حينها، إن المسألة لا تتعلق بالوصول إلى أوروبا، بل بإعلان الرفض ومقاومة للا معنى الذي يعيشه الإنسان هنا. فليرقد أخيراً بسلام..
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 27/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة