الإتفاق النهائي (تقنين شراكة الدم الجديدة) كتبه د. أحمد عثمان عمر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 10:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2023, 01:23 PM

د.أحمد عثمان عمر
<aد.أحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 01-13-2014
مجموع المشاركات: 195

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإتفاق النهائي (تقنين شراكة الدم الجديدة) كتبه د. أحمد عثمان عمر

    01:23 PM March, 29 2023

    سودانيز اون لاين
    د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر
    مكتبتى
    رابط مختصر




    أخيراً وبعد مراوغة من جميع أطراف التسوية لتحقيق مكاسب في محاصصة السلطة وتوزيع أدوار، تسربت مسودة الاتفاق النهائي لشراكة الدم الجديدة، التي لم تزد على كونها تأكيداً للمؤكد وتفصيلاً طبيعياً لما ورد في الاتفاق الإطاري. وبالرغم من أننا نخشى من الإنكار المتعود عليه أن تكون المسودة هي الاتفاق أو أن تخرج مسودات أخرى أو حتى نسخ أخرى أسوةً بالوثيقة الدستورية المعيبة، لا مناص من التعليق على هذه المسودة لخطورتها وتكريسها لسلطة اللجنة الأمنية للإنقاذ مع تقديم مسحة تجميلية لإستبدادها، وتوفير واجهة مدنية لها، تماماً مثل ماحدث في الاتفاق السياسي السابق المؤسس للوثيقة الدستورية الكارثية التي تم عبرها إحتواء الثورة توطئة لتصفيتها. وقبل الخوض في تفاصيل ملاحظاتنا، من المهم التأكيد بأن جوهر هذا الاتفاق هو ما يلي:
    ١- شراكة بين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير (قحت) وبين المجرمين في اللجنة الأمنية للإنقاذ، الذين إرتكبوا جرائم موصوفة منها تقويض النظام الدستوري والتمرد بتنفيذ إنقلابين عسكريين، وجرائم ضد الإنسانية بفض إعتصام القيادة العامة وقتل المتظاهرين السلميين.
    ٢- تكريس الإفلات من العقاب وعدم المحاسبة، بالإبقاء على المجرمين في مواقعهم القيادية بالأجهزة الأمنية وتمكينهم من الإستقلال التام بها وتكليفهم كمخربين بإصلاح ماقاموا بتخريبه!!
    ٣- شرعنة الجنجويد وإعتبارهم قوة نظامية ذات وجود مستقل برغم زعم تبعيتها للقوات المسلحة، والحديث عن جيش مستقل ومهني تدمج فيه هذه المليشيا لاحقاً دون تحديد قيد زمني لهذا الدمج ولا كيف يصبح الجيش مهني بعد دمج مليشيا قبلية وجهوية فيه.
    ٤- الإحتفاظ بجهاز أمن الإنقاذ كاملاً غير منقوص والإعتراف به كجهاز مخابرات للشعب السوداني، وهو تنظيم حزبي خالص للحركة الإسلامية.
    ٥- خلق مجلس أمن ودفاع حتماً ستكون الأغلبية فيه للعسكريين وحلفائهم، قراراته ملزمة لرئيس الوزراء الذي يرأسه، في وجود مهام مبهمة وفضفاضة تمكنه من السيطرة على الحكومة المدنية.
    ٦- تكريس إتفاق جوبا كإتفاق سلام وجزء من الدستور القادم، بالرغم من ثبوت أنه مجرد محاصصة بين العسكريين وداعميهم من الحركات المسلحة الموقعة عليه.
    ٧- السكوت المخزي عن إلغاء كل القرارات والتشريعات الصادرة عن الإنقلابين (إنقلاب القصر في ٢٠١٩م وإنقلاب أكتوبر ٢٠٢١م)، مما يعتبر شرعنة لها.
    ٨- الفشل في تقديم أي تصور عملي ومنطقي لمعالجة مشكلة المؤسسات العدلية التابعة للإنقاذ وخصوصاً القضاء والنيابة العامة.
    بناءاً على ما تقدم من تحديد لجوهر الاتفاق النهائي حسب مسودته، نوجز ملاحظاتنا الأولية (أولية تحوطاً لعملية الإنكار المعتادة) عليه فيما يلي:
    الديباجة:
    خلت الديباجة من توصيف الأزمة التي إستدعت الاتفاق، ومن مجرد إشارة إلي وجود إنسداد سياسي بسبب الإنقلاب الأخير، وذلك حتى لاتجد القوى التسووية بداً من معالجة تداعيات هذا الإنقلاب، وحتى يتم رفع الحرج عن مرتكبي هذه الجريمة بوصفهم شركاء أصيلين في هذا الاتفاق. لذلك كان من الطبيعي أن يترتب على ذلك خلو الاتفاق من أي نص يلغي جميع القرارات والأوامر والتشريعات التي صدرت عن هذا الإنقلاب، وهذا يعني شرعنتها تماماً مثلما شرعن إتفاق برهان/حمدوك الإنقلاب وبنى عليه، حيث تم تأييده من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس فولكر عراب هذا الاتفاق!!! وهذا يعني أن كل العبارات الإنشائية المكتوبة، تظل مجرد ذر للرماد في العيون، لأنها لا تعالج مشكلة لم يتم توصيفها بالأساس، وتم الإجتهاد في إخفائها والتدليس بشأنها.
    المبادئ العامة:
    ١. تم الزعم بأن "السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية خلال فترة الإنتقال"، وهذا لعمري هو الكذب الصراح!! فمشاركة العسكريين في التفاوض على هذا الاتفاق الذي كرس إنفرادهم بأجهزة القمع، يؤكد أن هذه الدولة الإنتقالية غير مدنية، أما الزعم بأنها ديمقراطية، فهو أمر غير مسبوق، لأن الدولة الديمقراطية تقوم على دستور ديمقراطي المحتوى تم تشريعه بصورة ديمقراطية عبر جمعية تأسيسية أو إستفتاء أو الإثنين معاً، حكومتها منتخبة ومجلسها التشريعي كذلك، وهذا أمر مستحيل في مرحلة الإنتقال. لذلك الدولة في هذه المرحلة هي دولة إنتقالية في إطار تحول ديمقراطي وليست ديمقراطية بأية حال من الأحوال، حتى وإن تبنت مبادئ ديمقراطية.
    ٢. تم الزعم بأن من بين المبادئ ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة بما فيها آليات العدالة الإنتقالية، ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب. والسؤال البدهي هو كيف يتم ذلك والاتفاق نفسه سمح لعتاة المجرمين بأن يصبحوا طرفاً في تحدي مصير الشعب بأكمله وأن يحتفظوا بمناصبهم التي مكنتهم من إرتكاب تلك الجرائم؟ كيف ستتم محاسبة أعضاء اللجنة الأمنية للإنقاذ عن الإنقلابين و عن جرائم فض الإعتصام و جرائم قتل المتظاهرين وهم طرف أساسي في هذا الاتفاق الذي يكرس حصانتهم و يمكنهم من الإفلات من العقاب؟
    ٣. تم التأكيد على جيش مهني قومي واحد، ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة، وهذه بالتأكيد مجرد نكتة سخيفة في ظل الإعتراف بمليشيا الجنجويد بوصفها قوات نظامية، وبتبعيتها الشكلية للجيش في ظل المناداة بإدماجها في فترة لاحقة.
    ج. قضايا ومهام الإنتقال:
    يلاحظ ومنذ الوهلة الأولى أن هذه القضايا والمهام تتجاهل عمداً تصفية آثار إنقلاب أكتوبر ٢٠٢١م، وهو أمر لا يمكن أن يحدث بدونه أي إنتقال في ظل سريان مفاعيل وتداعيات ذلك الإنقلاب. ويعزز شكلية ورود هذه المهام، إستحالة إنجاز العديد منها ونمثل له بما يلي:
    ١. الإصلاح الأمني والعسكري المتروك للجهات المحتاجة للإصلاح لتقوم به بنفسها. والتجربة في السنوات الماضية أكدت بأنها لن تقوم بأي إصلاح حقيقي. والسؤال هو: ماذا سيحدث إن لم تقم هذه الجهات بإصلاح نفسها؟ والإجابة حتماً هي لاشئ. الأسوأ من ذلك هو أن المطلوب بالفعل ليس إصلاحاً، بل تغيير جذري يشمل حل جهاز أمن الإنقاذ بدلاً من شرعنته، وحل الجنجويد، مع إعادة هيكلة شاملة للقوات المسلحة تضمن إخراج جنرالات الإنقاذ من قيادتها، وفصل عضوية الحركة الإسلامية المنظمين منها، وذلك عبر قرار سياسي يعيد المفصولين من الضباط الوطنيين بواسطة الإنقاذ، ويمكنهم من قيادة القوات المسلحة والقيام بعملية إعادة الهيكلة المطلوبة وإنجاز التغيير.
    ٢. لا يمكن إطلاق عملية شاملة تتحقق بها العدالة والعدالة الإنتقالية، إلا إذا كان المقصود بالإطلاق هو بداية هذه العملية دون إكمالها والوصول بها إلى غاياتها، بحيث تصبح عملية تغطية للجرائم مثل لجنة التحقيق في جريمة فض الإعتصام. فمبادئ العدالة الإنتقالية الأربعة المتمثلة في الملاحقة الجنائية والحقيقة وجبر الضرر ومنع العودة لإرتكاب الجرائم، لايمكن تطبيقها في ظل وجود المجرمين في قمة الأجهزة الأمنية والعسكرية.
    ٣. الإصلاح القانوني وإصلاح الأجهزة العدلية بما يحقق إستقلاليتها ونزاهتها أمر غير متصور، في ظل عدم وجود جهاز تشريعي فاعل وثوري، وفي ظل تحكم الإنقاذ في مرفق القضاء، والدفاع عن عدم إستقلاليته بتوظيف مبدأ إستقلال القضاء ضد هذا الإستقلال!! فالمطلوب أيضاً هو تغيير وإعادة هيكلة الهيئة القضائية لأنها غير قابلة للإصلاح، وكذلك هو الأمر فيما يخص النيابة. فالإنقاذ عملت على تخريب هذه المؤسسات وتحويلها إلى فروع حزبية، وإلغاء حيدتها ونزاهتها. والتغيير وإعادة الهيكلة تتم بقرارات سياسية قائمة على شرعية ثورية لا على تسوية مع الذراع الأمنية العسكرية الضاربة للإنقاذ والحامية للتمكين.
    ٤. إزالة تمكين نظام ٣٠ يونيو ٨٩ مجرد قول مرسل لايمكن تحقيقه. فببساطة التمكين في جوهره هو هذه الذراع العسكرية الأمنية للنظام، التي ستستمر في السيطرة على كل أجهزة القمع وممارسة العنف، مع الإحتفاظ بكل مكتسباتها المالية والاقتصادية التي حققتها خلال فترة ممارستها للنشاط الاقتصادي، لأن الاتفاق سكت عنها وعن النص صراحة على إستردادها منها، والإستمرار في ممارسة هذا النشاط تحت دائرة الإستثناء الذي منحه لها الاتفاق كما سنرى لاحقاً.
    ٥. إنتهاج سياسة خارجية متوازنة مجرد إدعاء لايمكن تحققه، طالما أن الاتفاق لم ينص صراحة على الإبتعاد عن سياسة المحاور، ورفض الإنتقاص من السيادة الوطنية بمنح القواعد العسكرية للدول الإستعمارية، ومنع إنتهاج سياسة إستثمارية تفضيلية لدول بعينها.
    د. هياكل السلطة الإنتقالية:
    ١. يلاحظ أن المجلس التشريعي نصه المقنن معيب الصياغة بحيث لا يعلم ماهو الحد الأدنى لعضويته إلا إستنتاجاً، وهو إستثنى من عضويته أعضاء المؤتمر الوطني فقط، وفتح الباب واسعاً أمام جميع القوى بما فيها تلك التي سقطت مع المخلوع البشير. كذلك إحتفظ لأطراف العملية السلمية ب ٢٥٪ دون أن يعرفها!! والمعلوم أن هذه الأطراف تشمل حركات إتفاق جوبا والحكومة التي مثلها دون وجه حق حينها زعيم الجنجويد وهو لم يكن عضواً فيها، فهل هذا يعني أن للحكومة القادمة أن تقتسم هذه النسبة مع الحركات المسلحة؟ التفسير الواضح هو أن النسبة مخصصة لحركات محاصصة جوبا، ولكن سوء الصياغة أمر بادي الوضوح في هذا الاتفاق.
    الأهم من كل ذلك هو أنه لايوجد سقف زمني لتكوين هذا المجلس المزعوم، مما يعني أن الحكومة هي من ستستقل بالتشريع وفقاً لمراسيم كما سنرى لاحقاً. وقد تستمر هذه الحالة الشاذة حتى نهاية الفترة المسماة إنتقالية كما هو مرجح. والجدير بالذكر أن الاتفاق تفوق على الوثيقة الدستورية المعيبة التي قصرت سلطة المجلس على التشريع لمهام الإنتقال فقط، حيث منحه سلطة سن القوانين المتعلقة بالحريات والتحول الديمقراطي، ولكنه للأسف لم يعرف ماهو المقصود بالتحول الديمقراطي. ولا يفوتنا أن ننوه إلى ماورد حرفياً بالفقرة (٣) كما يلي: " بإستثناء ماتم النص عليه حصراً في هذا الدستور....."، مما يشي بأن النص منقول من دستور الراجح هو المشروع المنسوب إلى لجنة تسيير نقابة المحامين، وهذا يؤكد العلاقة بين الوثيقتين وأنهما جزء من مشروع واحد من جهة، كما يؤكد سوء الصياغة والنقل الأعمي غير المبصر من ناحية أخرى، إذ أننا هنا بصدد إتفاق لا دستور.
    ٢. السلطة السيادية المتمثلة في مجلس السيادة، أتت مبهمة، لم يحدد النص عليها عدد أعضائها، ولا آلية تكوينها، بالرغم من أنه أسند إليها مهمة القائد الأعلى للقوات النظامية، مع الكثير من الإختصاصات الهامة. فهي على سبيل المثال، تقوم بتعيين رئيس الوزراء (أي تتحكم في تعيينه)، وهي غير معلومة ولا معروف كيفية تكوينها ولا عضويتها ولا يوجد قيد زمني على هذا التكوين. وهذا يعني أن سلطة تعيين رئيس الوزراء ممنوحة لجهة غير معلومة عبارة عن مسمى فقط، وهي في رحم غيب لايعلمه إلا الله!! كذلك تم منح هذه الجهة سلطة تعيين المجلس العدلي المؤقت الذي سيختار رئيس القضاء ونوابه والنائب العام ومساعديه ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، وكل هذه الأجهزة العدلية، غير معلوم ماهية الجهة التي تقوم بتعيين من يعينها، والاتفاق برغم ذلك يحدثنا عن إصلاح هذه الأجهزة، فتأمل!! أيضاً هذه الجهة هي التي تعين القائد العام للقوات المسلحة بعد ترشيحه من تلك القوات، وقائد الدعم السريع بعد ترشيحه من الجنجويد، ولو تجاوزنا صفحاً عن زعم الترشيح لأنه لايتصور أن تجري انتخابات داخل هذين الجهازين، نعلم تماماً سبب الإبهام الموجود في هذا الاتفاق فيما يخص طبيعة هذا المجلس السيادي. ويبقى السؤال المهم: ماذا إذا لم يتم الاتفاق على طبيعة هذا المجلس وتكوينه والقيد الزمني لهذا التكوين؟ كيف سيتم تعيين كل المذكورين أعلاه حينها؟
    ٣. رئيس مجلس الوزراء تقوم قوى الثورة الموقعة على الاتفاق السياسي بالتشاور بإختياره، وبما أن قوى الثورة غير معرفة، والاتفاق السياسي غير معرف أيضاً، فمن حقنا أن نعتبر هذا الاتفاق النهائي هو الاتفاق السياسي المقصود، وعليه يصبح العسكريين والأمنيين المجرمين، جزء أصيل من قوى الثورة وشركاء في إختيار رئيس الوزراء!! أما إذا اعتبرنا أن الاتفاق السياسي المقصود به إتفاق آخر لم يوقع عليه هؤلاء الشركاء المجرمين، فهم أيضاً شركاء في إختيار رئيس الوزراء بإعتبار أن الإختيار يتم بالتشاور الذي لم تعرف أطرافه، مما يجعل كل الموقعين على هذا الاتفاق النهائي طرفاً في إختيار رئيس الوزراء. ولك أن تتخيل حكومة مدنية مزعومة يتحكم في إختيار رئيس الوزراء الذي يشكلها العسكريين والأمنيين في اللجنة الأمنية للإنقاذ، كما يتحكم في تعيين رئيس وزرائها مجلس سيادة غامض لاشئ يمنع أن يكون بمجمله تابع لهذه اللجنة الأمنية أو محظي برضاها. ولانظن أننا في حاجة للإسترسال أكثر لتوضيح أن هذه الحكومة المدنية مجرد واجهة للعسكر المتحكمين حتى في طريقة تعيينها.
    ٤. الأجهزة العدلية يتصدرها المجلس العدلي المؤقت الذي يتحكم في إختيار رؤسائها وعضوية المحكمة الدستورية، والذي يتم ترشيحه من القوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي، ويعينه مجلس السيادة الفزورة غير معلوم الطبيعة والتركيب. ومن الطبيعي أن تكون هذه الأجهزة في مهب الريح وأن يكون إصلاحها "طق حنك"، لأن المتحكم فيها هو مجلس السيادة المسكوت عن طبيعته وتكوينه بالرغم من هذه السلطات الخطيرة الموكلة إليه. ولنتخيل بأن مجلس السيادة العتيد تحكمت فيه الطغمة العسكرية أو كان إمتداداً للمجلس الحالي، ماذا سيحدث إذا رفض زعيم العصابة أو أي ممن يعينهم الموافقة على تعيين هذا المجلس العدلي المؤقت الذي ليس هناك أيضاً قيد زمني على تعيينه؟ ماذا لو ماطل في التعيين لحين إنتهاء الفترة الإنتقالية؟ وماذا إذا رفض تعيين جميع مرشحي القوى المدنية المزعومة أو بعضهم؟ ماهي حلول المدنيين حكامنا الوهميين الجدد في هذه الحالات؟ الاتفاق بالطبع ليس لديه إجابات، ولا نتوقع أن يكون لدى اللاهثين للإستوزار هذه الإجابات أيضاً. وهذا بالطبع يكفينا مؤونة الحديث عن مجلس القضاء العالي والمجلس الأعلى للنيابة، فأمرهما تم إيكاله لقوانين لايعرف متى ستصدر ومن سيصدرها، لأن المجلس التشريعي تكوينه عند علام الغيوب.
    ٥. الأجهزة النظامية تم عبرها شرعنة جيش الإنقاذ وجهاز أمنها وجنجويدها وشرطتها بشكل صريح، ومن ثم إضافة بعد بهارات الإصلاح التي لاتسمن ولاتغني من جوع. إذ لم يرد في هذه النصوص أي حديث عن حل جهاز أمن الإنقاذ وبناء جهاز أمن وطني جديد، ولم يرد أي حديث عن حل الجنجويد ولا إعادة هيكلة جيش الإنقاذ ليصبح جيشاً وطنياً. بل على العكس تم تسمية هذه الأجهزة والإعتراف بها دون أي إشارة لطبيعتها الحزبية المفارقة لما تتطلبه من قومية ووطنية. والمثير للسخرية أن القوات المسلحة تم النص على أنها تتخذ عقيدة تقر بالنظام المدني الديمقراطي، مما يعفيها علمياً من إتخاذ هذه العقيدة في الفترة الإنتقالية الراهنة بإعتبارها ليست فترة ديمقراطية. وهذا يجعل من حديث زعيم العصابة بأن الجيش لن يخضع إلا لحكومة منتخبة، حديثاً متوافقاً مع هذا الاتفاق الذي قننته المجموعة التسووية في (قحت). ويلاحظ أنه ترك للقوات المسلحة مهمة تنفيذ سياسات الإصلاح المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري وفقاً لخطة الحكومة الإنتقالية، ولم يوضح النص ماهي المعالجة في حال رفضها لتنفيذ هذه الخطة وهو أمر راجح. وبالتأكيد هذه الخطة يجب أن تنسجم مع برنامج الإصلاح المتفق عليه المضمن في الدستور الإنتقالي، أي البرنامج الذي يوافق عليه العسكريين أنفسهم ليصبح جزءاً من ذلك الدستور، بمعنى أن يتحكموا في البرنامج المزعوم بأنه برنامج الحكومة أيضاً، فتأمل!! أما دمج الجنجويد في القوات المسلحة، فقد ترك للجداول الزمنية المتفق عليها غير المعلومة لأي أحد في هذا الكون. وإذا أخذنا في الإعتبار أن عراب هذا الاتفاق فولكر صرح بأن دمج قوات الجنجويد يحتاج إلى خمس سنوات، يصبح الحديث عن الدمج – وهو إجراء خاطئ لأن الصحيح هو الحل- مجرد حديث لا معنى له المقصود منه التبجح بإمكانية وجود عملية إصلاحية مستحيلة الحدوث لا أكثر ولا أقل. كذلك يصبح الحديث عن تبعية قوات الجنجويد في المرحلة الراهنة مجرد جملة في نص لاعلاقة له بالواقع. فشعار حلها لا دمجها هو واجب التطبيق بدلاً من الرهان على قيادتها لحماية هذا الاتفاق الفضيحة. ومن المهم التنويه إلى أن الحديث عن الشرطة تضمن نصاً عن إنشاء جهاز أمن داخلي تابع لوزارة الداخلية، مما يذكر بمسودة القانون التي تسربت أيام حكومة حمدوك، والتي كانت تؤسس لجهاز خالص تابع للإنقاذ، وهو أمر سيتكرر حتماً في ظل شراكة الدم الجديدة. ولاداعي بالطبع للحديث عن جهاز المخابرات العامة، التابع كليةً للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، والذي يستحيل أن تنطبق النصوص الواردة بالإتفاق عليه، وهو غير قابل للإصلاح وجدير بالحل قولاً واحداً. فوجوده يشكل أحد الأدوات المهمة لمنع الإنتقال والتحول الديمقراطي، ولا مناص من حله وتكوين جهاز مخابزات وطني بديل. أما مجلس الأمن والدفاع الحاكم بأمره، فتشكيله المنصوص عليه بالإضافة إلى مهامه الموسعة غامضة الصياغة، وهيمنة اللجنة الأمنية وحلفائها من الحركات المسلحة عليه، توضح مدي مدنية الحكومة المتوقعة ومساحة سلطاتها حقيقة لا على الورق. والجدير بالتنويه أن الاتفاق الماثل لم ينص على عدد ممثلي الحركات المسلحة التي وردت في وثائق سابقة على أنها ستة ولن تقل عن ذلك بكل تأكيد، كما أنه وصفها بالحركات الموقعة، دون تعريف موقعة على ماذا، هل الموقعة على إتفاق جوبا أم على هذا الاتفاق؟ الأرجح المقصود هذا الاتفاق في تطور مهم يعكس مدى الخلاف والتمرد من حركات إتفاق جوبا على توقيع هذا الاتفاق قبل أن تضمن المحافظة على مكتسباتها ومواقعها الوزارية الناتجة عن محاصصة جوبا.
    ومفاد ماتقدم هو الحديث عن بروتكولات ملحقة بهذا الاتفاق هو مجرد إضاعة للوقت، لأن كل ماورد فيها لن يغير الحقائق الواردة في صلب الاتفاق وتمثل جوهر ولحمته وسداه. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذا الاتفاق سيصبح جزءاً من الدستور المتوقع أن يكون المشروع المنسوب للجنة تسيير نقابة المحامين بتعديلاته التي فرضها العسكريون، وأن آلية فض المنازعات الواردة بالأحكام الختامية تثير السخرية من ضعفها ولاجدواها. وبالرغم من الأحكام الختامية عرفت أطراف الاتفاق السياسي بأنهم الموقعين على الاتفاق الماثل، إلا أننا آثرنا الحفاظ على تعليقنا السابق حولها كما هو أعلاه ليصبح شاملاً.
    والخلاصة هي أن هذا الاتفاق هو إتفاق إستسلام من التسوويين للعسكريين، منطلق من مواقع أنهم لم يستطيعوا إسقاط اللجنة الأمنية لذلك يجب مشاركتها السلطة، بدعم من الخارج وضد إرادة الشعب السوداني، وهذا التفكير المهزوم لايمكن أن يلد إلا إتفاقاً اليد العليا فيه للجنة الأمنية للإنقاذ مهما كانت كثافة المساحيق ومحاولات التمويه، سوف يؤسس لسلطة مصيرها السقوط على يد الحراك الثوري.
    وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!

    د. أحمد عثمان عمر

    ٢٩/٣/٢٠٢٣م

    عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 24 2023
  • تكاليف الحج لموسم 1444 بولاية الخرطوم 2 مليار و 700 ألف جنيها
  • عقب تأجيلها..مركزي التغيير يكشف موعد ورشة الإصلاح الأمني والعسكري
  • القبض على زوج متهم بقتل زوجته للمرة الثانية
  • أحد الثوار الشهود على مـقتـل الشهيد المجذوب يتلقى تهديداً بالقـتـل


عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق March, 24 2023
  • الاخوه الكرام صديق مهدى.. وابوالريش لا جدال فى رمضان وهو النزاع والمخاصمة في غير فائدة،
  • فكي جبريل:يافيها يانطفيها
  • قالت للشيخ في الراديو - بس ما رد عليها
  • تقرير امريكي يرصد انتهاكات حقوق الإنسان على يد الانقلاب
  • كتابة جميلة لمحمد تِرْوِس الممثل الكوميدي والشقيق الأصغر للكاتبة الجمهورية بثينة تروس
  • الدكتورة امانى الطويل والاتفاق الاطارى
  • الصوم من أجل الحرية !! بقلم د. عمر القراي
  • لجان مقاومة تحذر من تهديد شهود مقتل الثائر إبراهيم مجذوب
  • تعاظم المخاوف من تجدد الاشتباكات بغرب دارفور بعد مقتل 4 أشخاص
  • حركة العدل والمساواة تهاجم فولكر وتحذر من تشكيل حكومة جديدة-ليهم والبرهان تأمر محدد!
  • تقرير يكشف تعطل (758) منشأة صناعية، وتوقف (54) مصنعاً للدواء في السودان
  • عناوين الصحف الصادره اليوم الجمعة 24 مارس 2023 م

    عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 24 2023
  • في الجمعة الجامعة نقول ان الثورة مستمرة كتبه صلاح الباشا
  • ترشيحات مؤتمر البجا مكتب قيادي للمشاركة في السلطة كتبه د ابومحمد ابوامنة
  • الى أين أنتم ذاهبون بنا ؟؟! كتبته د.منى الفاضل
  • مهام صعبة تنتظر رئيسنا القادم كتبه محجوب الخليفة
  • علي إسرائيل -الإمارات- مصر- السُعودية الإختيار ؟؟ كتبه نضال عبدالوهاب
  • إنتصارُ إرادة اللجنة الأمنية على إرادة مركزية قحت إنتصارٌ لا لَبسَ فيه! كتبه عثمان محمد حسن
  • المجرمون شركاء (قحت) في الاتفاق الإطاري و النهائي!!! كتبه د.احمد عثمان عمر
  • بحرالدين مختار المدير التنفيذي لمحلية الكومة رجل يستحق الثناء...! كتبه محمد آدم إسحق
  • سياتو المهدي المنتظر هو بعث سيدنا نبي الله إدريس معلم التدريس - كتبه عبدالله ماهر
  • الملكة تى3!! كتبه الأمين مصطفى
  • حيرةُ المحبين في كيفية وصولِ العدو إلى المقاومين كتبه د. مصطفى يوسف اللداوي
  • قال الصبي الصغير الجاهل : ( براهم إشاكلوا وبراهم كشفوا المستور للأعين !! ) . بقلم / عمر عيسى محمد
  • هؤلاء الكتاب أحرص من المسئولين !! بقلم الكاتب / عمر عيسى محمد أحمد























  •                   


    [رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




    احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
    اراء حرة و مقالات
    Latest Posts in English Forum
    Articles and Views
    اخر المواضيع فى المنبر العام
    News and Press Releases
    اخبار و بيانات



    فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
    الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
    لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
    About Us
    Contact Us
    About Sudanese Online
    اخبار و بيانات
    اراء حرة و مقالات
    صور سودانيزاونلاين
    فيديوهات سودانيزاونلاين
    ويكيبيديا سودانيز اون لاين
    منتديات سودانيزاونلاين
    News and Press Releases
    Articles and Views
    SudaneseOnline Images
    Sudanese Online Videos
    Sudanese Online Wikipedia
    Sudanese Online Forums
    If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

    © 2014 SudaneseOnline.com

    Software Version 1.3.0 © 2N-com.de