قشقشت عيوني منذ الصباح، ورأيت صورة صلاح مناع وهو مرفوع على الأكتاف، تذكرت ملفات الأراضي الزراعية التي تم اخفاؤها لندفع الرشاوي، وفي نفس الوقت قفزت أمامي صورة الصوارمي وخلفه بوستر يعلن ميلاد حركته التي في شكل وردة. تثاءبت، وبدا لي كما لو كنت داخل مسرحية سخيفة، ولكن متكاملة السخافة. أبطالها أرجوزات، أرجوزات لصوص وليسوا مضحكين البتة. ثم أرسل لي أحدهم ما قيل بانه تعديلات (الجيش) على وثيقة (قحط)، وقرأت هذا الإسهال بسرعة ورائحته تزكم أنفي. كان صباحاً بارداً من صباحات نوفمبر. هكذا تبدأ الروايات الجادة والتي تنال الجوائز العالمية. ولكنها هنا ليست رواية بل مسرحية عميقة السوداوية المثيرة للغثيان والقيء. استيقظت، وقرأت ذلك فذهبت وسوكت اسناني وعملت كوب قهوة، وأنا أفكر في وجودي في هذه القمامة المدعوة بالسوءدان. إلى متى؟ السؤال الذي ما فتئت أسأله لنفسي، حينما أرى الأرجوزات اللصوص في كل مكان. كلهم يعتقدون أنفسهم اذكياء، إنهم ليسوا كذلك لكنهم لصوص مذعورون، البرهان وحميدتي وقحط وكيزان وشيوعيون، إنهم لصوص مذعورون وخائفون، وليسو أذكياء، وهكذا، فإنه حتماً سيعيد التاريخ نفسه. لا شك عندي في ذلك، لكنه سيعود بأشكال متباينة العَرَض، واحدة الجوهرة. اتصلت بأحدهم لأجد حلا لمشكلة اختفاء ملفات الأراضي التي باتت حجوة أم ضبيبينة، فاللصوص الصغار يريدون أن يأكلوا كالكبار، فما المانع. لكنني لا أجيد دفع الرشاوي. ذلك أن حاجاتي في الحياة ظلت بسيطة وواضحة ولذلم أعتد دفع الرشاوي للموظفين. ورايت رسالة من أحد المخرجين الشباب حول مسرحية. هذا حقاً ما حدث. المهرجون الذي يملأون مكب النفايات هذه، جعلوا كل المؤلفات المسرحية تافهة أمام مسرحيتهم السخيفة، مسرحية العبث. سأدخن سجارة. يجب أن أغادر مكب القمامة هذا، ولكن كيف؟ إنني عشت حراً ويجب أن أموت حراً، لا أريد أن أتزلف لعساكر جهلاء ولا لقحاطة عملاء لكي أعيش، ولا أملك مالاً لدفع رشاوي لبتاعين الاراضي وغيرهم لأتمكن من اداء عملي القانوني بسلاسة. هذا المرحاض لا يشبهني، وربما لا يشبه القليل ممن يعيشون فيه على حرف. كان الصادق المهدي يعرف هذا المرحاض جيداً ولذلك تعامل معه كما يتعامل مع المراحيض، وكذلك كان الكيزان والقحاطة والجيش، وباقي المرتزقة الذين تعلموا الدرس بسببهم. وبقينا نحن الأغبياء ومجموعة كبيرة من المغفلين النافعين النابحين. إن من تم رفعهم فوق الأكتاف كثر في هذا المرحاض وليس صلاح مناع فقط. فالغائط الكبير يطفوا دائماً فوق الماء. إنه يوم الثلاثاء الذي لم يتغنى به أحد. وهو يوم لم يبدأ بداية جيدة، لأن يوم أمس لم ينتهِ نهاية جيدة. صباح نوفمبري فاتر الحرارة.. تقتحمه الشمس بتؤدة، كما يفعل جيش بوتين في أوكرانيا.. ساهرب..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق November, 14 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة