قلنا بأن فئة معينة تحتكر السوق، المقصود بالسوق هنا هو كل سوق، أي كل مصدر دخل، مشروع وغير مشروع، أوردت الاستاذ تراجي خبراً عن قيام الجيش بتعيينات من عرب دارفور في الجيش لسحب البساط من حميدتي. أنا لا أعرف حقيقة هذه التعيينات، لكن مثل هذه التعيينات قانونية جداً، لأن القانون بيد الفئة التي تحتكر مؤسسات السلطة، عندما قدمنا في الجيش رفضوا تعييننا، واتوا باولادهم، وكذا الحال في باقي مؤسسات الدولة، من شرطة ونيابة ووزارات وخلافه، فهي محتكرة باعتبارها ليست فقط مصدر دخل بل مصدر ترقيع شهادات خبرة لاولادهم الذين اثبت الزمن فشلهم في كل شيء، فهم يحتكرون حتى شهادات الخبرة، والتي وحدها تؤهل الشخص للعمل خارج السودان. ذكرنا وقائع كثيرة حول تلك الإحتكارات لسوق العمل الحكومي، بالإضافة لسوق التجارة، فهم يحتكرون كذلك كل التجارة المشروعة لأن الحكومة بيدهم وبالتالي كل عطاءات الحكومة لأولادهم، أما التجارة غير المشروعة، كاحتكارات الدولار والبنزين والدقيق وغيره فهي التي ساهمت مساهمة فعالة في إسقاط حمدوك. وتجنب جبريل المساس باحتكارات الجلابة للدولار، لذلك حتى الآن لم يتم تحريره، رغم عدم وجود أي مبرر لذلك. فجبريل عاشر هذه المافيات منذ نعومة أظافره ولذلك يعرف أنه يجب عليه أن يتقي شرها ولا يتجاوز حدوده. يعاني كل المهمشين من تلك الإحتكارات، وأتذكر أن أغلب أبناء الجلابة حين فشلوا في تجاوز امتحان مهنة القانون، فتحوا لهم وظائف في مفوضية المنظمات ولم يشترطوا المعادلة حتى يتمكنوا من منح أولادهم فرصة الحصول على شهادات خبرة. يظن البعض أن المهمشين هم الغرابة أو من يطلقون عليهم العبيد، لكن هذا غير صحيح. المهمشون هنا هم كل من لم ينتمِ للجلابة، بما فيهم أهل الشرق، ومن لا ينتمون لقبائل الجلابة، مثل الأقباط والحلب وغيرهم. هذه حقيقة، فالجلابة يعتقدون أنهم اسياد البلد. ولذلك نحن حينما ندافع عن المهمشين إنما ندافع عن حقوقنا، ونعتقد أنه حان الوقت لإنهاء تلك الإحتكارات، فالإحتكارات لا تتعلق بكونك إسلامي أم شيوعي، بل تتعلق بانتمائك القبلي، بحيث تتمكن من إيجاد حلقة وصل بينك وبين النافذين ومن يملكون سلطة اتخاذ القرار. التهميش الذي نقاومه، هو تهميش منظومة قبلية عرفية، ولا يجب أن يكون البديل هو منظومة احتكار جديدة من المهمشين إذا وصلوا إلى السلطة، وسوف يصل المهمشون حتماً إلى السلطة، وإنما بديل الاحتكارات هو بناء منظومة رقابية صارمة تفضي إلى شفافية مطلقة، وتحقق الشعور بالمساواة أمام القانون، أي في الحقوق والواجبات. يصر البرهان الحامي لاحتكارات الجلابة على زعزعة مناطق الهامش تارة بمثل تعييناته الوهمية تلك وتارة بتسليح قبائل ضد قبائل، وتارة ببث الفتنة بين قبائل الهامش كما حدث ويحدث الآن في النيل الأزرق، وكل الغرض من ذلك هو تشتيت انتباه المهمشين عن عدوهم الحقيقي، بل ومحاولة كل طرف من المهمشين البحث عن دعم من البرهان وحاشيته، رغم انه وحاشيته هم العدو الحقيقي. لذلك على المثقفين من أبناء الهامش العمل على تفويت الفرصة على أعدائهم، وذلك عبر رتق نسيجهم الإجتماعي وتوحيد قواهم، وتوعية أهلهم بالعدو الحقيقي الذي يتربص بهم ويحيك لهم الدسائس ويمكر بهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وآخر دعوانا أن الحمد لله الذي فتح بصرنا وبصيرتنا فأرانا ما تخفي نفوسهم، والله مبدٍ ما كانوا يكتمون. فالحمد لله، والعزة له، ذو الطول، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، يورث الأرض لعباده الصالحين، ويجعل كيد الظالمين في نحورهم، إنه هو الحكيم العليم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق October, 22 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة