هناك مقولة مشهورة كانت تْردد وسط طلاب الجامعات السودانية لاسيما المشتغلين منهم بالشأن السياسي تقول ان الكوز (يخاف لكنه لا يختشي)، بعد اقتلاع نظام الحركة الإسلامية مباشرة في أبريل 2019 اختفى الكيزان ولصوص النظام المباد تماما خوفا من الملاحقات القضائية وخشية من بعض الشعارات التي نادت صراحة بضرورة محاكمتهم وابعادهم بل و (دوسهم)، فأصبحت كلمة كوز سبة وشتيمة كبيرة، نادت بعض الأصوات بضرورة حظر نشاطهم أسوة بالحزب النازي الألماني، لم تأتِ هذه المناداة والشعارات من فراغ بل كانت نتيجة طبيعية للممارسات والانتهاكات الجسيمة والفساد والتجاوزات التي حدثت خلال حكمهم في الثلاثين عام الماضية. إذ بدأوا حكمهم بالدم قتلوا وعذبوا وشردوا، لم يتركوا موبقة الا و ارتكبوها، استباحوا المال العام حتى أوصلوا الدولة مرحلة الإفلاس، أول من أسس أنظمة للتعذيب والتنكيل بالمعارضين فأبتكروا بيوتا للأشباح لإشباع رغبتهم في الانتقام، تفننوا في أساليب التعذيب البدني النفسي فوصل بهم الفجور أن ابتدع جهاز أمنهم الفاشي وظيفة (مغتصب) ضمن الوظائف الرسمية للجهاز.
لم يكتفوا بالتخريب والتدمير للدولة السودانية خلال حكمهم الساقط، ولم يكتفوا بأنهم تركوا دولة كما وصفها الصحفي شوقي عبد العظيم بأنها (غير قابلة للحكم) استغلوا سماحة وسلمية الثورة فعملوا على تخريب فترة الانتقال باختلاق الأزمات والتلاعب في معاش وأمن الناس بمعاونة اللجنة الأمنية وعناصرهم المتغلغلة في مفاصل الدولة. لم تخجلهم حلقات الترابي في شهادته على العصر وكمية المعلومات التي بذلها للناس نذكر منها فقط اعترافه بولوغهم في الدماء والمال العام، ولم (تكسر عينهم) تسريبات مؤتمرات الحركة الإسلامية التي بثتها قناة العربية والتي شهد فيها قادتهم على القتل والفساد. احتفل الكيزان وهللوا بإلغاء قرارات لجنة ازالة التمكين التي صادرت منهم الأموال والأراضي والعقارات التي نهبوها وسطوا عليها نهارا جهارا، احتفلوا وكبروا بقرارات الكوز القاضي أبو سبيحة الذي أرجع لهم أموال السحت، وهاهو لص آخر من لصوص الحركة الإسلامية يتجرأ ويطالب بتسليمه بقية ما نهب، إذ نشرت صحيفة الإنتباهة في عددها الصادر يوم ١٤ أغسطس خبرا مفاده أن فضل محمد خير قد طالب الحكومة الإنقلابية بإخلاء مجمع الوسط بجامعة الخرطوم، وكل المناطق التي حوله على شارع النيل غرباً حتى وزارة المالية، بالإضافة إلى كليات الطب والصيدلة وكافة المباني التابعة لها وتسليمها له، قائلا : أنه أشترى كل هذه الأراضي بالمباني والمنقولات التى عليها من حكومة ولاية الخرطوم السابقة وواليها عبدالرحمن الخضر، وحسب الخبر قام فضل بتخيير الحكومة بين تسليمه أراضي جامعة الخرطوم وملحقاتها أو إعادة ما دفعه من أموال حسب سعر الصرف في عهد حكومة عبد الرحمن الخضر. وقبل يومين تم فك تجميد حسابات ومنقولات شقيق المخلوع البشير اللص عبد الله حسن البشير. هذه القرارات المستفزة ستزيد من إصرار الشعب السوداني على عدم التهاون مرة أخرى مع هؤلاء اللصوص.
لم يشهد تاريخ العمل السياسي في السودان أن حزبا سياسيا تحور وقام بتغيير اسمه عقب كل مرحلة سياسية جديدة بالبلاد غير الحركة الإسلامية التي ظهرت باسم جبهة التحرير الإسلامي ثم جبهة الميثاق ثم الإخوان المسلمين فالاتجاه الإسلامي، ثم الجبهة الإسلامية القومية، فالمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وبعد سقوطهم في 2019 غيروا الاسم الى التيار الإسلامي العريض، ثم ارتدوا هذه الأيام (مرقوعة) البادراب "أهل السودان". فما الداعي لكل هذا؟ ولماذا يلبسون لكل مرحلة لبوس؟ إنه النفاق وعدم المبدئية والاستخفاف بعقول الجماهير.
وضح لكل المشككين أن الغرض الرئيسي من مبادرة الشيخ الجد ليست تجميع الفرقاء على مائدة مستديرة كما هو معلن، بل كان لتقنين إعادة لصوص الإسلام السياسي للمشهد مرة أخرى. أتت بهم يتقافزون كال############ان من خلاوي أم ضوا بان العريقة، أتوا مسنودين من حلفائهم الفلول وأحزاب (الفكة) من المحللين وغاسلي أدران الأنظمة الاستبدادية مقابل المال والتوظيف. طفحت بهم وسائل الإعلام الرسمية يبثون عبرها سمومهم لإجهاض ثورة الشعب، ظهر الخبراء الاستراتيجيين وإعلاميو الحركة الإسلامية في البرامج التحليلية على تلفزيون السودان القومي وعلى الفضائيات الولائية يمارسون نفس الدجل والكذب والغطرسة، لا يتحدثون ولو نفاقا عن الثورة والشهداء، لا يبدون أي نوع من الندم أو الأسف على جرائمهم، بل يكيلون الشتائم والسباب (بكل قوة عين وبجاحة) لقوى الحرية والتغيير والاحزاب السودانية ولجان المقاومة وكل قوى الثورة التي أسقطت وقبرت نظامهم ومشروعهم الحضاري في أبريل 2019.
قام الكيزان بعد مسرحية مبادرة الجد والتي أوصت في بيانها السياسي إلى ضرورة مراعاة قيم وأخلاق المجتمع (رغم التضليل والترويج بأنها مبادرة لجمع الفرقاء للاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية، وأنها لا تحمل أي برنامج أو تصور للحل) قاموا وتنفيذا لهذه التوصية بالإسراع في إعادة قانون النظام العام سيء السمعة، الذي وصفه المخلوع البشير في أواخر أيامه بأنه نفر الناس عن الإسلام وطالب بالغائه، تم إرجاعه بقرار من وزير الداخلية المكلف في سابقة هي الأولى في تاريخ التشريع بالسودان. الغرض من إرجاع هذا القانون القبيح هو إيجاد مسوغات قانونية لتلفيق التهم على الثوار والثائرات، إذ أن توجيه الاتهام والقبض والحجز وفقا لهذا القانون الشائه تْحدد حسب مزاج الشرطي ورجل الأمن أو وكيل النيابة، كذلك أوصى اعلانهم السياسي بضرورة ايلولة السيادة للمؤسسة العسكرية وأن يستمر قائدها العام البرهان في رئاسة مجلس السيادة وهو الذي يعين رئيس الوزراء. بالرغم من قرار قادة الانقلاب بأنهم قرروا الخروج من السياسة والعودة للثكنات حسب بيان البرهان في ٤ يوليو الماضي والذي ظل يؤكده ويكرره في كل لقاءاته. الكيزان لا يمكن أن يعيشوا في فضاءٍ مدني معافٍ، ظلوا طوال تاريخهم السياسي يختبئون دائما تحت أحذية العسكر. الخلاصة المكررة التي لا نمل ترديدها: وحدة قوى الثورة أصبحت فرضاً وطنياُ وواجباُ أخلاقياً على كل قوى الثورة الحية لإسقاط هذه العصبة التي تعبث بأمن ومقدرات البلاد والعباد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 31 202
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة