في العام 1955م وتحديد في يوم 19 من شهر ديسمبر توحدت كلمة ابناء الشعب السوداني وذلك باعلان الاستقلال من داخل قبة البرلمان وكانت قبلها كل المؤشرات تقود الي الاتحاد مع جمهورية مصر العربية التي كانت تشارك بريطانيا في استعمار السودان منذ العام 1898م وقبل ثورة 23 يوليو في مصر التي اطاحت بالنظام الملكي كان الملك فاروق الأول يلقب نفسه بملك مصر والسودان وهذا مايوكد نوايا مصر نحو فكرة الاستيلاء على السودان ولكن اعلان الاستقلال من داخل البرلمان السوداني افشل ذلك المخطط
واليوم السودان بعد اكثر من ستين عاما من الاستقلال لايزال يصارع لاجل ارساء قواعد الدولة المدنيّة فالانقلابات العسكرية اعاقت تقدم التجربة الديمقراطية في السودان وكانت نتيجة ذلك تمزيق شمل الوطن بانفصال جزء عزيز من الوطن وضياع الثروات بكثرة الحروب الاهلية وعلي اثر ذلك انتشر الفقر والبطالة والفساد ،
ثورة ديسمبر التي اندلعت ضد حكم الفرد الذي جثم على صدر الشعب السوداني زهاء الثلاثين عام والغريب في الامر ان ذلك النظام البائد الديكتاتوري كان من تدبير حزب سياسي كان من ضمن الاحزاب السياسية التي كانت تعارض نظام الرئيس الراحل جعفر النميري الذي اطيح به في انتفاضة السادس من ابريل من العام 1985م
نعم سقط نظام المخلوع البشير ولكن فشلت الحكومة الانتقالية التي اتت محمولة على اكتاف ثوار ديسمبر في اجتثاث جزور الاسلاميين وذلك يرجع إلى عدة عوامل منها سيطرة ازلام النظام السابق علي الاقتصاد مما جعل الحكومة الانتقالية تظهر عاجزة عن الوفاء بالالتزامات المعيشية نحو المواطنيين وكان خيار الحكومة الانتقالية لمعالجة الخلل الاقتصادي هو رفع الدعم الحكومي عن معظم الخدمات التي كانت تقدم للشعب السوداني وذلك حتي قبل تشكيل البرلمان الانتقالي وتلك كانت ابرز اخطاء تحالف الحرية والتغير الذي كان يعتبر بمثابة الحاضنة السياسة لحكومة السيد حمدوك البعيد كل البعد عن الشارع السوداني فالبرلمان كان مهم جدا حتي يعمل على مراقبة الاداء التنفيذي ومحاسبة الحكومة في حال الاخفاق وايجاد الحلول والبدائل الاقتصادية خلاف تطبيق سياسة رفع الدعم ومن تلك الحلول تسخير الاموال والاصول المستردة عبر لجنة ازالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو لعام 1989م حتي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتطبيق تجربة الاصلاح الزراعي التي انتهجتها ثورة يوليو المصرية بقيادة الراحل جمال عبدالناصر الذي امر باعادة توزيع الاراضي الزراعية التي كانت في حوزة الإقطاعيين من رجال العهد الملكي حيث كان يمكن توزيع اراضي ازلام النظام البائد الزراعية والسكنية للفقراء والمساكين وحتي برامج ( ثمرات ) كان مجرد فقاعة لم يعمل على معالجة جزور الازمة التي يعيشها المواطن السوداني فكانت الضائقة المعيشية مدخل قاد الاسلاميين الي استغلال الاوضاع السائدة اعلاميا مما كشف عورة الحكومة الانتقالية فظهرت ضعيفة امام الشعب وهي تعجز حتي عن كبح جماح التجار الجشعين فجعلت المواطن البسيط المغلوب على امره مابين كماشة سياسة البنك الدولي وفوضي ارتفاع الاسعار ، اضافة الي الصراع الذي كان دائر في داخل قوي اعلان الحرية والتغير ( قحت) مما قاد في نهاية المطاف الي حدوث انشقاق داخلي فظهرت الحرية والتغير (المجلس المركزي) والحرية والتغير ( الميثاق الوطني ) وفي نفس الوقت امتد ذلك الصراع الي اروقة المجلس السيادي خاصة مع قرب انتهاء فترة رئاسة الجنرال البرهان للمجلس السيادي مع مطالبة بتولي شخصية مدنية لرئاسة المجلس السيادي وذلك استنادا على الوثيقة الدستورية التي بموجبها تم اعلان بداية المرحلة الانتقالية ، انتهي ذلك الصراع في صباح يوم الخامس والعشرين من شهر اكتوبر من العتم 2021م بانقلاب الجنرال البرهان علي المكون المدني وفرض الاقامة الجبرية علي رئيس الوزراء عبد الله حمدوك واعتقال ابرز اعضاء الحكومة الانتقالية خاصة الشخصيات التي كانت تجاهر برفض الانقلاب ، وبالمقابل كانت ردة فعل الشارع خلاف ما كان يتوقع الجنرال البرهان فكانت المواكب الرافضة لتلك الخطوة الانقلابية في الشارع عبارة امواج بشرية منذ اليوم الاول ورغم القمع المفرط من قبل القوات الامنية الا ان المواكب التي تطالب بالمدنية لاتزال هي الاكثر صوتا في العالم الذي بات ينظر للوضع في السودان بالغير مستقر ولا يسمح بانتقال ديمقراطي نحو دولة مدنية فكانت الامم المتحدة حضور في المشهد السياسي السوداني عبر رئيس بعثتها المستر فولكر والذي بذل جهد لتسهيل عملية الوفاق الوطني بين السودانيين مع انحسار دور الاتحاد الافريقي ومنظمة (الايقاد)
احبط الجنرال البرهان الذي كان يعتقد ان الشارع سوف يكون جاهز لتقبل ماحدث في الخامس والعشرين من اكتوبر ومما زاد الامر سوء بالنسبة للجنرال البرهان هو تفاقم الوضع المعيشي نتيجة سوء ادارة الازمة الاقتصادية والتي دائما ما تلعب دور حاسم في بقاء او رحيل اي نظام سياسي في السودان ولم يستفد الجنرال البرهان من تجربة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والذي اطاح بنظام الرئيس المصري الراحل محمد مرسي في العام 2013م نتيجة هبة الشعب المصري احتجاج على الوضع المعيشي انذاك ، وانتهي ذلك الاحتجاج باعلان القوات المسلحة المصرية انحيازها لثوار الثلاثين من يونيو وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان يشغل وزير الدفاع اكثر تخطيط وهو يستعين برئيس القضاة المصري ليتولي زمام الحكومة الموقتة حتي تظهر مصر كدولة مدنية الي حين اجراء الانتخابات العامة والتي ترشح فيها. الجنرال السيسي بعد تقاعده من الجيش واهتم الجنرال السيسي بالمشاكل الاقتصادية والتي تهم المواطن المصري فمصر رغم تعداد سكانها الذي يتجاوز المائة وخمسين مليون نسمة الا انها لا تعاني ازمة في الغذاء او العلاج او التعليم حيث بمقدور كل مواطن ان يستمتع بالخدمات التي تقدمها له الدولة وباسعار في متناول اليد مع توفير السكن وهذا ما فشل فيه الجنرال البرهان وتحت الضغط الشعبي الداخلي والدبلوماسية الخارجي اعلن الجنرال البرهان عن ابتعاد الجيش عن الحياة السياسية والاكتفاء برئاسة مجلس اعلي يتولي ادارة الامن والدفاع في ارجاء البلاد وترك امر ادارة دولاب العمل الحكومي للمدنيين وهنا تظهر عقبة كبري فقوي الثورة بمختلف مكوناتها لم تعد متحدة كما كانت ابان الصراع ضد النظام البائد وهي اليوم تقف ضد بعضها البعض وبينهم حالة عداء اكثر مما كانوا عليه ضد الاسلاميين واليوم مضت اشهر من بيان الجنرال البرهان الذي دعي فيه السياسين الي الاتفاق علي تشكيل حكومة مدنية مقابل انسحاب المؤسسة العسكرية من العملية السياسية وفي الرابع من يوليو الماضي، أعلن الجنرال البرهان أنه سيتم حل مجلس السيادة وسيجري تشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من الجيش والدعم السريع ،
ولكن بكل اسفل لاتزال القوي السياسية في اختلاف حتي الان كما كان عليه اجدادهم في العام 1955م حول تقرير مصير البلاد وذلك. باختيار الاتحاد مع مصر او الاستقلال التام ، و بسبب الخلافات كادت فرصة تقرير المصير ان تضيع علي ممثلي الشعب السوداني اعضاء اول برلمان انتخب في العام 1954م نتيجة الي اتفاق 1953م بين مصر وبريطانيا لتحديد مصير مستعمرة السودان فكان الاعلان في مابينهم ( مصر وبريطانيا ) علي منح السودانيين، حكم ذاتي كاختبار لهم حول قدرتهم على ادارة شؤون بلادهم فكان ثمرة ذلك الاتفاق علي تشكيل حكومة مدنية برئاسة الراحل اسماعيل الازهري وفي ظل ذلك الصراع الحزبي مابين الاحزاب التي كانت تنادي بالاتحاد مع مصر والاحزاب التي كانت تنادي بالاستقلال الوطني تحت شعار (السودان للسودانيين ) ومن وسط تلك الاحداث خرج بريق الامل عندما تقدم النائب البرلماني “عبد الرحمن دبكة” النائب عن دائرة غرب نيالا بمقترح الي رئيس واعضاء البرلمان باعلان الاستقلال الوطني من داخل قبة البرلمان علي اعتبار أنهم ممثلي الشعب ، حيث خاطب جلسة البرلمان في ذلك اليوم قائلا سيدي الرئيس أرجو أن أقترح الآتي: أن نقدم خطاباً إلى معالي الحاكم العام بالنص التالي نحن أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعاً نعلن باسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي بهذا الإعلان فوراً. يسرني أن أتقدم بهذا الاقتراح العظيم في هذه اللحظة التاريخية الخالدة بعد أن اجتمعت كلمة الشعب السوداني المجيد على الاستقلال الكامل والسيادة للسودان ممثلاً في التقاء السيدين الجليلين وتأييدهما الذي تم بعون الله ولمرضاته ومصلحة البلاد العليا وفي اجتماع كلمة الأحزاب والهيئات السودانية عند هذه الغاية الوطنية الكريمة، وفي هذا الإجماع الرائع الشامل لجميع أعضاء البرلمان ممثلاً في هذا المجلس الموقر على إعلان استقلال السودان من هذا المنبر الشريف). وأثنى على هذا الاقتراح التاريخي الخطير السيد “مشاور جمعة سهل” (نائب دار حامد غرب) وقال: (أقدر مدى الشرف الذي يناله مقترحه ومثنيه في جلسة كهذه سوف يسجلها في سجل الشرف تاريخ هذه البلاد المجيدة وسوف تكون حداً فاصلاً بين عهد الاستعمار وعهد الحرية الكاملة والسيادة التامة والانعتاق الذي يجعل السودان أمة بكل مقوماتها لا تستوحي في شؤونها الداخلية والخارجية إلا مصلحة الشعب وإرادة الأمة وتقيم علاقاتها مع الدول جميعاً على قدم المساواة بين ند وند لا سيد وعبد. وأخيراً أهنئ زملائي النواب بهذا التوفيق، وأهنئ الشعب السوداني بفجر الحرية الذي يطل اليوم من هذه القاعة ويصل إشعاعه إلى كل ركن من أركان السودان ليبدد الظلام ويملأ أرجاء البلاد نوراً وسلاماً ورخاءً). ولم يغفل السيد “محمد أحمد محجوب” (زعيم المعارضة) أن يسجل اسمه في هذا الشرف الكبير فابتدر حديثه التوثيقي: (سيدي الرئيس في السادس عشر من شهر أغسطس الماضي أصدر مجلس النواب قراراه التاريخي بجلاء القوات البريطانية والمصرية عن أرض الوطن وكان قراراً بالإجماع، وفي العاشر من شهر نوفمبر غادر البلاد آخر جندي أجنبي، فأدرك الشعب بجميع أحزابه وهيئاته أن استقلال البلاد التام أصبح حقيقة واقعة وارتفعت أصوات الشعب في كل مكان تنادي باستقلال السودان التام ومطالبة الدولتين الاعتراف به وها نحن اليوم نتقدم بهذا الاقتراح باسم الشعب السوداني، أن السودان قد أصبح دولة مستقلة ذات سيادة كاملة ونطلب من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف الفوري.. لا شك عندي في أن هذا الاقتراح سيجاز بالإجماع كما لا شك عندي في أن هذا الشعب السوداني شعب عظيم توفرت لديه كل مقومات العظمة، شعب يعرف متى يختلف وعلى ماذا يختلف، كما يعرف متى يلتقي ويقف صفاً واحداً فكلما ادلهمت الأمور ودهمتها الحوادث وكاد الشك يتسرب إلى نفوس الحادبين علينا وظنوا بنا الظنون، وحسبونا قد تفرقت كلمتنا برزت كلمة الشعب وقوته وتقديره لمصائر الأمور واستطعنا أن نجتاز الصعاب وأن نخط سطراً ناصعاً في تاريخ هذه البلاد وتاريخ أبنائها). وتحدث السيد/ “مبارك زروق” (زعيم المجلس) قائلاً (أخالني يا سيدي الرئيس إلا متكلماً باسم جانبي المجلس حين أؤيد هذا الاقتراح، فالجانبان اليوم وأمامهما هذا الاقتراح مجلس واحد.. أعود إلى الاقتراح الموضوع أمام هذا المجلس وأبين أننا نجلس هنا كنواب للأمة السودانية في هذا البرلمان الذي يمثل جميع وجهات النظر في البلاد والذي اعترفت دولتا الحكم الثنائي بصدق تمثيله في أكثر من مناسبة.. من حقنا بهذا الوصف يسندنا في ذلك الرأي العام السوداني كله ممثلاً في هيئاته وصحفه أن نعلن الاستقلال اليوم).. ومن ثم أجيز الاقتراح بالإجماع وقد شكل ذلك التوافق السوداني مفاجأة كبيرة في كل ارجاء العالم الذي كان واثقاً بان السودانيين، سوف يفشلون في الاتفاق علي كلمة واحدة واليوم بعد تجدد دعوة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، علي عزم المؤسسة العسكرية الانسحاب من العملية السياسية في حال اتفاق قوى الثورة علي تشكيل حكومة مدنية لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية واستكمال مؤسسات الانتقال المتبقية، استعداداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بنهاية المرحلة الانتقالية، فهل سوف يعيد التاريخ نفسه مع احفاد جيل الاستقلال ويوحدوا كلمتهم كقوي سياسية في الحرية والتغير ( المجلس المركزي ) والحرية والتغير (الميثاق الوطني) ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والحزب الشيوعي ) بالاتفاق على تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد الي بر الأمان وتقطع الطريق علي فلول النظام البائد والتي تحاول بكل الوسائل اجهاض ثورة ديسمبر لاجل اعادة انتاج دكتاتورية جديدة لاجل اكمال مسلسل ارهاب الشعب حتي لايفكر في المستقبل في مجرد ذكر كلمة ( التغير ) اذا الكرة في ملعب القوي السياسية بالاتفاق علي برنامج اسعافي لتضميد جراح الوطن والمواطن وان تكون ضربة البداية برتق النسيج الاجتماعي ومحاربة القبلية والجهوية واعلا روح الانتماء للوطن ومعالجة المشاكل الاجتماعية ومنح كل مواطن حقه في العيش الكريم ومنها اعادة الدعم الحكومي للخبز والغاز والمواصلات العامة وكهرباء القطاع السكني ومعالجة مشاكل الحصول على السكن وذلك بانشاء مدن جديدة تعمل علي تخفيف الضغط علي المدن القديمة والتاكيد على اقامة دولة القانون التي يتساوي فيها الجميع وبدون شك فالشعب السوداني قد صبر كثيراً ويستحق ان يجد منكم كل خير وسعادة و رخاء
*ترس اخير*
لا بد يوم باكر يبقى اخير
الدمعه تفارق للوجدان
ودموع الغبش الصابره تسيل
صبرك لو طال ما باقي كتير يابلادي
لا بد يوم باكر يبقى اخير
*المتاريس* *علاء الدين محمد ابكر* 𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة