يلوكون الأكاذيب ويمضغونها حتى تصبح حقيقة. لقد جاءت تلك المجموعة المدعومة مالياً لا لتسرق الثورة وتهضم تاريخنا النضالي فقط؛ بل لتمنح العسكر شرعية السيطرة على السلطة باتفاق بائس طعنا فيه أمام المحكمة الدستورية ولا زال الطعن في الطاولات ولن يفصل فيه، لكنه سيكون شوكة حوت (لا بتنبلع ولا بتفوت) وسيعطل ذلك تشكيلة هيئة جديدة للمحكمة الدستورية لسنوات قادمات. وسنظل دولة بلا دستور ولا دستورية. لا أعرف أين هو الحكم المدني الذي انقلب عليه البرهان، فالحقيقة أنه كان حكماً لقلة من الانتهازيين من قليلي الكفاءة سفهاء الاحلام، أخذوا يتخبطون كمن يتخبطهم الشيطان من المس، لا هم يمثلون الشعب ولا يمثلوننا ولا يمثلون الثوار ولا لجان المقاومة ولا الطرق الصوفية ولا الإدارات الأهلية ولا المهمشين؟ فعن أي حكم مدني كان، يتحدثون؟ لم يكن هناك حكم مدني بل حكم مجموعة تنتمي لأقطاب الخارج بالتشارك مع العسكر، وكان كل منهما يحتاج للآخر، قطب العملاء ليمتلكوا الوقت الكافي لتنفيذ أجندة الخارج، والعسكر ليحصلوا على شرعية ما كانوا يحلمون بها لولاء أؤلئك المرتزقة. وها هم من يعتبرون أنفسهم حكماً مدنياً يعترفون بذلك على الملأ أخيراً. أما نحن، نحن الشعب، فكنا نتعرض للتخوين والشيطنة كلما حاولنا كشف الاكاذيب، وكلما عريناهم سلطوا علينا سفهاءهم الذين يدفعون لهم آلاف الدولارات التي تأتي عبر التحاويل المالية من الخارج. ثم حق عليهم قول الله، وجعل كيدهم في نحرهم يخربون بيوتهم بأيديهم. وتلك الأيام يداولها الله بين الناس ويدفع بعضهم ببعض، والله أعلم بالكاذبين. لم يكن هناك حكم مدني لينقلب العسكر عليهم، ولو كان مدنياً لما فكر العسكر للحظة واحدة في الإنقلاب على تلك المجموعة الجهولة المسترزقة بالدماء والأرواح. ولكن العسكر عرفوا أن هؤلاء مجرد (حمام غمران) فأبرموا معهم الاتفاقات، ثم نكثوا بها، فذهبوا أدراج الرياح ولم تبك عليهم السموات ولا الأرض. ومن مصلحة العسكر أن يُبقي على تلك المجموعة من الكوميديين الهزليين الهزيلين، لأنهم يستطيعون تحريكهم أنى شاءوا وكيف شاءوا ومتى شاءوا وليس من مصلحة العسكر أن يأتي مدنيون أقوياء، يملكون الكفاءة اللازمة لإدارة الدولة إدارة رشيدة فيشعر الشعب بأنه ليس بحوجة للعسكر. فمن مصلحة العسكر أن يأتوا بمدنيين ضعفاء، يوجهونهم كالسائمة، أنى وجهوهم لا يأتون بخير، وليستمر شعور الشعب بأن الدولة بدون العسكر ستنهار وتتحطم. وهذا غير صحيح بل إيهام كاذب، يصدقه عوام الناس ممن لا يعرفون خبث السياسة، في بلد لا يتعلم فيه الناس إلا المكر، فيمكرون ويمكر الله بهم، والله خير الماكرين. إنني أقول، بأن الدولة الآن تسقط في انحطاط عظيم، وهول محدق، وسنين قادمات عجاف، فإما أن ندخل في حرب اهلية لا تبقي ولا تذر ولا تنتهي إلا بانقسام الدولة، أو ان يحدث الآن اتفاق على تقسيم سلمي لشبه الدولة هذي، بتفكيك ذاتي مدروس وممنهج، لنتخطى دموية الحرب الأهلية وآلامها. ذلك أن تفكك الدولة اليوم أضحى مسألة حتمية ومسألة وقت. وكل هذا بسبب من أسموا أنفسهم بالمدنيين من لصوص الثورات ومرتزقيها. فهنيئا لهم شقق لندن ومصر ونيويورك والمنشية.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق July, 28 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة