اليوم ، انعي لكم طفلا لا تعرفونه..لا إسما ولارسما.. ولم آراءه ،أنا،ايضا ،لا حسبا ولا نسبا ،ولم أراه في حياتي..ورغم كل ذلك كنت أحس بانه ابني الذي لم الده من صلبي..ولكنه يمثل جزءا من شعوري وفرحي بالابوة المتعدية ذات النسق الإنساني المتسامي علي كل الأنساب. هذا الطفل من سكان مدينة أمدرمان...كان مريضا بالفشل الكلوي منذ عمره في السابعة..وتعرفت علي مآساته ومعاناته عن طريق الأهل في السودان،حيث أسرته الفقيرة التي كانت تجد المشقة في علاجه والتنقل به بين المستشفيات في بدايات المرض ثم الي مراكز غسيل الكلى بعد تشخيص حالته فضلا عن بقية العلاجات وضرورة انتظامه في الدراسة...فكان قرارنا بين الأهل في الدوحة والخرطوم ،أن نتبني علاجه ومد يد المساعدة له من ما جعلنا الله مستخلفين فيه من المال..فبدأت رحلتنا معه منذ ذلك التأريخ...فأصبح جزء من اهتمامنا وطفلنا المدلل.. كنا نشعر بالفرح والسرور والسعادة عندما نعرف بأنه قد استلم تحويلاتنا المالية وانه لازال منتظما في برنامجه العلاجي وان حالته الصحية آخذة في التحسن. ورغم قساوة المرض ،وحرمانه بأن يعيش طفولته كما يعيشها بقية أطفال أهله في فرح وسرور، إلا أنه كان راضيا بقدر الله..وكان موهوبا في دراسته...ومحبوبا من جميع الطاقم الطبي الذي يتولي علاجه..فقد كانت الضحكة والبسمة البريئة لا تفارق محياه ،كما وصفوه لنا. كنا سعداء وفرحين بهذا التواصل مع طفل ،هو في بلد ونحن في بلد آخر، لا نعرف هويته ولا قبيلته ولا حتي اسمه...نعم فأنا حتي الآن لا أعرف اسمه..ولكنني احسه ككيان وشعور صادق ينقله لي الآخرون عن حقيقة هذا الطفل..وهذا يكفيني علي الصعيد الإنساني. وبالأمس ،جاءنا خبر وفاته...ورحيله المفاجئ..مات وقد بلغه عمره الآن الخامسة عشر سنة قضي منها ثمان سنوات مع المرض..رحل في صمت فانتابنا حزن عميق ، وأسف شديد ، فرغم قساوة مرضه العضال.. وتألمنا معه...ثم فاجعة موته التي هزت مكامن الصبر فينا..رغم كل ذلك فإن مصيبتنا كانت أكبر وفقدنا أكبر ،فقد انسدت أمامنا نافذة من نوافذ الخير والأجر كان يهبنا لنا الفقيد دون أن يدري..من خلال هذه النافذة كانت تتدفق علينا ينابيع الخير والرحمة والبركة.. لقد مات طفلنا العزيز ،فانقطع رزقه في الدنيا، فانقطع مع ذلك ثوابنا نحن في الدنيا والآخرة... نسأل الله له الرحمة. وانا لله وانا اليه راجعون. د.فراج الشيخ الفزاري f.4u4f@ hotmail.com
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق July, 23 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة