ندما وقعت الوثيقة الدستورية التي ضمنت لمرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان الإفلات من العقاب والجلوس علي رأس السلطة أدركت جيداً أن الدولة السودانية بأكملها مُقدمة على خطر كبير ، وأن التحدي لن يستثني أحداً ، في تلك اللحظة اختلطت الحابل بالنابل وسقط الضمير من قواميس الذين شاركوا القتلة ، يومها قلت لنفسي وسط هذا المشهد المُستفز للثورة والثوار ، ليس مستبعداً أن تحكم لجنة البشير الأمنية السودان بالقمع والقتل والتنكيل لكل من يخالفهم الرأي كما فعل بشيرهم . اليوم ونحن نتابع الأوضاع في السودان تذكرت ما توقعته آنذاك ، السودان اليوم يدفع ثمناً باهظاً ، حيث تحولت العاصمة السودانية الخرطوم إلي غابة القوي يأكل الضعيف ، ومسرح للمليشيات يمارسون العنف والقتل والإرهاب والنهب ، ويعتبرون أن السودان وثرواته ملك لهم ، ينهبون ويمارسون حروباً بالوكالة لصالح دول أخرى ، هذا الوضع الممنهج الذي جرى في السودان طوال الفترات الماضية من قبل هؤلاء الانقلابين دفع إلى مزيد من التعقيد والتأزيم في الداخل والخارج .
لا بوادر أمل تلوح في الأفق في الوضع السوداني ، القتل مستمر والاعتقالات مستمرة ، والانهيار يزداد كل يوم ، عدم اتفاق القوى السياسية والمكونات الأخري ، عدم الترحيب بالمبادرات الوطنية والأجنبية من بعض الأطراف ، انعدام الثقة بين المكونات السودانية ، مطبات عديدة تواجه الوضع الراهن في الساحة السودانية ، ومحاولات كثيرة لسرقة الثورة مرة أخري بنفس السيناريو السابق ، هذا الانقسام السياسي بين المكونات السودانية يتزايد كل يوم ، لأن الوصول إلى أهداف الثورة يحتاج إرادة قوية وواضحة من جميع الأطراف الوطنية ، الثورة لن تسرق مرتين والباحثون عن سياسة كسب الوقت بالمماطلة سيحققون خسائر مؤكدة ، المشهد الحالي في السودان وفقاً للمعطيات على أرض الواقع يحتاج إلى جراحات دقيقة وسريعة قبل أن تخرج الأورام عن السيطرة أولى هذه الجراحات هي البحث عن قيادة وطنية للثورة ، الاتفاق وتقبل الآخر من أجل العبور بالسودان إلي بر الأمان ، استمرار الانقسام سيكون له تداعيات خطيرة وتفشل معه أي جراحات . ثاني هذه الجراحات هيكلة المؤسسة العسكرية التي تمثل الضمانة الرئيسية للاستقرار والأمن السوداني المفقود .
سقط البشير والوضع في السودان كما هو عليه بل اسوء من عهد المخلوع ، لماذا نكذب على أنفسنا حينما نقول ويقولون أن الثورة نجحت ، الكل يرى ويسمع عن قتل المتظاهرين وإعتقال النشطاء وأوضاع معيشية صعبة ، هذا الوضع يتجه نحو الانهيار الواسع في جميع الجوانب سواء سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً أو اجتماعياً.. فإذا نظرنا إلى السودان من الناحية السياسية سنجد أن هناك مماطلة وتوجيه خاطئ من قبل قيادتنا السياسية في جميع الجوانب فنلاحظ أن هناك أحداث وجرائم واعتقالات ومشاكل هامة ولكنهم يغضون الطرف عنها.. والجدير بالذكر أن الاعتقالات تستهدف لجان المقاومة وقادة التظاهرات ، هذا الأمر يجعلنا ندرك أن قادة الأحزاب شريكة في الانقلاب ، وإذا نظرنا إلى السودان من الناحية الاقتصادية سنجد أن اقتصادنا لا شئ أمام اقتصاد العالم رغم أننا نمتلك ثروة حيوانية ومعدنية وغيرها من الموارد ولكن للأسف يستخدمونها لأشياء تخدم المصالح الشخصية .. في الحقيقة لا نعلم إلى أي منعطف نتجه إليه ، لقد أصبحت العنصرية والقبلية متحكمة فينا مما جعلنا نعود إلى الخلف ونفتح باب المشاكل والفوضى والصراعات والبعض اتخذها تصفية لحسابات سابقة . إلى أين يتجه بنا هذا المطاف والى أي طريق يجرنا هذا القطار.. هل إلى طريق النجاح في ظل الخلاف وعدم تقبل بعضنا البعض أم إلى طريق الهاوية وضياع السودان ..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 02/14/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة