إعادة هيكلة الجيش أم الدولة (7 – 10)؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 04:24 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-05-2022, 08:32 PM

عزيز النور
<aعزيز النور
تاريخ التسجيل: 01-03-2022
مجموع المشاركات: 10

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إعادة هيكلة الجيش أم الدولة (7 – 10)؟

    07:32 PM February, 05 2022

    سودانيز اون لاين
    عزيز النور-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    [email protected]

    قوت الاحتلال تعيد تكرار المشهد السياسي لما قبل مائة عام..!!

    تسمية الشباب الثائر في الخرطوم للجيش السوداني ومليشياته بـ (قوات الاحتلال أو الإستعمار) قد تبدو ظاهريا مجرد سخرية من قوات فشلت في أن تكون قوات عسكرية مهنية كما كان متوقعا لها، ولكن في حقيقة الأمر، و للمتتبع للأوضاع السياسية في السودان يدرك أن الأمر ليس مجرد مزحة أو مصادفة - بغض النظر عن مقصد الشباب من هذه التسمية –، بل هو إعادة المشهد السياسي لما يقارب المائة عام بكل تفاصيله، وكأنما علي عبداللطيف قد أستنسخ بعدد شخوص الشباب الثائر اليوم في الخرطوم، ليتحدث عن سودان حر وشعب سوداني موحد لا تميزه القبائل أو الديانات أو المناطق الجغرافية، وإنما فقط يربطه السودان الكبير الحر الذي يتمتع فيه شعبه بحريته وكرامته و موارده كما ورد في خطابه "مطالب الأمة السودانية" في ١٦ أبريل ١٩٢٤م. وبالمقابل تحاول قيادة قوات الاحتلال اليوم - والتي هي خَلَف لقوات الاحتلال حينها كما أوردنا في مقالنا (6 – 10) – إستغلال ما يعرف بالإدارة الأهلية والزعامات القبلية والطائفية لإجهاض الثورة كما حدث عقب ثورة اللواء الأبيض حيث لجأ الإستعمار لإستخدام كل من السيد عبدالرحمن المهدي زعيم طائفة الأنصار والسيد علي الميرغني زعيم طائفة الختمية وزعامات القبائل مثل أبوسن وغيرهم للإلتفاف حول مشروع الثورة ومعاداته وإجهاضه لقاء مصالح ذاتية تمثلث في الثروات الظاهرة لأحفاد تلك الزعامات، حيث نهب قوت الشعب وأراضيه وإستغلاله وإستعباد قطاعات واسعة منه والمساعدة على بقاء الإدارة ستعمارية لضمان حماية المصالح الظاهرة اليوم، ودونكم ما عرفت بـ "مذكرة كرام القوم" التي تطالب الإستعمار بعدم إلغاء الرق في بعض مناطق السودان أملا في إطالة الأمد الذي تنتهي معه كل آثار المظالم المترتبة جراء أفعال تلك الزعامات وهو ما يفعله حميدتي والبرهان اليوم مع بعض رجالات ما يعرف بالإدارة الأهلية.
    الإلتفاف على الثورة
    عملية الإلتفاف على الثورة بدأت منذ بداية الحراك الحالي وذلك بعد توقيع عدد من الأحزاب والقوى السياسية على إعلان ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨م المسمى بإعلان الحرية والتغيير الذي أعلنه تجمع المهنيين السودانيين (إعلام حراك ديسمبر). بدأت هذه القوى التوقيع على الإعلان المعني في الأول يناير ٢٠١٩م أي بعد حوالي ٢٦ يوم منذ بدء الحراك، حيث سمّت هذه القوى نفسها (قوى الحرية والتغيير بدلا من قوى إعلان الحرية والتغيير)، مع أن الإعلان نفسه أو إعلام الحراك حينها لم يكن الأساس في الحراك الجماهيري الذي إندلع بداية في مدينة مايرنو بولاية سنار في السادس من ديسمبر ٢٠١٨م قبل أن ينتقل إلى الدمازين حاضرة ولاية النيل الأزرق في ١٣ ديسمبر ٢٠١٨م حيث أحرق بعض منسوبي الجيش خيام الشرطة التي كانت تدهس البيوت وهي تطارد الثوار، لتمتد بعدها شرارة الثورة إلى الفاشر في ١٦ ديسمبر ٢٠١٨م ومن ثم الإنفجار العظيم في عطبرة والقضارف في ١٩ – ٢١ / ديسمبر / ٢٠١٨م على التوالي. من بين القوى التي سمت نفسها قوى الحرية والتغيير قوى ظلت مناصرة للإحتلال – السابق واللاحق – كما في حزب الأمة الذي يعتبر الحزب المحافط الأول إضافة إلى الحزب الإتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي، كما ضم التحالف مجموعات إجرامية أخرى بينها مجموعة ما يعرف بمجلس الصحوة لزعيم الجنجويد موسى هلال الذي يحاول الثأر ما أمكن من حواره محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الجنجويد المحسنة إسميا بـ "الدعم السريع" علاوة على مجموعات البعث والناصرين. وبالرغم من أن تحالف الحرية والتغيير - كما في تجمع المهنيين - قد ضم شخوص وتنظيمات ليبرالية مثل حزب المؤتمر السوداني، إلا أنه كان بائنا أن السيطرة والإلتفاف من القوى المحافظة محكم جدا منذ بداية الأمر، وذلك من خلال ما ظهرت عليه مجموعات الممثلين للحراك في كلا المكونين حيث جاءت مطابقة تماما لمكون المجلس العسكري الأول، عدا ترميز محدود جدا ضمن تجمع المهنيين، وهي مسألة مجافية لواقع الحراك وطبيعة مكوناته تماما، وهذا ما يبين أن هذه القوى في مجملها بعيدة تماما عن طبيعة وأصل المشكل السوداني الذي قاد إلى الأزمة الحالية. مع أنه كان يمكن للتحالف أن يستوعب دروس الماضي من خلال الأصوات التي تنادي بالمساواة أو على الأقل إستيعاب معنى العدالة في شعار (حرية سلام وعدالة).
    إجهاض الثورات في السودان
    ما يحدث من إلتفاف وتحايل على الثورة والثوار الآن من مختلف المجموعات تارة بتبني أطروحات الثورة وتارة أخرى بالتعاون المباشر مع قوات الاحتلال، هو نهج قديم متجدد من ذات القوى الحليفة للإحتلال وقد ظهر ذلك لأول مرة عند تكالبها وإختراقها لجمعية الإتحاد السوداني وتفكيكها. حدث ذات التشويش مرة أخرى عندما تبنى السيد عبدالرحمن المهدي زعيم الأنصار - الذي حمل سيف والده إلى الملكة فكتوريا مؤيدا بالنصر على حكومة السودان المستقلة بقيادة الخليفة عبدالله تورشين ومؤكدا لولائه المطلق لها - عندما تبنى لاحقا أطروحة الإستقلال و إختطاف "حزب الأمة" المؤسس من قبل قادة اللواء الأبيض الناجين بقيادة الأمير آلاي عبدالله خليل بك إشتقاقا من خطاب السيد علي عبداللطيف قائد الجمعية للإعلام والمعنون "مطالب الأمة السودانية"، فيما تبنى الزعيم الإستعماري الآخر السيد علي الميرغني أطروحات بقاء الإستعمار التي تزعمها السيد إسماعيل الأزهري رئيس الحزب الإتحادي - خصم المقاومة السودانية اللدود -، ومن ثم لي عنق حراك الثورة وتطويعها لأجل المحافظة على المكتسبات التي جعلتهم يتصدرون عمليات السمسرة السياسية إلى اليوم وهو ما ظل يفعله السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة (السابق) وما يفعله الآن كل من السيد برمة ناصر والسيد محمد زين يوسف المنتميين لهذه الأحزاب، وهذا هو جوهر صراع سودان اليوم حيث تسعى قوى المقاومة السودانية إلى إنشاء وبناء دولة مستقرة ذات سيادة وكرامة، بينما تسعى قوى الاحتلال إلى إبقاء حالة إستتباع السودان إلى مجموعة الدول العربية والإسلامية حتى ولو كلف الأمر تفتيت ما تبقى من سودان. ففي الوقت الذي كان علي عبداللطيف يقول "الأمة السودانية" كما شباب اليوم، كانت قوى الإستعمار الثاني تقول "الأمة العربية"، وهو ما كان السبب الرئيس في إشعال جذوة المقاومة السودانية في توريت ١٩٥٥م و كذلك ١٩٨٣م. وما حدث من حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي وقتها ليلة مذبحة إعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو ٢٠١٩م بإنسحابه من الإعتصام سرا وترك الشباب لآلة الموت لهو ذات عملية تسريب مقالة علي عبداللطيف "مطالب الأمة السودانية" إلى الحاكم الإستعماري في الخرطوم في ١٩٢٢م قبل نشرها في جريدة "حضارة السودان" المملوكة للسيدين وبالتالي القبض على السيد علي عبداللطيف ومحاكمته بالسجن لمدة عام كامل. ولو أن تدخلات البرهان في عمل الحكومة الإنتقالية بصورة علانية لإعاقة وعرقلة عملها وكذلك المهاجمة الصريحة لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك منذ بداية الفترة الإنتقالية كانت قد أعتبرت ضمن الخطوات والتحضيرات الأولى لإنقلاب ٢٥ أكتوبر، فإن كل من السيد صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي والناطق باسم الحزب والسيد الصادق المهدي كانا قد باركا هذا الإنقلاب من وقت مبكر إبان لقاءهما الجنرال عبدالفتاح البرهان (سرا) في أم درمان أواخر أكتوبر ٢٠٢٠م وقبل يومين فقط من إعلان إصابة الصادق بمرض الكرونا التي أودت بحياته لاحقا، حيث قال لهم البرهان حرفيا "زولكم - حمدوك - ده ضعيف، ونحن ما بنسمح بأي فراغ"، وهو حديث صريح يكشف أن قائد الإحتلال يرغب في الإنقضاض على الحكوة الإنتقالية، إلا أنه لم يكن من بين السيدين قد ذكر شيء للعلن، فبينما رحل الثاني بعد إصابته بالكرونا مباشرة لا يزال الأول يلعب دور أنه لن يمثل الحزب في ذاك اللقاء "أنه لقاء شخصي ولا يمثل الحزب" وهي ذات الحالة المستمرة منذ إنخراطه في العملية التفاوضية مع المجلس العسكري الأول ضمن قوى الحرية والتغيير.
    زعزعة قوى الحرية والتغيير
    تجلت حالة التنافر والتشاكس في التحالف المسمى بقوى الحرية والتغيير منذ بدء الحديث عمن يتصدر المشهد من خلال طرح مسألة هيكلة تحالف الحرية والتغيير، تلتها مسألة تقسيم المواقع السيادية والتنفيذية إضافة إلى محاولات فرض رؤى آحادية والحديث عن أوزان القوى بناء على قاعدة بيانات انتخابات ١٩٨٦م، بجانب سبب ضم التحالف لقوى متباينة متصارعة متناكفة وشخوص متعددة الأوجه والتوجه والولاءات والأهداف علاوة على القوى الحليفة أو المناصرة لقوات الاحتلال في آن واحد. حيث أنه في الوقت الذي كان الشباب الثائر يقدم روحا تلو الأخرى، كان البعض من مجموع التحالف يقدم مصلحته الذاتية، سواء أكانت فردية أو تنظيمية أو حزبية، ما جعل المحافظين يدفعون نحو مشاركة قوى الاحتلال في الفترة ما بعد أبريل ٢٠١٩م - لضمان بقاءهم ومصلحتهم بالدرجة الأولى. وبينما كان الثوار يتوقعون المحافظة على وحدة الثورة من خلال صوتها العالي المعروف بتجمع المهنيين السودانيين (إعلام الحراك) كبوصلة ظلت توجه الحراك الجماهيري طوال الفترة من ديسمبر ٢٠١٨م – أبريل ٢٠١٩م، عتب على المسرح السياسي بعض الشخوص والقوى - المتنازعة تاريحيا وحديثا – التي تعمل على إستغلال الوضع لأجل مكاسب محددة وتصفية خصومات سابقة كما حدث لحظة إلتفاف قوى الحرية والتغيير (الذي ضم ياسر سعيد عرمان القيادي بالحركة الشعبية – جناح مالك عقار) على تجمع المهنيين السودانيين (الذي كان الصوت الأعلى فيه الدكتور محمد يوسف مصطفى القيادي بالحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز آدم الحلو)، حيث أصرت قوى الحرية و التغيير أن تهضم تجمع المهنيين السودانيين بصورة تؤكد ليس مقولة (الثورة تأكل بنيها) وحسب و إنما تضيف إليها بعدا آخر لتصبح أن (الثورة تأكل بنيها ومحركاتها)، وكانت تلك أولى الطعنات السامة التي تلقتها ثورة ديسمبر الحالية، لينتقل الصراع لمستوى آخر بعد أن أعلن المكون العسكري أنه يعتبر (قوى الحرية والتغيير) الممثل الأوحد للجماهير. ومع أن العملية الأخيرة - عملية تذويب تجمع المهنيين السودانيين - كانت قد أُلبِست بعض التشويش بسبب حراك بعض الإسلاميين الظاهر حينها، إلا أن الحقيقة كانت أمر آخر، لأن قوى الحراك لم تبارح مكانها كما أن الظروف في مجملها كانت داعمة لتحقيق كل ما يرغب به الحراك حتى ولو كان الأمر إعلان حكومة مدنية من طرف واحد في ميدان الإعتصام. ليظهر بعد ذلك حليف الإحتلال الأعظم (حزب الأمة) من جهة وخصمه الألد (الحزب الشيوعي السوداني) اللذين تنازعا إلى الحد الذي جعل حزب الأمة يفوز بطرد الشيوعي من تحالف الحرية والتغيير - كما سبق وأن طرده من برلمان ما بعد عبود في العام ١٩٦٥م -، وبالتالي إضعاف الحرية والتغيير للحد الذي سيطرة عليه قوى تنادي بدولة عربية ذات روح إسلامية مثل البعثيين والناصريين في بلد متعدد ومتباين ومختلف الصعد، مقابل صوت حزب المؤتمر السوداني الذي هو الآخر لم يحسم أمره في كيفية تحقيق شعاره "معا من أجل وطن يسع الجميع". ومع أن الحزب الشيوعي - الذي يحاول السيطرة على حراك اليوم بعد الإنقلاب – ظل يعتقد أنه محق منذ بداية الأمر إلا أنه في الحقيقة بسحب عضويته من تحالف الحرية والتغيير قد سدد الضربة التي أحدثت شلل إهتزازي للمكون المدني لتحالف سطلة ما بعد البشير. أضحى تحالف الحرية والتغيير أقرب لكونه الوجه الآخر للنظام الإسلامي للإنقاذ وهو ما أظهره موقف التحالف تجاه مسألة إقامة علاقات مع دولة إسرائيل في فبراير ٢٠٢٠م رفضا للقاء رئيس قوات الاحتلال البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهذا الأمر - أمر إقامة علاقات مع إسرائل - في جوهره يفسر صمت إن لم يكن رفض تحالف الحرية والتغيير الخفي لأطروحات الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو في تأسيس دولة واضحة العالم وثابتة الركائز تسندها على مبادئ فوق دستورية تستوعب جموع المكونانت السودانية دون إقصاء أو تقليل أو إبعاد لأحد، وبما يضمن السلام الدائم و الاستقرار النهائى.
    الحرية والتغيير والجبهة الثورية
    قوى الحرية والتغيير (يناير ٢٠١٩م – يوليو ٢٠١٩م) كان يمكنها أن تجعل من تنحي البشير وإستمرار جذوة الثورة فرصة لخلق أرضية مشتركة من خلال طرح سؤال المشكل السوداني أمام كل سوداني، وخصوصا قوى المقاومة السودانية الإسترتيجية وحتى أمام مجموعات المساومة التي ترى أن مجرد المشاركة في السلطة يفي بالغرض، إلا أنها آثرت التواصل مع قوى المساومة دون الإلتفات إلى تاريخ الحالات المشابهة للإستفادة من عدم تكرار التجارب الفاشلة كما حدث أعقاب خلع جعفر نميري في الفترة (١٩٨٥م – ١٩٨٦م) حيث ركزت قوى الاحتلال وبذات النهج والتفكير المحلي في أن تجري انتخابات جزئية دون النظر إلى ما تقوله قوى المقاومة وكذلك دون إعتبار أن قوى المقاومة بقيادة الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية التي أعلنت عن نفسها في ١٦ مايو ١٩٨٣م قد لعبت دورا مهما في عملية التغيير. فيما الجبهة الثورية من جانبها كان لها أن تدرك أن التحالف الجديد (الحرية والتغيير) ورغم ضمه لموالين للإحتلال، إلا أن به قوى يمكنها أن تستوعب حركة التاريخ إذا ما أتيحت لها الفرصة أن تنظم نفسها ومن ثم الجلوس معها كنِد بدلا من الإنخراط ضمنها، وهو ذات الموقف الذي إتخذه الدكتور جون قرنق سابقا والقائد عبدالعزيز آدم الحلو الآن. كلا الطرفان - قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية – حاولا التبضع في سوق الآخر، لأن الطرفان يدركان أن التغيير الذي ينادي به الشباب أمثال عبدالعظيم عمر الإمام، عباس فرح، عبدالسلام كشة، محمد الدودو وغيرهم المئات من شهداء الحراك السلمي ليس هو المكاسب التي يسعى لها الطرفان وكذلك السلام الذي ينشده السودانيون ليس سلام الإستيعاب السلطوي وقتل العدالة والحقوق التي إستشهد لأجلها الماظ ورفاقه اللاحقين. وبالنتيجة، وجدت بعض مكونات الجبهة الثورية أنه قد تم تجميد دورها من قبل الحرية والتغيير في المسرح السياسي الخرطومي – رغم إتفاق أديس بين الجانبين - لحين وضع الإطار الذي يحدد نتائج الحراك الشعبي الذي شمل كل أنحاء السودان، وهذا ما نطلق عليه "التفكير المحلي" لأن قوى الحرية والتغيير تعتقد أن الخرطوم التي هي جزء صغير من مجموع السودان يمكنها أن تفرض القرار السياسي العام الذي يشمل كل شبر من أرضه وهو أمر محال، فالفعل والقرار السياسي المقبول يتطلب مشاركة الجميع لضمان إستمراريته. إن الإنقسام الأخير وسط الحرية والتغيير إلى حرية وتغيير مجلس مركزي وحرية وتغيير ميثاق وطني لهو أمر طبيعي بين مجموعات تمارس السياسة عبر شخوص تمت صياغتهم وفق أدب سياسي أرسته قوى حليفة للإستعمار تأسس على المكر والدهاء والخداع والتآمر لأجل إجهاض الثورات والتبضع بأرواح الشهداء ودماء وعرق الآخرين لأجل مكاسب عادية. والخطير في الأمر الآن، أن سلام جوبا يكفل للإحتلال بأن يعمل على تجنيد المزيد من القوات التي تدعم صفه مثل ما يعرف بحركة تمازج التي تتألف من قوات الدفاع الشعبي والأمن الشعبي وكل مليشيات الجبهة الإسلامية، حيث أعلن السيد عبدالرحمن باخت قائد تمازج بقطاع كردفان في وقت سابق أن لديه حوالي ٩٦ الف منتسب لتمازج وهم في إنتظار عملية الترتيبات الأمنية المقررة للمجموعة وفق سلام جوبا، يحركهم في ذلك التلويح بإعطاء ولاية غرب كردفان إدارة إقليمية منفصلة عن جبال النوبة والإلتزام بعدم إعادتها ضمن جنوب كردفان إستنادا على نظام الأقاليم المتفق عليه في وثيقة سلام جوبا، وهذه هي ذات المليشيات التي نشطت إبان حرب التعريب الإنقاذية في تسعينات القرن الماضي ضد جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور أخيرا حيث قتل الملايين.
    الجبهة الثورية والحكومة الإنتقالية والسلام
    السلام، أو أي كانت طبيعة المحادثات التي إنعقدت باسم السلام في جوبا بين الجبهة الثورية السودانية والحكومة الإنتقالية لمدة عام كامل (في الفترة من أكتوبر ٢٠١٩م – أكتوبر ٢٠٢١م) هي الأخرى كانت لتكون فرصة أفضل لو لم تكرر قوى الحرية والتغيير دور حزب الأمة والأخوان المسلمون حيال محادثات وإتفاق الميرغني قرنق الذي تم التوقيع عليه في ١٦ نوفمبر ١٩٨٨م. ففي الوقت الذي تشاغلت قوى الحرية والتغيير بما تراه أهم من قضايا الحرب والسلام، إنفرد الاحتلال القح بعقد مساومة تعلقت في جوهرها حول كيفية إستيعاب الجبهة الثورية في صفوف الحكومة - كما فعل النميري في إتفاق أديس أبابا ١٩٧٢م دعما لموقفه - بدلا من مناقشة المشكل السوداني، بينما كان وفد الحرية والتغيير المدني أو على الأقل ما يظهر أنهم ممثلوه يعملون على إحضار أكبر كتلة ممكنة من قوى المقاومة حال تخلت هذه القوى عن القضايا الإستراتيجية التي من شأنها حل المشكل السوداني وهذا ما كان واضحا في اللقاءات الجانبية للسيد محمد حسن التعايشي عضو المجلس السيادي الإنتقالي (السابق) عن المكون المدني والدكتور نصرالدين عبدالبارئ وزير العدل الإنتقالي (السابق) مع بعض قوى المقاومة منها جبهة المقاومة السودانية المتحدة، بقولهم "أي زول عنده أهداف متواضعة نحن ما عندنا مشكلة نعالجها ليه، أي زول أهدافه متواضعة يجينا"، بأسلوب تغمره السذاجة ويفتقر إلى الحساسية والمسئولية ودون الشعور بأن الأهداف المتواضعة لم تكن يوما سببا في أن يموت أو يقتل أحدا لأجلها. وقد نجح رئيس وفد قوات الاحتلال المفاوض حينها الجنرال جمال عمر (وزير دفاع الاحتلال) - وسط تغافل الحرية والتغيير - في فرض رؤية المؤتمر الوطني لعملية السلام وفق خارطة الطريق الموقعة بين الجبهة الثورية ونظام البشير في مارس ٢٠١٦م – خارطة سلام المسارات - التي تنزع حق قوى المقاومة في الحديث عن القضايا السودانية الأساسية أو ما تعرف بـ (جذور الأزمة السودانية)، ومن ثم فقد تم التعامل مع الجبهة الثورية – كما أظهرت هي لاحقا - على أنها مجرد تحالف لقوى محلية متباينة تبحث عن حلول ذاتية تخصها بالدرجة الأولى بدلا من تداول أسباب الحرب وقضايا السلام وإمكانية قيام دولة مستقرة في السودان. وبغض النظر عن محتوى سلام جوبا وبإعتبار أنه دائما هناك طرق مختلفة لحل أي مشكلة، إلا أنه كان يمكن للجبهة الثورية أن تلعب دورا مستقبليا يدعم بناء الدولة والسلام لو أنها أصرت على توحيد منبر السلام أو رهن التوقيع النهائي لسلام جوبا بتوقيع كافة قوى المقاومة بعد التوافق على الحد الأدنى تجاه ما يمكن أن يحدث حال تعثرت العملية التي هم بصددها. ولو أن الحكومة الإنتقالية بقيادة حمدوك من جانبها إستغلت سلطاتها ودعم الشباب الثائر بالقدر المطلوب، كان بإمكانها فرض رؤية سلام تتأسس على حقيقة وطبيعة المشكل السوداني من خلال التنادي والتوافق من قبل الجميع حول المشكل السوداني ومن ثم كيفية معالجته ومنهجية تحقيق وبناء السلام الدائم - خصوصا بعد الإحتفاء الكبير به لدي وصوله كاودا التي لم يصلها حكومي خرطومي قبله – من خلال التركيز على جذور الأزمة السودانية بدلا من التركيز على مضاعفاتها مثل الحديث عن الأزمة الإقتصادية و وقف الحرب وكيفية إستيعاب بعض قوى المقاومة الذين لا يرون في المقاومة أسلوب حياة متواصل يؤسس لواقع يحفظ كرامة الإنسان السوداني. إن الوضع الحالي لسلام جوبا الموقع قبل أكثر من عام أشبه بإتفاقات سلام الحكومات السابقة التي ظلت تعمل على شراء الوقت من خلال إجراء مساومات مجتزأة مثل الخرطوم للسلام ١٩٩٧م، نيفاشا ٢٠٠٥م، أبوجا ٢٠٠٦م والدوحة ٢٠١١م أملا في خلق بيئة تناسب قيام دولتها المتخيلة فيما تبقى من سودان (سودان ما بعد ٢٠١١م) من خلال فرض سياسة الأمر الواقع عبر التسويف والسيطرة الكاملة على الموارد والتغييرات الديموغرافية وإعادة الإنتاج الثقافي عبر جهاز الدولة الحالية وغير ذلك، ولكنه أشبه بعملية تدوير ذات الحلم الميت الذي تغنى له السيد محمد أحمد المحجوب في "فردوسه المفقود" لينتهى ذلك الفردوس بلا رجعة متخيلة ولا إسم يخلّد ولا مجد يذكر ولا تاريخ يشرف.
    قوات الاحتلال وشراء الذمم
    بدفع مبلغ ٥٢ مليار جنيه سوداني من قبل زعيم مليشيا الاحتلال محمد حمدان دقلو لرجالات الإدارة الأهلية والقبلية الأسبوع الماضي لقاء دعم إنقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، تكون قوات الاحتلال ومليشياتها قد أعادت السودان مائة عام (إلا نيف)، أي إلى الفترة التي أعقبت ثورة اللواء الأبيض كما أوضحنا أعلاه. حيث حشد الاحتلال زعامات الطوائف الدينية والإدارة الأهلية والقبلية لأجل دعم موقفه ضد الشباب الثائر. وقد وجه السيد علي الميرغني حينها هجوما لاذعا جدا للسيد علي عبداللطيف الذي كان يحاول بناء أمة سودانية بدلا من حالة الإنقسام المجتمعي السوداني التي يستخدمها المستعمر وفق قاعدة فرق تسد حيث كتب الميرغني "أهينت البلاد لما تظاهر أصغر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم مركز في المجتمع بأنهم المتصدون والمعبرون عن رأي الامة. ان الشعب السوداني ينقسم الى قبائل وبطون وعشائر، ولكل منها رئيس او زعيم او شيخ، وهؤلاء هم أصحاب الحق في الحديث عن البلاد. من هو علي عبد اللطيف الذي أصبح مشهوراً حديثاً والى أي قبيلة ينتمي؟"، وهي ذات عمليات حشد الإدارة الأهلية من قبل قوات الاحتلال اليوم لكسب تأييد هؤلاء الزعامات القبلية وأتباعهم عبر كل من السيد محمد الأمين ترك وأحمد حسين أيوب علي دينار وصديق ودعة وصديق إسماعيل ومسار والسيسي والمك غانم ومبارك عباس والمنتصر الشيخ خالد والشيخ السلفي مزمل فقيري وغيره من الشيوخ الذين يعملون على تشويه سمعة الشباب الثائر اليوم بوصفهم على أنهم شماسة، شذاذ آفاق، "مدفوعي الأجر" أو أنهم "مخدرين أو مخروشين"..الخ مما نسمعه كل يوم.
    وبإلقاء مسح عام على هذا الحال وموقف القوى السياسية تحديدا، يتضح أن الجميع بعيدون كل البعد عن طبيعة المشكل السوداني مع غياب وإنعدام تام وسط مشروعات وأطروحات هذه القوى لرؤية قيام وبناء دولة في السودان، وهو ما يتطلب مراجعة طبيعة هذه القوى وما الذي يمكن أن تقدمه للخروج من الأزمة السودانية ومعالجة مضاعفاتها بالقدر الذي يضمن الإنتقال من حالة التوهان الحالية إلى وضع أرحب يمكن من بناء وطن تسوده قيم العدل والحرية والسلام، وطن يكون الولاء له والكرامة لشعبه.




    عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 02/05/2022


    عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 02/05/2022


    عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 02/05/2022























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de