تلاميذ الصف الاول المتوسط (سابع بالقديم) سيئو الحظ، لان نظارات مدرسي الاساس سيصعب عليها رؤية اللون البيجي والبني، فهي ستري بدلا من ذلك لونا رماديا، لا ابيض ولا اسود، وتلاميذ الفصل النائي سيكونون "لا في العير ولا في النفير"، وفي اخر السنة لن يطالوا بلح الشام ولا عنب اليمن! فحكومة الانتقال اختارت لهم "وضع انتقال" سوداني بامتياز، وفضلت وزارة التربية الحلول السهلة، بحجة انه يصعب تجفيف المدارس بالمركز، وان اقرت بامكانية ذلك بالولايات، لوجود مدارس مجففة
الوزارة منزعجة جدا من عدم توفر الكتب في موعدها، فيبدو انها احتفظت لنفسها بخط رجعة، اذا ما اجلت المرحلة للعام القادم.
قلنا من قبل ان اهم التحديات هو "تغيير" الانماط الادارية القديمة، فمعظم المعلمين اعترضوا علي تغيير النظام البائد للسلم التعليمي، ليس بسبب مناوئتهم له، بل لانهم موالون للقديم تحت تأثير سلطان العادة، فشخصية المعلم هي الاكثر قابلية للتنميط، خاصة عندنا في السودان، لان المقررات تظل لعقود دون تغيير، فيجتهد المعلم في اول سنتين ثم يكون الأمر بعد ذلك تكرار في تكرار، وكلما تقدم المعلم في السن كلما كان التغيير بالنسبة له اصعب، والمشكلة ان الاداريين في كل المستويات يُختارون حسب الاقدمية!
نحن لا نقدح في قدامي المدرسين فهم بالطبع ادري بشعاب مدارسهم، ولكن هؤلاء ارادة التغيير لديهم ضعيفة جدا، ولذلك كان الاولي للوزارة ان تختار لهذه المرحلة الانتقالية كتيبة من اساتذة الجامعات الشباب بكليات التربية، ولو علي سبيل الانتداب، وهم ليسو بعيدين عن المدارس، فكثيرا ما يحضرون للاشراف علي التدريب العملي لطلاب التربية، وهم ادري بتطور المناهج واساليب التدريس والوسائل التكنولوجية الحديثة التي اصبحت المخرج لكثير من مشاكل التعليم خاصة في زمن الكورونا.
انه لأمر محبط ان تولد المرحلة المتوسطة داخل مدرسة الاساس، وكان هناك الف طريقة وطريقة للاستقلال عن مدرسة الاساس كان يمكن مثلا ان تُختار مدرسة في الوسط من بين عدة مدارس، يوزع تلاميذها علي المدارس المجاورة، فكل فصل من المدارس الاخري سيضاف اليه خمسة او ستة تلاميذ، والمدرسة المختارة يمكن تخصيصها لنوع واحد او يمكن تقسيمها طوليا ليكون قسم للبنين والاخر للبنات، وهذا اسهل من اقتطاع فصل واحد بكل مدرسة.
من اكثر العبارات التي يرددها التربويون المثل الانجليزي: (If there is a will, there is a way) كان يفترض ان يخصص رئيس الوزراء وقتا اطول للجلوس مع الاداريين التربويين فيما يخص المسألة، خاصة في ظل عدم وجود وزير!
مشكلة كبيرة ان تصير الآن منطقة "تهميش" داخل كل مدرسة، فلن يعار تلاميذ سابع اي اهتمام، ولا اظن ان الوزارة ستكون جادة ابان المرحلة الانتقالية في تخصيص ادارات مستقلة للمرحلة المتوسطة، يتبع لها مشرفون اداريون وفنيون، ولن يجدي وجود وكيل لسابع، فطوال الحقبة البائدة لم يعرف ما يسمي ب "تفويض السلطة" فالمدير يسيطر ولو عبر الهاتف حتي وهو بغرفة العناية المكثفة، الوكيل نفسه يمكن ان يكلف بتغطية حصة في الصف الثامن، فما بالك بالمعلمين الآخرين، ثامن سيكون بالطبع محور الاهتمام، فمدرسة الاساس هي الاساس، واما اولئك المساكين فهم ضيوف، وحتما سيذهبون! عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 22/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة