· لا تزال الحملات الإعلامية المصرية الساعية للنيل من السودان حكومة وشعباً وحضارة وتراثاً مستمرة. · الحكومة طبعاً لا تعنينا في شيء، ويجب أن تعرف كيف تخلص وتدافع عن نفسها إن كان لها من وسيلة للدفاع عن باطلها. · أما ما يعنينا حقيقة فهو بلدنا وإنسانه وحضارته وتراثه وأمجاده التي شوهها البعض وقيمه وثرواته. · ما أثار حفيظة الإعلام المصري في الأيام الماضية هو تلك الزيارة التي قامت بها الشيخة موزة لبعض مواقعنا الأثرية في البجراوية. · وحالياً تروج طيران الإمارات للسياحة التأريخية في السودان، وهو ما سيزيد من حالة الغضب المصري. · ثمة من يرون أن الأمر كله إلهاء من حكومتنا التي انبرى وزير إعلامها لأول مرة في تاريخه الوظيفي ليقول كلمة حق ويدافع عن حضارة البلد الذي علمه ومكنه من وظيفته الحالية التي يستغلها أسوأ استغلال. · نتفهم دوافع الوزير تماماً. · ومن يرون أن الحكومة تريد إلهائنا بأمور تكسب من ورائها الوقت لتُحكم من قبضتها أكثر محقون فيما ذهبوا له. · معلوم جداً أن حكومتنا لا تفوت فرصة لشغل الناس بما يصرفهم عنها وعن بلاويها. · وصحيح أيضاً أن التهاون والضعف والسياسات الخرقاء والركوع لغير الخالق قد أورد السودان مهالك عديدة. · فحلايب والفشقة وغيرهما من الأراضي السودانية التي أُغتصبت مع سبق الإصرار والترصد ما كان لها أن تفلت من قبضتنا لو كان يحكمنا نظام غير نظامنا الحالي. · ولا شك في أن التغيير مطلوب في السودان اليوم قبل الغد. · لكن وحتى ذلك الحين، هل نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج على مهاترات وإساءات وبذاءات الآخرين، أم نخوض المعركة على عدة أصعدة؟! · لا نشك أيضاً في أن الكثير من أخوتنا العرب يسعون لتحقيق مكاسب لبلدانهم من وراء العلاقة بنظام سوداني لا يعرف للسيادة طريقاً. · وإن سلمنا بأن زيارة الشيخة موزة نفسها كانت جزءاً من مؤامرة على السودان.. · وأن الإماراتية التي بدأت في الترويج للسياحة التأريخية في السودان أيضاً تتآمر علينا، وهو رأي واقعي بحكم علاقات المصالح التي تربط الدول في عالم اليوم الذي لم يعد فيه شيء اسمه الأخوة والأواصر التاريخية.. الخ. · لو سلمنا بكل ذلك، فهل يكون ذلك مدعاة لأن نضرب كفاً بكف ونحن نقرأ ونسمع ما يكتبه ويقوله بعض (صعاليق) الإعلام المصري؟! · هل نضيف لخسائرنا خسارة جديدة، أم نرد لهم الصاع صاعين محاولين إيقافهم عند حدهم؟! · التفكير العقلاني والبراغماتية ( المطلوبة جداً عندما يتعلق الأمر بمصالح الشعوب) يقولان أن علينا أن نقف لهم بالمرصاد. · بل يحق لنا أن نتآلف مع الشيطان نفسه دفاعاً عن إنساننا وحضارته وموروثاته ومصالحه. · والشيطان هنا هو الحكومة قبل أن يكون بعض المرتطبين بها ( مصلحنجياً) من بلدان ومؤسسات ومنظمات. · لهذا يفترض أن نفوت الفرصة على بعض ( المتذاكين) من إعلاميي مصر الذين يحاولون كسب ودنا من خلال حديثهم عن مؤامرات أخوتنا الخليجيين ضدنا. · لسنا بهذه الدرجة من السذاجة لنعجز عن قراءة وتحليل ما يجري من حولنا وفي بلدنا. · نعرف جيداً أن القطريين لم يحرصوا على آثارنا هكذا فجأة، ولم يسعوا لترميمها حباً في سواد عيوننا فقط. · هناك دائماً مصالح متبادلة. · لكن رغم كل شيء لم نسمع حتى اللحظة باحتلال دولة قطر لجزء عزيز من وطننا. · بيع مسئولونا عديمي الضمير بعض الأراضي للقطريين شأن مختلف يُفترض أن يُحاسب عليه من فعلوه حين يأتي وقت الحساب. · أما حكومات مصر فقد سلبت أجزاء عزيزة جداً من أراضينا نهاراً جهاراً. · فأيهما أولى بالمواجهة والوقوف أمامه موقف الند للند. · ولا يجوز اطلاقاً أن نتحدث عن تكامل أو علاقات استثمار مع بلد محتل لأراضينا. · علاقات التكامل المثمر تتطلب ندية بين أطرافها. · وليس هناك إمكانية لعلاقة ندية بين السودان ومصر، في ظل احتلال الأخيرة لبعض أراضينا؟! · الأوجب والأهم أن ندعو حكومتنا في البداية أن تشمر عن السواعد طالما أن مصالحها مع النظام المصري أوشكت على الانقطاع.. ندعوها لأن تعيد الأراضي التي أُغتصبت. · ومن ثم يصبح الحديث عن التكامل ووأد الفتنة وتلطيف الأجواء وتفويت الفرصة على المتآمرين منطقياً. · أما الآن فأعتبر شخصياً مثل هذا الكلام تآمراً من نوع مختلف. جنسيتنا والقنبلة الموقوتة: · يشفق الكثيرون على جنسيتنا التي أصبحت متاحة لكل من هب ودب. · ويرى هؤلاء المشفقون ما لا تراه الحكومة التي تفكر دائماً في مصالح آنية ضيقة. · فمن تتكرم عليهم حكومتنا اليوم بالجنسيات وتمنحهم فرص العمل والعلاج والاستثمار مثل أي سوداني آخر، بل تتيح لهم فرصاً أكثر مما هو مُتاح لأبناء البلد الأصليين، هؤلاء يشكلون قنبلة موقوته قابلة للانفجار في أي وقت. · ولا تستبعدوا يا أصحاب النظرة الضيقة من القائمين على أمر البلد أن تكونوا أنتم أول الخاسرين من جراء مثل هذا التساهل غير المسبوق في منح الجنسية السودانية. · قد يأتي يوم تندمون فيه كثيراً، سيما أن الجنسية تُمنح للكثير ممن لا وفاء أو عهد لهم، ودون تمحيص لأخلاقهم أو توجهاتهم. · منطقي جداً ألا تتوقع وفاءً أو غيرة على تراب البلد ووحدته وسلامة وأمن مواطنيه من شخص يحصل على الجنسية نظير مبلغ مالي أو مصلحة تربطه بأي من النافذين في دولتنا. · فإلى متى سيستمر هذا العبث الذي تتزايد معه المخاطر على أمن وسلامة البلد وأهله الحقيقيين؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة