في يوم مباراة مصر والجزائر التاريخية كانت مراسلة تصرخ على الهواء.. في ذاك اليوم لم يتوقَّع المصريون أن تساند الجماهير السودانية دولة بعيدة في المغرب العربي ضد بلدهم.. نعود للسيدة التي كانت تصرخ وتصور أن الغزاة الجزائريون يحاصرون البعثة المصرية.. تطاولت تلك السيدة على السودان حينما وصفت مطار الخرطوم بأنه مجرد (أوضتين وصالة).. في ذاك الحماس انزلق الجانبان في حرب إعلامية شرسة.. ولأن الناس على دين إعلامهم كادت العلاقة الثنائية أن تضرب تحت ظلال الأقلام والأصوات العابرة للفضاءات. أحسست بتكرار ذات السيناريو ودكتور أحمد بلال وزير الإعلام يصرِّح بغضب عن الإعلام المصري حيث قال حسب الزميلة "الانتباهة": "الإعلام المصري يتطاول بصورة غير محتملة وغير لائقة". في ثنايا ذات الخبر كانت الإشارة واضحة لأجهزة الإعلام غير المملوك للدولة في مصر.. الوزير الذي يتزعم حزباً بنى أمجاده في الدعوة للوحدة مع مصر استنفر قواعد الصحافيين قائلاً: "أي زول عاوز يكتب دفاعاً عن السودان عليه أن يكتب".. بعد تلك التصريحات الغاضبة كتبت "الانتباهة" الأقرب للحكومة: "الحكومة تمنح الضوء الأخضر للرد على تطاول الإعلام المصري".. نتائج تلك التصريحات أوحت بوجوب (التنشين) على (التختة) المصرية. في البداية يجب الإقرار أن الإعلام المصري غير راضٍ عن التوجهات السودانية.. هذه الروح الغاضبة تتوافق مع رؤية بعض مراكز القوة في الحكومة المصرية . هذه المراكز لا تنظر بعين الرضاء للتقارب الخليجي السوداني والذي لم يمر عبر البوابة المصرية.. بل إن السودان طرح نفسه كبديل للقوة البشرية المصرية في أحداث اليمن.. كما أن موقف السودان غير المتسق مع مصر في ملف سد النهضة زاد من هواجس هذه المراكز.. كان لزاماً على هذه المراكز أن تقدم اتهامات يسهل تسويقها شعبياً عبر آلية الإعلام.. هنا برزت قضايا مثل استضافة السودان لبعض جماعات المعارضة المصرية ذات الخلفيات الإخوانية. في ذات الوقت كان هنالك تيار عقلاني في مصر يرى أن الوقت غير مناسب لإثارة خلافات مع الجار الجنب.. هذا التيار كان يضيق على المعارضة السودانية ويمنع الإمام الصادق من الصلاة في ميدان كبير بمناسبة عيد الأضحى.. فيما يبدو أن الرئيس السيسي من رموز هذا التيار صاحب الصوت الخافت.. المشير السيسي زار السودان في أوقات صعبة.. كما هنالك حقيقة أن الإعلام المصري خاصة المنتهي نسبة إلى شركات تمولها طبقة رجال الأعمال يتمتع بحرية أكبر مقارنة برصيفه السوداني.. مساحة الحريات هذه بدأت تزيد يوماً بعد يوم منذ عهد الرئيس أنور السادات وبلغت قمتها في سنوات الرئيس حسني مبارك. في تقديري أن ضبط النفس مهم للغاية في هذه المرحلة خاصة من الجانب السوداني.. مصر سيكون لها دور دولي عبر المسرح الأمريكي.. الرئيس ترامب يتعامل بواقعية مع ملفات الشرق الأوسط.. فيما كان سلفه أوباما المنحدر من خلفية قانونية يهتم كثيراً بتغليب المبادئ على المصالح.. عطفاً على هذا الموقف كانت إدارة أوباما متحفظة على دعم حكومة السيسي التي جاءت على أنقاض حكومة منتخبة ديمقراطياً.. وبما أن معركة السودان الكبرى ستكون في واشنطن لنيل البراءة النهائية في امتحان يوليو المقبل المُفضي لرفع نهائي للعقوبات الأمريكية على السودان.. لهذا من الأفضل احتمال أذى هذه المراكز ولو إلى حين. بصراحة.. لم يكن الإعلام السوداني في انتظار صافرة البداية الحكومية ليبدأ الدفاع عن السودان.. بل كان من الأفضل أن تبتعد الحكومة من الدخول في معركة من يخوضها ستتسخ ملابسه مهما كان حذراً. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة