صحيفة الجريدة سفينة بَـــوْح – إنطلاقاً من (فرضية) أن رئيس البرلمان هو بمنظور أخلاقي بحت يُمثِّل قيادة أعلى مجلس للحكمة والعدل والقانون ، حق لنا أن نستغرب تصريحا الدكتور إبراهيم أحمد عمر تداولته صحف الأمس حول رأيه في الصحافة والصحفيين والذي إختصره في جملة (لن أشكر الصحافة لأنها كاذبة وغير أمينة) ، أما فيما يتعلق بالحكمة والإتزان اللذين تستوجبهما المرحلة السنية وقداسة المنصب للدكتور إبراهيم عمر رئيس المجلس الوطني فقد راعني ما شابهما من (خلل) و(تجاوز) لايليق بمن هو في مقام نصح الآخرين بالتروي والإمتثال إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ، وكذلك فضيلة الإعتداد بموروثاتنا الأخلاقية السودانية المحلية البحتة والتي عبَّرت عنها الكثير من الأمثال وفي مقدمتها (لسانك حصانك كان صنتو صانك وكان هِنتو هانك ) ، أما ما سبق فهو عن الوجه الشخصي لإنطباعاتي عن التصريح المنشور أعلاه ، أما موضوعياً فعلى السيد رئيس المجلس الوطني أن يتفهم الوضع المذري لعلاقة الصحافة مع المجلس الوطني ونوابه ولجانه المتخصصة من منظور أساسي يجب أن يبدأ من نقطة البداية التي تفرضها قواعد (الشرعية) في إختيار من يمثلون آمال وطموحات الشعب السوداني الذي بلا شك يستحق أفضل (السبل) و(المناهج) التي تضمن أن من يأتي نائباً عن دوائره قد جاءها تحت أُطر النزاهة والشفافية والديموقراطية المتفق عليها والمبنية بالضرورة على فكرة التساوي والعدالة في موجودات خوض المعركة البرلمانية ، فضلاً عن (حتمية) إفساح إمكانية المشاركة لشتى ألوان الطيف السياسي وأقاصي مساحات الإختلاف الفكري والبرامجي ، يجب على رئيس البرلمان أن يعلم أن ثُلة ًمهمة وشاسعة العدد من أبناء هذا البلد وبينهم صحفيين لم يُصابوا بعد بداء (الزهايمر والنسيان) السياسي ، وهم أيضاً لم يدخلوا في (غيبوبة) تصديق ما تم تأسيسه خارج قيود المنطق والقواعد الطبيعية لبناء المؤسسات والمشاريع والأفكار ، ما سبق ذكره هو أهم ما يمكن أن يدفع بالدكتور إبراهيم عمر إلى تفهم (الإطار) العام الذي يجعل من علاقة المجلس الوطني بالصحافة والصحفيين (صراعاً) وسوء تفاهم دائم وإنعدام ثقة ، أما على مستوى المنظور العام للمهنة الصحفية فبلا شك لا يخفى على حصيفٍ ومتدبر أن مهمة الصحافة الأولى هي كشف الحقائق وإيداعها عقول الجماهير ، هذه الحقائق أحياناً لا توافق (تمنيات) الحكومة ومؤسساتها وأشخاصها ، ولذلك ببساطة لا يمكن في هذه الحالة أن تنشأ بينهما علاقة (الحب الرومانسية) التي ينشدها رئيس المجلس الوطني إلا إذا تحولت الصحافة إلى مجرد بوق يردد أمنيات وأفكار وأحياناً (ترهات) المؤسسات ونافذيها ، ومن ناحية أخرى فإن الصحافة والصحفيون معنيون بالتعبير عن إرهاصات الشارع العام وآماله وطموحاته ورغباته التي ينشدها من الدولة ومؤسساتها ، وقد كان مجلس النواب (حسب وجهة نظري الشخصية) مُخيِّباً لآمال وتطلعات الجماهير في قضايا مصيرية كثيرة مرَّرتها السلطة التنفيذية عبر المجلس بيسر وسهولة وأحياناً دون إخطار ، مثل ما يحدث سنوياً من تغاضي عن تقارير الفساد الإداري التي يوردها ديوان المراجع العام والتمرير (الأوتوماتيكي) للميزانيات التي لم يستهدف أغلبها الإستراتيجيات التنموية الصابة (مباشرة ) لصالح تحسين المعيشة اليومية لعامة الشعب والكادحين ، فضلاً عن تمرير رفع الدعم عن الوقود وعن غاز الطعام بكل مافي ذلك من أثر بليغ ومؤذي لحالة البسطاء والذين هُم المعنيين الحقيقيين بخدمات ومجهودات البرلمان ، إن (الثقة المتابدلة) بين جهتين لا تُستجدى ولكنها تُبنى بالعمل والتواصل الصادق تحت مظلة (المصلحة القومية) للبلاد والعباد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة