:: مسرحية الزعيم، من أروع أعمال النجم العربي عادل إمام، وفيها مشهد تعريف الزعيم بوزراء حكومته وهم يقفون صفاً وبعيداً عنه، وفجأة يثرثر أحد الوزراء ويتنطع بصوت عال، ليسأل الزعيم مساعده : ( دا وزير معانا؟).. تذكرت المشهد عندما صدرت صحف الأمس على قائمة أخبارها تصريح غريب لوزير الصحة بولاية الخرطوم، فسألت نفسي لا إرادياً : (دا لسة وزير معاهم؟).. فالرجل كان قد وعد الرأي العام - قبل أشهر - بمغادرة المنصب بعد شهرين ..!! :: وأما التصريح الغريب، فبالنص : ( مرضى الولايات يستنزفون 80% من موارد الخرطوم).. يستنزفون، هكذا كانت الكلمة باللون الأحمر على صدارة أخبار بعض الصحف، وهي كلمة معيبة في هذا المقام، وما كان يجب أن (تٌقال وتٌكتب).. مرضى الولايات ليسوا تجار حرب ليستنزفوا الموارد، ولا هم من المفسدين ..فالذين يستنزفون موارد الخرطوم - وكل السودان - هم دعاة الحرب والإرادة العاجزة عن السلام، وكذلك من ينهبون أموال الناس بالتحلل و ( أم غمتي)، ومن يهدرونها في المشاريع الفاشلة و ( الحزبية)..!! :: ثم أن مشافي ومراكز الخرطوم التي تستقبل مرضى الولايات كانت (قومية)، ولم تكن لولاية الخرطوم في ميزانيتها جنيهاً، ولكن مراكز القوى بالخرطوم هي التي إستولت على هذه المشافى بفكرة (الأيلولة)، فلماذا تتباكى الخرطوم ووزارتها ؟.. وعليه، حفاظاً على موارد الخرطوم بحيث لا يستنزفها مرضى الولايات - كما يصف الوزير مامون حميد - فلتعد هذه المشافى والمراكز إلى السلطات الإتحادية كما كانت (قومية).. فالأيلولة من التجارب الفاشلة ..!! :: وتحسباً لمثال هذا التباكي، حذرنا وناشدنا ونصحنا - في عام الآيلولة - بالإبقاء على المشافي والمراكز المرجعية بالخرطوم (كما هي).. ولكنهم كابروا وقرروا أيلولة كل المشافي إلى ولاية الخرطوم، بما فيها المرجعية والتعليمية.. والقرار لم يكن منطقياً.. فالتعليم العالي (مركزي)، ومن الطبيعي أن تظل المشافي التابعة للجامعات (مركزية)، ليكون هناك تنسيق ومتابعة ما بين (الوزارتين المركزيتين) ..وكذلك لم يكن منطقياً تجريد الوزارة الإتحادية من سلطة إدارة المشافي المرجعية و المراكز القومية التي تستقبل المرضى من كل أرجاء البلاد..!! :: ثم في طول الدنيا وعرضها، ما عدا السودان طبعاً، وزارات الصحة الإتحادية هي المسؤولة - بالإدارة والتمويل - عن هذه المرحلة العلاجية (المشافي المرجعية)، بيد أن السلطات الولائية والمحلية تكتفي بإدارة وتمويل مراحل العلاج الأولية والثانوية (المراكز الصحية والشفخانات)..ونصحناهم - في عام الأيلولة - بالوقوف على تجارب الآخرين والإقتداء بها..كل دول العالم تقريباً، حتى الدول الغربية التي تقدس الحكم اللامركزي، لم تترك حبال بعض المشافي للولايات والمحافظات ..ولكن السادة هنا - كالعادة - لم يتستبينوا النصح.. ربما ليتباكوا على موارد الخرطوم..!! :: لم تسبق قرار الأيلولة دراسة تثبت قدرة الولايات على إدارة المشافي بالتمويل المطلوب والكفاءة الكافية.. وقبل قرار الأيلولة، لم تكن هناك تجربة سابقة بحيث تكون نموذج مستشفي أو مشافي تدار ( ولائياً)، وتصلح تطبيق التجربة على كل السودان .. وكذلك لم تسبق قرار الآيلولة خارطة صحية توزع المشافي المرجعية والثانوية والمراكز الصحية حسب الخارطة المعتمدة في منظمة الصحة العالمية، بحيث يتم التوزيع بعلمية ومهنية و(عدالة)، حسب الكثافة السكانية لكل ولاية ولكل محلية ..وكان طبيعياً أن يتوافد مرضى السودان إلى الخرطوم.. بحثاً عن العلاج، وليس ليستنزفوا موارد الخرطوم ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة