ظاهرة الاعتقال غير المشروع والخطف والتعذيب والقتل التي تقيد ضد مجهول اتسع نطاقها وكلها تدور حولها شبهات ارتباط بجهات سيادية ، وبدلا عن
المبررات الأمنية تحول الأمر الى انتقام باستخدام سلطات الدولة على نحو اجرامي . والقانون (المسكين) يجرم الأمر باقتراف جريمة ، ولا يفلت من العقاب لا الآمر ولا المأمور حتى ولو كانت هناك سلطة للآمر على المأمور مادام هذا الأخير ليس قاصرا أو عديم الأهلية. كما فصلناها في مقالنا السابق عن المسؤولية الجنائية عن قتل الطلاب والمتظاهرين . إن الخطورة في استمرار الجهات العدلية في تجاهلها لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم يؤدي الى نتائج كارثية ؛ حيث يفقد الشعب الشعور بالأمن وهيبة واحترام القانون ويؤدي الى بروز فكرة الانتقام الشخصي لاسترداد الحقوق السليبة ، وهذا بالضرورة يؤدي إلى الشعور بالغل والغبن ويوفر بيئة خصبة لنهج العنف. إن هذا النظام يغذي العنف ويغذي الغبائن والسخط العام عبر تصرفات أجهزته وأفراده .. هذه الأجهزة التي من المفترض أن تتمتع بالمؤسسية واحترام حقوق الانسان وهؤلاء الأفراد الذين من الواجب عليهم أن يكونوا على قدر المسؤلية الملقاة على عاتقهم . حفاظا على ما تبقى من احترام للسيادة والقانون والنفس. واقعة قيام مسؤول زير نساء بمعاكسة زوجة أحد المهندسين راجت وقائعها في وسائل التواصل الاجتماعي والوتساب والمواقع الالكترونية ولم تعد خافية ، وكان من المفترض أن يتحرك القصر للتحقيق في مدى صحة هذه الوقائع ومعاقبة مرتكبها إن صحت ، ولكن وللأسف الشديد سد القصر أذنيه وعمى بصره ربما استخفافا بالشعب وربما لعلو نفوذ محل الشبهة ، وكان على رئيس الجمهورية نفسه أن يتخذ هذه الاجراءات بنفسه ، فهو الذي يتلقى يوميا تقارير وافية عن الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي بالبلاد. إن صمت الرئاسة هو عدم ادراك وعدم تقييم حجم رد الفعل الشعبي الذي يمكن أن يحدث بعد ازدياد حالات الضغط الأمني والسياسي والاقتصادي عليه ؛ فالانفجار يمكن أن يحدث في أي وقت وسيسقط المزيد من الضحايا وستراق المزيد من الدماء . إن الاستخفاف بالغضب الشعبي هو أول مبادئ انهيار المنظومة الحاكمة ، ففي اللحظة التي يغيب فيها الاحتياط يخرج الشارع في هبة واحدة ولحظة واحدة خاصة وأن الشباب تغلي دماؤه اليوم والأسر تعاني معاناة شديدة ، وكل ما يحدث لا يبعث على الأمل أو التفاؤل. فالحذر حين يفقد المرء كل ما يملك ؛ هنا فقط لن يكون أمامه ما يخسره. وندائي الأخير هو تفعيل القانون حتى لا يكون مطبقا فقط على فئة دون أخرى بل يتساوى أمامه الجميع ، وهذا أقل ما نأمله في دولة دكتاتورية. 17 سبتمبر 2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة