قبل أيام كنت أقف مع أحد الأصدقاء في قارعة الطريق..لاحت في الأفق سيارة فخمة مظللة الزجاج تجلس في مقعدها الخلفي فيما يبدو سيدة مهمة..صديقي الذي يعرف العربة وصاحبتها أشار بسرعة إلى بتعبير أن (الدنيا ما بتدي حريف) ..حينما تسللت العبارة إلى دواخلي حاولت أن أبحث عن ما ينقص صاحبة الاسم الكبير..المفقود فقط زوج يقف معها في السراء والضراء..شعرت في البداية أن تخميني غير صحيح..لكن كان صاحبي يقف في ذات النقطة ..اتفق كلانا على أن هذه السيدة تزوجت السياسة . تبدو الظاهرة في كل حزب سياسي أو حركة اجتماعية ..سيدات ناشطات فاتهن قطار الزواج بسبب انشغالهن بالعمل السياسي.. حساسية الظاهرة أن الجميع يقف عندها ولكن لا أحد يريد أن يفتح باب النقاش بشكل صريح..بعضهن تزوج ومات الزوج أو قتل بفعل أعاصير السياسة فتحتم عليهن بذات فقه السياسة الوفاء للرجل الغائب..فيما أخريات وصلن الزمن الضائع وما زال الانتظار سيد الموقف ..الجميع منشغل بمعركة اليوميات السياسية. ربما البعض يعتبر أن القضية شخصية ولا يجدر بنا مناقشتها بهذه الصراحة..لكن الحقيقة غير ذلك تماماً..نحن نمارس أنانية ذكوريّة حينما نتجاهل هذا الملف..الانشغال بالسياسة والحضور المكثف في يوميات العمل العام يجعل هؤلاء البطلات مجرد ضحايا..الرجال يخشون منهن..والبعض الآخر يعتقد أن لهؤلاء المنتظرات مواصفات عالية لرفيق الحياة..بغض النظر عن الخلاف تظل النتيجة واحدة ان هذه التضحية غير مثمنة من جانب الرجال. كل من يقرأ هذا المقال سيمر بخاطره طيف من كبير من هذه النماذج..لكن في الأغلب الأعم لن تتحرك مبادرة في هذا الملف المسكوت عنه..رغم ذلك علينا أن نرمي حجراً وننتظر..ليس المطلوب مشروعاً صاخباً مثل الزواج الجماعي ..لكن مطلوب حركة في كل التنظيمات السياسية والاجتماعية بغرض إنصاف من هن في الانتظار.. لا توجد امرأة في السودان تملك الجرأة لتقول أبحث عن زوج..وتصبح المهمة أصعب حينما تكون المعنية بالأمر صاحبة اسم كبير. في مثل هذه الملفات علينا أن نبحث عن الكبار لأحداث الاختراق..ماذا لو اهتم بهذا الملف الإمام الصادق المهدي وهو مفكر لاتنقصه الجرأة..كما من الممكن أن نقترح ذات الأمر على الأستاذ إبراهيم السنوسي الذي من الممكن أن يمضي في هذا الملف من موقعه السياسي في القصر أو رمزيته التاريخية في الحركة السياسية. بصراحة ..علينا ألا نغمض أعيننا ونعتبر أن العنوسة السياسية مجرد قضية شخصية وأن الظافر لم يجد موضوعاً فسود هذه الصفحات بهذه الكلمات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة