سامحهم الله حكامنا الذين فتحوا البلاد لمن هب ودب ، سيرون الويل ، وسترتكب جرائم لم نسمع بها من قبل ، فالشعب السوداني معروف على مر التاريخ بأنه شعب تربية صوفية ، مسامح ويتنازل من حقه لضيفه ولصديقه ولأهله .لكن الشعوب التي جاءت للسودان جاءوا من خلفيات ثقافية مختلفة ، لذلك ردة فعلهم ستكون بلاشك مختلفة ،وعلى وزارة الداخلية والشرطة وغيرها من الاجهزة الامنية أن تعمل حسابها .
المهم سنواصل حديثنا الذي بدأ المرة الماضية ، حول حماية الخرطوم وغيرها من المدن من مخاطر السيول والنظافة ، وما يدور حول هذا الموضوع ، فالخرطوم وغيرها من المدن السودانية حكايتها حكاية ،لامياه لاكهرباء ولا مجاري ولا طرق ولاجسور ولا حتى زهور .والله حكايتنا طويلة ، وحالنا لايسر العدو، والواحد فينا لايدري يشتكي من ماذا ، ولا ادري ماهي الخدمات التي تحتاج الاولوية منا. كلها مهمة ومهمة جدا. لاندري إلى من نشكو وإلى من نقول. الخدمات هي ضرورة الحياة العصرية ، كلها لاتقل اهمية عن الطعام والماء والهواء. لكن احدهم قال ان الدولة ليست جمعية خيرية حتى تعمل على حل مشاكل المواطنين .
في تعليقات قراء الراكوبة نستقي الكثير من المعلومات المهمة، وفي الغالب تعليقاتهم تشتمل على اسرار وحكايات مهمة جدا ، ففي احد المرات قال احدهم أن هناك شركة قدمت دراسة جدوى لتوصيل مياه النيل الابيض الى اهلنا في كردفان ، وهذه الشركة لم تطلب اموالا من الدولة بل طلبت آلية تساعدها في تحصيل حقوقها . يعني موظفين الدولة الذين يجلسون في المكاتب بلا عمل ، يمكنهم أن يساعدوا في ذلك ، لكن احد الظرفاء قال لم يؤخذ الموضوع بمحمل الجد لأن المسؤولين لم يجدوا منفعة مادية لهم من هذا الامر. والماء هو الحياة كما نعلم جميعا ، والماء النقي هو الصحة ، لأن تلوث المياه هو سبب الاسهال المائي والكوليرا وغيرها من الامراض الفتاكة.
الدولة الذكية هي الذي تقوم بتوفير الخدمات من مياه وكهرباء شبكات مجاري واتصالات ومحلات وشقق سكنية الخ.. ، حتى تستطيع أن تحصل الرسوم والضرائب مقابل هذه الخدمات. بصورة متحضرة وراقية بدلا من التحايل علينا مثل رسوم زيارة المقابر وشراء خروف الاضحية وتذاكر المواصلات ورسوم حتى على الاحلام والكوابيس المزعجة التي تزورنا ليلا.
الخدمات الضرورية الحديثة هي الكهرباء والمياه وشبكات المجاري والاتصالات ، تحتاج إلى تمويل بمبالغ ضخمة ، الدولة عندنا في السودان لاترغب في الصرف عليها ، لأن تلك ليست من اولوياتها لأن اولوياتها تتمثل في الامن والدفاع والاحتفالات الاستعراض وغيرها من انواع ( الفشخرة) الكذابة. واذا الحكومة لاترغب في توفير الخدمات ما عليها الا ان ترفع يدها تماما وتسلم الامر لشركات عالمية ذات سمعة طيبة في استطاعتها تقديم خدمات تتميز بالجودة والاستدامة . لا لصوص ينهبون دون توفير الخدمات.
في مشروع الجزيرة كانت هناك نسبة 2% من الدخل تخصص للخدمات الاجتماعية ، وهذا المبلغ البسيط اسهم في اقامة خدمات متميزة في تلك الازمان ، حيث شيدت المدارس والعيادات والشفخانات والعيادات البيطرية والاندية الرياضية والاجتماعية والسينما المتجولة والاتحادات النسائية وفصول محو الامية وتوفير عمال النظافة ، وخدمات مكافحة الحشرات ، واقامة قنوات التصريف وعمل حماية للقرى المنتشرة في المشروع من اخطار الخريف ، والكثير والكثير.
لا أدرى لماذا نحن هكذا ، كل منا يحاول حل مشكلته فقط ، ولاينظر إلى من حوله ،وبلاشك هذا خطأ ، لكن الدولة هي التي يجب عليها القيام بإصلاح ذلك ، لكن موظف الدولة مثل فاقد الشيء لايعطيه ، وفي زمن الانقاذ اصبح الموظف يبحث عن اسرع الطرق لجمع الاموال الحرام. على الرغم من التمسح بالإسلام.
عدم توفر الخدمات الضرورية وتراكم النفايات بسبب عدم التزام المحليات بنقل الفضلات التي تتسبب في توالد الذباب والبعوض وغيرها من الحشرات الناقلة للأمراض والميكروبات والجراثيم ، ونحن نعمل على تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى ، لذا علينا الاقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف ( النظافة من الايمان) . وهذه من اولويات سلوك المسلم ، يعنى الشخص غير النظيف غير مؤمن، يجب علينا ان نعمل بشتى السبل على الخروج من سلوكيات القرون الوسطى ، ونواكب العصر الحديث ،في مختلف امور حياتنا , حيث يجب ان نسكن في مدن حديثة مدمجة يسكن فسها اكبر عدد من الناس في اصغر مساحة من الارض ، لأن ذلك بلاشك يوفر الكثير من الوقت والماء والمن والراحة والطمأنينة.
مسكننا ينقصه الكثير والكثير ، نريده مدمجا ويشتمل على كافة اساليب الحياة العصرية ، من انترنت لاسلكي قوي و غاز مركزي وتكييف هواء مركزي ، حمامات ودورات مياه راقية ونظيفة ، كهرباء لاتنقطع ومياه نقية ولاتنقطع ، وطرق مسفلتة وتزينها الخضرة بكل الاتجاهات ، ونريد مدارس ومستشفيات واسواق ومحلات تجارية في نفس المبنى و لاتحتاج السفر ، كل ذلك ممكنا اذا كان هناك حاكم عادل ، ومسؤول لديه خيال واسع ونشط ولديه شجاعة اتخاذ القرار الصحيح والمناسب في الوقت المناسب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة