:: هناك أشياء يجب توثيقها وعرضها لهذا الجيل والأجيال القادمة، بحيث يكون العنوان العريض لهذه الوثائقيات : هكذا كانت تُدار الدولة وشعبها واقتصادها .. وصومعة الغلال بالقضارف من هذه الأشياء التي تستحق التوثيق والعرض، ليس للمتعة، بل لتكون عظة وعبرة لمن يديرون اقتصاد البلد.. صوامعة الغلال بالقضارف، تم الإنشاء في العام 1967، وكانت أكبر صوامع الشرق الأوسط، وثاني أكبر صوامع إفريقيا، بعد صومعة بنيجريا ..!! :: وتم إنشاء هذه الصومعة لأهداف إستراتيجية، منها تخزين الحبوب لفترة لا تقل عن (10 سنوات)، وكانت الخبرة السوفيتية قد زودتها بكل العدة والعتاد، وشيدتها بالمواصفة التي تحافظ على الحبوب كما يوم حصادها .. وتبلغ سعتها التخزينية (100.000 طن)، إذ تتكون من ( 144 خلية تخزين)، بحيث تسع كل خلية ( 600 طن)، ثم ( 96 خلية تخزين)، بحيث تسع الخلية (150 طن)..وتعمل بطاقة استلام قدرها ( 525 طن /الساعة )، ثم طاقة شحن بمعدل ( 175 طن / الساعة ).. ولذلك تم تصنيفها - في ذاك العهد - بأنها أعظم صوامع الشرق الأوسط وإفريقيا ..!! :: وعليه، فان الفترة الزمنية ما بين عامنا هذا وعام إنشاء هذه الصومعة العملاقة بالقضارف نصف قرن تماماً .. (50 سنة)، صعد خلالها البعض إلى القمر أكثر من مرة ويجتهد البعض الآخر في الصعود إلى المريخ .. ولكن في بلادنا، رغم مرور خمسون عاما على إنشائها، حين ضاقت سعة تلك الصومعة العملاقة في تخزين إنتاج زرع أهل القضارف، لم تجد عزيمة وخيال وزارة المالية والبنك الزراعي حلاً علمياً - مواكباً لأزمة التخزين في الالفية الثالثة - غير طمر الإنتاج في الأرض ..!! :: فالسادة بالمالية والبنك الزراعي وبنك السودان والمخزون الإستراتيجي، سنوياً ينصبون الصيوان ويحتفلون بالقضارف يوماً كاملاً .. نعم يحتفلون سنوياً، ليس بمناسبة إفتتاح صومعة غلال بحجم صومعة غلال العام 1967، ولكن بمناسبة إكتمال عمليات حفر و دفن الذرة في باطن الأرض .. يدفنون قوت العام كما النمل، ثم يحتفلون بلا حياء..وبعد الإحتفال فوق مقابر الذرة ، يعودون إلى الخرطوم ويعدون المزارع بالصوامع ..نعم منذ سنوات، وعقب مراسم دفن الذرة مباشرة، يعدون المزارع بأنهم أعدوا دراسات الصوامع، وانهم تلقوا عروض الشركات، و أنهم ... و أنهم ... !! :: مجرد وعود موسمية لتغطية مشاهد الحفر والردم ..وفي العام 2013، أي قبل أربع سنوات، صدر آخر توجيه رئاسي - ولن يكون الأخير- لوزارة المالية والبنك الزراعي بانشاء صوامع غلال بالقضارف، بحيث بها تتجاوز البلاد وسائل تخزين القرون الوسطى، وبحيث لا تتعرض ملايين الأطنان من الذرة - تحت الأرض - للمخاطر .. واليوم، رغم مرور أربع أعوام على التوجيه الرئاسي، فان الأكوام الترابية العملاقة - التي تحتها ما يسمى بالمخزون استراتيجي - هي أوضح معالم القضارف ..!! fb
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة