:: بجنوب افريقيا، قبل أن ينقذها الراحل نلسون مانيلا من درك العنصرية والمحاباة والمحسوبية وفساد الدولة وإنحياز القانون، يحكى أن سائقاً من البيض صدم افريقياً من المارة عند نقطة عبور المشاة وأصابه .. ومع ذلك، بعد إجراءات التقاضي، وأمام المحكمة، سأل القاضي الأبيض الإفريقي المجني عليه : ( بسرعة كم كنت تسير على قدميك عندما صدمت عربة هذا السائق؟)..هكذا بدا الافريقي المُصاب مداناً أمام المحكمة وهو المجني عليه و الشاكي .. إنها المحاباة في أقبح الملامح والمعالم ..!! :: ولجنة المراجعة التي شكلها والي الخرطوم لمراجعة عقود وزارة الصحة عقب التحقيقات التي أجرتها (اليوم التالي)، فان هذه اللجنة الولائية لا تختلف كثيراً عن محاكم جنوب إفريقيا ما قبل مانديلا ..والشكر لله على بصيرة حالت بيني و التلوث بهذه اللجنة، ثم الشكر لأصدقاء لا يبخلون بالنصح الراشد..فالمحاباة التي إستنشقت رائحتها النتنة - في شكل اللجنة - كانت من أسباب إستقالتي عن عضويتها يوم تشكيلها، وكتبت فيما كتبت - في خطاب الإستقالة - بالنص : ( لا يستقيم عقلاً وعدلاً أن تُحقق الوزارة مع ذاتها)، ثم طالبت بإحالة الملف إلى وزارة العدل ثم نيابة الأموال العامة..!! :: وها هي الأيام تكشف - ثم تثبت - صدق حديثنا، وتفضح نوايا اللجنة ونتائجها المرتقبة .. لم تُكمل اللجنة أعمالها، ولم ترفع تقاريرها، رغم أنها تجاوز الشهر عُمراً .. ومع ذلك، أي بعد إقراره بأن اللجنة لاتزال في مرحلة الإجتماعات وجمع المعلومات، خرج مقررها - يوم أمس - إلى صحيفة الصيحة مُدافعاً عن وزير الصحة وجامعته، ومهاجماً اليوم التالي والطاهر ساتي .. نعم، صفحة كاملة - طولاً وعرضاً - دفاع صلد عن الوزير والجامعة واللجنة، و إستنكار لتقارير اليوم التالي و إعتذاري عن عضوية اللجنة ..!! :: ومقرر اللجنة هو مدير عام الوزارة.. وإصطحب معه في رحلة الدفاع والهجوم مسؤول آخر يحمل صفة مدير الطب العلاجي بالوزارة.. أي كما يساعد مقرر اللجنة وزيره في الدفاع عن نفسه، فأن هذا الإداري أيضاً يساعد المقرر في الدفاع عن (وزيرهما)، وكل هذا تحت سمع وبصر الناس، وليس في دهاليز إجتماعات اللجنة .. وعلى سبيل المثال، نقرأ دفاعهما بالنص : ( تم إبرام العقد بين وزارة الصحة وجامعة العلوم الطبية قبل أن يصبح مأمون حميدة وزيرا للصحة، وإلتزمت الجامعة بكل الإنشاءات)، هكذا الدفاع الجهيرعن الوزير وجامعته .. فإن كان المقرر يسبق المراجعة والتوصيات بمثل هذا الدفاع، فلما جدوى المراجعة والتوصيات..؟؟ :: ولو كانت اللجنة مؤقرة لما سبق مقررها نتائج التحقيق بهذه (المرافعة الرفيعة).. ولما هرول - بالمرافعة - إلى الصحف قبل تأكيدها بواسطة المُراجعة التي لم تكمل أعمالها.. وعلى سبيل مثال آخر، بأنها لجنة كما محاكم جنوب إفريقيا سابقاً، لم يكتف مقرر اللجنة بالتشكيك في تقارير اليوم التالي و إستنكار إعتذاري، بل تمادى - في الدفاع عن حميدة وجامعته - بالتشكيك في تقارير المراجع العام.. !! :: ( تتفاوت تقارير المراجعين في دقتها ومهنيتها، بمعنى ليس أي تقرير صدر عن المراجع العام هو وثيقة نهائية أو قرآن منزل)، هكذا رأي مقرر لجنة المراجعة في تقارير المراجع العام..علماً بأن تقارير المراجع العام من الوثائق التي يجب أن يُراجعها هذ المقرر الذي يشكك في (مهنية المراجع) ..وإن كان مثل هذا المقرر يشكك في تقارير المراجع العام، فلماذا تعتمدها النيابات والمحاكم؟.. والمُضحك في الأمر، بعد كل هذا الدفاع يستنكر مقرر لجنة المراجعة عدم مرافقتي لسيادتهم في عضوية اللجنة .. لو كانت ( الرفقة مأمونة)، لرافقتكم ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة