*استقالة كاميرون لا تهمنا في شيء.. *ولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. *ولا تراجع قيمة الإسترليني لمستويات مخيفة.. *ولا انهيار البورصة وأسواق المال.. *ما يهمنا في كل الحدث العالمي هذا خطر (ظاهرة القطيع).. *فالتصويت لصالح الانسحاب كان هستيرياً.. *نجح المتشنجون في التأثير على عقول غالب البريطانيين.. *إنه شيء مثل الذي فعل هتلر فمضى خلفه الألمان.. *والفلاسفة يشبهون هذه الاندفاعات الجماعية الهوجاء بأخلاق القطيع.. *وأكثر من تفلسف في هذه الظاهرة الغريبة فريدريك نيتشة.. *قال إن أخطر ما في قوة الشعوب الكامنة قابلية تحريكها وفقاً لإرادة المحرك.. *ولعلماء النفس السياسي رأي مشابه كذلك.. *وتتجلى روح القطيع هذه عند الحروب أو الثورات أو الفوضى أو المنافسات.. *وفي عالمنا الثالث تتمظهر بوضوح عقب الانقلابات.. *أو إثر إجهاض انقلاب مضاد ضد عسكريين.. *فالقرارات الشيطانية الهوجاء تهب نحو العقول بأسرع من رياح الحكمة.. *بأسرع من هبوب روح الشر نحو (كوخ الشيطان).. *فهي تصله قبل قاصديه من الشباب- في فيلم الرعب المشهور- ولها أزيز.. *فالانقلابات عقب نجاحها تضحى مثل الثور الهائج.. *تدمر وتعطل وتبدل وتصادر وتحبس.. *والناس من خلفها- بأخلاق القطيع- يصرخون ويهيجون ويتحمسون.. *وعند إجهاضها انقلاباً عليها تمسى مثل (حاصد الأرواح) ذي المنجل والسلة.. *والناس من ورائها يصيحون أيضاً.. *وعندما أقول الناس فإنما أعني العوام منهم ذوي القابلية لأخلاق القطيع.. *ومجزرة رواندا تسبب فيها نفر من الإعلاميين.. *نفر لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين نجحوا في تحريك الألوف من البسطاء.. *وعقب كل فورة هياج- من شاكلة ما ذكرنا- تهدأ العاصفة.. *وتعود العقول- بعد فوات الأوان- إلى رؤوس كانت قد فارقتها حيناً.. *ويحل الشعور بالذنب محل هياج القطيع.. *والآن يشعر بالندم كثير من البريطانيين المصوتين لصالح الانسحاب.. *بل وطالب بعضهم بإعادة التصويت.. *فالغوغائيون نجحوا في إثارة روح القطيع بدواخلهم تحت شعارات مختلفة.. *شعارات القومية والإرهاب والتعالي العنصري.. *ويسجل محرك البحث قوقل نشاطاً بريطانياً كثيفاً لمعرفة الاتحاد الأوروبي.. *لمعرفة (ما هو الاتحاد أصلاً؟) بعد وقوع الكارثة.. *وغالب الذين صوتوا لصالح الانسحاب من أماكن تغلب عليها الأمية السياسية.. *من الذين هم غير محصنين من فيروس القطيع.. *من الذين يماثلون مؤيدي أنظمة القهر الأُحادية في قارتنا الأفريقية.. *ثم لا يدركون فداحة سوقهم نحو مصير مجهول.. *إلا بقدر إدراك الثور أنه مساق (نحو الذبح!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة