إذا إستشرفنا الوضع السياسي مؤخرا" في إقليم دارفور نلاحظ علو حدة الأصوات و الدعوات المنادية لإستقلال الإقليم عن السودان و التي كانت تطفو على السطح ما بين الحين و الآخر و بصورة متقطعة في السابق و الآن بدأت تأخذ منحى" تصاعديا".
في البدء أريد أن أدلف بشكل مختصر إلى تاريخ إنضمام دارفور للسودان ، تاريخيا" نجد أن دارفور كانت سلطنة مستقلة بذاتها حتى العام 1916م حينما ضمها المستعمر إلى السودان بقوة السلاح ، و هنالك محاولتان سبقتا ضم دارفور الى السودان الأولى كانت في العام 1821م حينما تم تكليف محمد بك الدفتردار بالتمدد غربا" حتى الحدود الشمالية الغربية لدارفور لكن تلك المحاولة باءت بالفشل و تم إيقافها عند كردفان و بالتحديد بعد المعركة التي دارت في منطقة بارا بين جيش الدفتردار من جهة و جيش السلطان محمد الفضل سلطان دارفور حينذاك من جهة و التي إنتهت بإحتلال الأبيض عاصمة كردفان و ضمها للسودان في العام 1821م و بعدها حافظ دارفور على وضعيته من حيث الإستقلال مع تقليص حدودها لتكون مع كردفان و التي كانتا بمثابة سلطنة واحدة قبل معركة بارا ، إما المحاولة الثانية كانت حينما دخل تاجر الرقيق الزبير باشا دارفور في العام 1874م.
وفقا" لهذه الوقائع التاريخية نتوصل لحقيقة مفادها أن سلطنة دارفور كانت تتمتع بإستغلال و حكم ذاتي حتى العام 1916م و ان كل محاولات ضمها للسودان لم تكن نابعة من وجدان و رغبة الدارفوريين أنفسهم للتعايش مع السودانيين في إطار دولة واحدة بل كانت بقوة السلاح و نسبة للتفاوت بين السلاح الناري للمستعمر و السلاح التقليدي لسلطنة دارفور تفوق المستعمر في ضمها للسودان و للحقيقة و التاريخ يعتبر علي دينار هو اول من أستخدم الطيران الحربي ضده في السودان عام 1916م.
سوف أتناول التأثيرات التي يسوف يلعبها النظام و المعارضة بشقيها و المجتمع الدولي و أبناء و مكونات دارفور لتحديد وضع دارفور مستقبلاً سواء" كانت بالبقاء في إطار ما تبقى من أرض السودان او إعلان الطلاق و بناء دولة وليدة :--
_دور نظام الخرطوم :
في الحقيقة نجد ان النظام يعمل من اجل الخيارين تحسباً لاي تغيرات قد تطرأ على الخط الساسي الداخلي و الجيوسياسي ، في الوقت الحالي يريد النظام عدم التفريط في الإقليم لإعتبارات كثيرة منها السياسية و الإقتصادية و السلطوية بل تعمل من أجل تغيير التركيبة الديموغرافية لسكان دارفور لصالح المستوطنين الجدد من العناصر العربية من أجل جعل إعلان دارفور عربية و تغيير إسمها لاحقا".
و من جهة اخرى تضع خيار فصل إحدى الأقاليم التي تشهد حروبات مستعرة ك خيار إستراتيجي بعيد الأمد متى ما تطلب الواقع ذالك ، و بالتحديد في حالة فهم أبناء الهامش لقضاياهم بصورة حقيقية و إيقانهم بضرورة توحدهم و توحيد جهودهم و من ثم خطوا خطى من شانها تشكل تهديد مباشر لمركزه و سلطته بصورة عملية حينها يلجأ النظام الى خياره المعهود المتمثل في مساومة كل طرف على حدى بغية الوصول إلى سلام منولوجي مع بعض الأطراف و نجد ان النظام و بإتباع هذه الطريقة قد نجح في العديد من المرات في شق صف المعارضة و الوصول الى مبتغاه ، إما في حالة فشله في عقد أي مساومة فإن النظام و بما لا يدع مجال للشك سوف يتجه إلى فصل إحدى الأقاليم لضمان بقاءه في سدة الحكم لاطول فترة ممكنة و تخليص رؤسه من مقصلة المحاكمات و من ثم الإستفراد بحكم و قتل و تنكيل ما بقي من السودانيين.
و هنالك دعائم مادية قوية تؤكد أن النظام يضع خيار إنفصال دارفور كخطة ثانوية إستراتيجية قد يلجأ إليها عند الضرورة و يظهر ذلك من خلال جره لأبناء السودان من دارفور نحو تبني خيار الإنفصال و يظهر ذلك من خلال ممارسته لكل صنوف القتل و بمختلف الأسلحة التي وصلت حد الاسلحة الكيميائية و إرتكابه لإنتهاكات مأفوية بجانب إنتهاجه لسياسة الإستهداف العنصري الممنهج ضد طلاب دارفور و القتل و الإغتصابات الممنهجة ، كل هذه الدلائل و اخرى ربما اخطر منها تعتبر نذر لإنفصال قادم.
سوف أتناول في الجزء الثاني من مقالي دور المجتمع الدولي و المعارضة بشقيها و بنات و ابناء السودان من دارفور ، كما افند خياري الوحدة و الإنفصال و ما يترتب عليهما من سلبيات و إيجابيات و أهم التحديات التي تواجه إنسان دارفور في حالة تبني أي من الخيارين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة