نورد اليوم حديث الدكتور عصام البشير حول اتساع فكر الإسلام للمذهب الظاهري حتى وجد مكاناً فسيحاً داخل الفكر الإسلامي نفسه، حيث يقول حول هذا الموضوع ما يلي : المذهب الظاهري مذهب موجود ومعتمد في الفقه الإسلامي، ولهم تشبّه بالظاهرية في الأخذ بالحرفية وليس لهم تبحّر الظاهرية فهماً وعلماً ورسوخاً كابن حزم – صاحب (الإحكام في أصول الأحكام) و(المحلّى) و(الفصل في الملل والأهواء والنحل) – فليس لهم تضلّع الظاهرية ولا تمكنهم الفقهي.. ليتهم كانوا ظاهريين ولكن على رسوخ ابن حزم. لعل تمسكهم بالظاهر دفعهم في دروب موحشة استحلوا بها الدماء. هناك عصبية في التنظيمات وباتت هذه الجماعات وسائل عوضاً عن أن تكون غايات. هذه واحدة من سمات التطرف، ومن سمات الغلو؛ بأن يتخندق الإنسان في الحزب الذي ينتمي إليه سياسياً أو حركياً أو عرقياً ويعتقد أن منتهى العقل والصواب عنده.. وهذه خطورة كبيرة، لأن هذه الجماعات كلها وسائل لغايات، والغاية الكبرى "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" (سورة الحجر، الآية: 99)، وهذه الوسائل لا ينبغي أن تكون حواجز منصوبة بيننا والآخرين تمنعنا أن نلتقي. القرآن حتى مع أهل الكتاب يبدأ بالمتفق عليه قبل المختلف فيه: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" (آل عمران، الآية: 64)، علينا أن نبدأ بالمشتركات؛ إذا كانت مع غير المسلمين أو مع أهل الكتاب، فهنالك مشترك مثل الوقوف ضد تيار الإلحاد وهناك مشترك آخر هو الوقوف ضد التحلل الأخلاقي، هنالك مشترك نصرة المستضعفين في الأرض وإقرار العدل ومنع الظلم، هنالك مشترك قضية البيئة والعدل الاجتماعي، هنالك مشتركات كثيرة يمكن أن نقيمها بيننا وبين غير المسلمين.. فكيف بين أهل القبلة الواحدة؟ نجد أننا تستوعبنا الخلافيات في المساجد وفي المواقف، ويرشق بعضنا بعضاً تضليلاً وتفسيقاً وتبديعاً وتجهيلاً، ونفرّغ هذه الطاقة المشحونة في الشباب لنحيلها الى طاقة سلبية بدل أن تتحوّل إلى طاقة إيجابية. لذلك حين سُئل الشيخ حسن البنا – وكان فيه حكمة كبيرة – عن الجمعية الشرعية وقالوا له إنها تبني المساجد، فقال لهم: "جزاهم الله خيراً يبنون المساجد ونحن نصلّي فيها". وسألوه عن الأزهر الشريف فقال لهم: "هم الجيش الرسمي للإسلام ونحن الجيش الاحتياطي".. قالوا له إن أنصار السنة يتحدثون عن الشرك في الأموات؟ قال لهم: "نحن نتحدّث عن الشرك في الأحياء".. كان لا يطرح نفسه نقيضاً للآخر، وإنما يطرح نفسه مكمّلاً للآخر. ولو اعتبرنا الإسلام نهراً عظيماً وكل الحركات والجماعات هي روافد تأخذ منه وتصبُّ في غيره، بهذه الرؤية تتكامل ولا تتقاطع، ولذلك نحتاج أن نخفف من غلواء هذه العصبية. قديماً كانت عصبية المذاهب؛ كل آية تخالف مذهبنا فهي مؤوَّل أو منسوخ، كما استخدمت الأحاديث الموضوعة في الترويج لمذهب على حساب مذهب آخر، وقد نفى العلماء هذا النوع من التعصّب المذهبي. سؤال: إذا أبصرنا المشتركات مع أهل الكتاب فهل عجزنا أن نبصرها مع أهل الإسلام.. الشيعة مثلاً؟ حول الشيعة ذكرنا في مؤتمر الدوحة أربعة أمور، فنحن نعتقد أن الشيعة موجودون في عدد من البلاد.. لنترك التفصيل الآن.. هل يمكن أن نوجد هذه المشتركات؟ يمكن أن نجد مشتركات شريطة أن تحفظ الثوابت التي يحترم بها الآخر، بمعنى إذا كان من ثوابت العقيدة محبة الصحابة ومحبة أمهات المؤمنين فالخدش فيها ينسف مثل هذه المشتركات.. لذلك أذكر أربعة أمور يمكن أن تشكل أساساً لمشترك؛ أولاً: وجوب احترام الصحابة وأمهات المؤمنين وآل البيت وعدم التعرّض لهم بطعن أو تجريح. ثانياً: عدم التكفير المتقابل. ثالثاً: تحريم الاقتتال على أساس الهوية كما حدث في العراق. رابعاً: عدم التبشير المنظّم بالمذهب في المنطقة الخالصة لمذهب آخر.. ومع كل ذلك التعاون في المشتركات الكبرى، ولكن للأسف خُرمت هذه الأمور وأصبح هنالك استهداف منظم ضمن مشروع منظّم، وهذه هي الإشكالية. ولكن في الأصل يمكن أن تجد حتى مع غير المسلم مساحة للمشترك في عدد من القضايا. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة