البلاغة كما يقال: مطابقة لمقتضى الحال، وفي هذا الصدد اذكر أني قرأت خبراً يقول: إن الطيارين الأمريكان الثلاثة الذين ألقوا القنبلة الذرية في القرن الماضي على مدينة هيروشيما في اليابان، فأدت إلى مقتل وتشويه مئات الآلاف من البشر كان كل واحد منهم يحمل نسخة من ( الكتاب المقدس) !!! جورج بوش الأبن، شن حرب ظالمة على العراق، تحت ذات المزاعم، أدت الى احتلاله وإعدام قيادته البطلة ممثلة في الشهيد البطل صدام حسين، ورفاقه الاشاوس، وما ترتب على ذلك من خراب ودمار طال حياة اغلب العراقيين وحولها الى جحيم لا يُطاق . . ! وبذات الحافز الديني، أو تحت ظلاله تآمر الترابي وجماعته، على الشعب السوداني ونفذوا انقلابهم الكارثة، الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا والملايين من اللاجئيين والمشردين ووطن الفقر والبؤس في حياة الاغلبية من الشعب التي تعاني ليل نهار وتتوق ليوم الخلاص . . ! إنه أمر يثير الدهشة والعجب . .!؟! ؟ فما معنى توظيف الدين لإلحاق الضرر والأذى بالانسان وإقتران كل تلك الحماقات بالاديان . . ؟ أن مهمة الدين الاساسية هي تكريم الانسانية وتحريرها من أغلال القهر والظلم والجهل والتخلف والفقر والجوع والإستغلال، وتزويدها بعناصر القوة والمنعة والعزة والكرامة، بإطلاق الحريات العامة وتحقيق العدل، ومحاربة الفساد والمفسدين، ووضع معايير للحياة، وإحترام حقوق الانسان ومحاربة الأمية وإطلاق عجلة التنمية الشاملة والمتوازنة، في الزراعة والصناعة والاهتمام بالعلم والعلماء،والباحثين والمفكرين والمبدعين والفنانين . انها أحدى مهازل العقل البشري في الضحك على الدقون وخلط الأوراق وقطع الأرزاق، وتسويق الاوهام والافعال المدانه، ومن ثم تصوير ذلك على انه نتاج القلوب المؤمنة . . ! القلوب المؤمنة التي فضحها وعراها الترابي، الذي نعرف ان حياته تكاد تخلو من الايجابيات لصالح الشعب السوداني، لكن شهادته التي أدلى بها عن تجربة حكمهم التي طوت عامها السابع والعشرين الشهر الماضي، وقد استغلت الدين الى ابعد الحدود . . ! يمكن ان تشفع له وتسجل لصالحه، ويمكن ان نعتبرها المساهمة الإيجابية الوحيدة في حياته التي تجاوزت الثمانين عاماً، قبل رحيله، في الخامس من مارس من هذا العام ٢٠١٦، التي بثتها قناة الجزيرة عبر برنامج شاهد على العصر، الذي اجراه معه الصحفي المصري احمد منصور بكل جراءة وموضوعية برغم ميوله الإسلامية، إلا أنه إستطاع انتزاع اعترافات خطيرة من الترابي، الذي حاولا جاهداً المراوغة . . ! لكنه في نهاية المطاف، اعترف وسمى الأشياء بأسمائها. بعد ان ألح عليه احمد منصور، ودفعه دفعاً للاعتراف، بتلك الأخطاء، التي أرى أن فيها تطهيراً للذاكرة السودانية كلها أو اغلبها، وتصحيحاً لبعض المعلومات الخاطئة التي رسخت في تلافيفها، عن تجربة الإنقاذ، اذ كشف الترابي في حديثه كيف انهم ميكافيليون اكثر من ميكافيلي نفسه . . ! قال : صراحة انهم كانوا يخططون منذ سبعينيات القرن الماضي ، ويعدون العدة للوصول الى السلطة بكل الطرق والاساليب والوسائل. . ؟ وهذا الاعتراف ينزع عن النظام كل الذرائع والحجج التي صاغها في بيانه الاول حينما سطى على السلطة في 89، مدعياً ان مجيئه كان بسبب سوء الأوضاع وعبث الأحزاب، إلا أن شهادة الترابي التي أدلى بها في برنامج شاهد على العصر بينت بكل وضوح انهم كانوا يبيتون نية الوصول الى السلطة بغض النظر سواء كانت الأوضاع مستقرة آنئذاك، او مضطربة. كما كشف عن بعض اسماء كوادرهم السرية التي اؤكلت إليها مهمة العمل داخل الأجهزة الأمنية ، لاسيما الجيش، على رأسهم "عِوَض الجاز" الذي كان مكلفاً بقيادة خلايا تنظيمهم المسمى، آنئذاك بالجبهة القومية الاسلامية، داخل الجيش السوادني. كما اعترف أيضاً، بأنه كان لهم جهاز أمن خاص، مهمته جمع المعلومات عن المجتمع والقوى السياسية الاخرى، ومن اجل هذا الغرض اخترقوا اغلب القوى السياسية وجهاز أمن الدولة نفسَه. وجهازهم الخاص هذا، كان يتوفر على اجهزة ومعدات حديثة لا تتوفر لدى اجهزة امن الدولة الرسمية. . ! ولعل اخطر ما كشف عنه، هو حالة ضعف نفوس من رباهم لاكثر من ثلاثون عاماً امام سحر السلطة والمال، وقال : ما معناه انهم خانوه وخانوا الأمانة التي اؤكلت اليهم، حينما غيبوه بإخفاء المعلومات عنه، إبان وجوده في السجن الذي ذهب اليه ضمن خطتهم الجهنمية، التي قالت لكليهما: " اذهب انت الى القصر رئيسا، واذهب أنت الآخر الى السجن حبيساً" . . ! الخطة التي استغلها نائبه علي عثمان طه للإنفراد بقيادة الجيش بعد نجاح انقلابهم المشؤوم ومن ثمّ إستمر في نسج خيوط التامر كما يحلو له، حتى أوصل الأمور في وقت لاحق إلى حد المفاصلة . . ! قال : الترابي متحسراً أني، لم أكن احسب ان السلطة والمال ستفعل بالناس ما فعلته بهم، وقد تربوا وتدربوا لعشرات السنين، وليسوا حديثي عهدنا بِنَا، لكن حب المال والسلطة أعماهم وأغرقهم في وحل الفساد ومغريات السلطة وخانوا الأمانة، فاستشرأ الفساد في مؤسسات الدولة والمجتمع، وتجلت معالمه في السيارات الفارهة والمباني العالية والقصور الفخمة التي بنيت بقروش البترول . . - وسكان ولاية غرب كردفان التي يستخرج اغلب بترول السودان من ارضها يعانون العطش والفقر والبؤس والجوع ، بل يموتون من جراء الاهمال والتهميش كما تموت البهائيم . . ! انها واحدة من مفارقات الحياة العجيبة- !! ان ما ادلى به الترابي يبين بكل وضوح، كيف كانوا يفكرون، ويخططون وينسجون خيوط مؤامراتهم الشريرة في الخفاء . . ! لذلك ليس غريباً عليهم، ان يكيدوا لبعضهم البعض . . ؟ بسبب ولعهم بالمال والسلطة والتشبث بها، على حساب الشعب والوطن، دون مخافة من رب العالمين . . ؟ وللامانة برغم كرهي وبغضي للترابي، إلا أني حينما سمعت ما قاله: في برنامج شاهد على العصر، شفقت عليه وريثت له . . ! بل رأيت في اعترافاته الجريئة، تطهيراً له، من خباثات ودسائس من علمهم السحرَ، لكنهم فاقوه سحراً ودهاءاً ومكراً . . ! والله خير الماكرين. كما أكدت اعترافاته ان الحاكمين باسم الدين ما هم الا حفنة من المجرمين والفاسدين، الذين لا تهمهم مصلحة الوطن او الشعب، فقط تهمهم مصالحهم الخاصة، وما عدا ذلك، فهي كلها أكاذيب وحيل مخادعة الغرض منها هو البقاء في السطلة وتتمتع بمكاسبها، لذلك نقول لكل من قبل او سيقبل بمشاركتهم لاحقاً، سواء عبر بوابة ما يسمى بحوار قاعة الصداقة، أو حوار الدوحة أو غيرهما من حوارات، فهو مجرم وفاسد وانتهازي لانه قبل مشاركة الفاسدين الذين تلوثت أيديهم بدماء الأبرياء وعذابات الشعب. حتماً التغيير قادم لا محالة، باْذن الله وارادة الشعب التي هي أقوى من إرادة الظالمين، لابد ان يبزغ فجر الخلاص في النهاية، من هذا الليل الطويل، والكابوس الجاثم على الصدور. عندها سينال كل فاسد وإنتهازي وخائن للوطن والشعب جزاءه العادل . تباً للمستحيل، عاش الشعب وعاش الشرفاء والمناضلين والمناضلات، وإلى مزبلة التاريخ كل الفاسدين والانتهازيين . الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة