لم أصدق ولا يجوز لي أن أتخيل مجرد تخيل ما أبرزته صحيفة (المستقلة) الصادرة أمس الأول في مانشيت عريض بالأحمر أن حالات التحرش بالأطفال بل والاغتصاب بلغت خمسة آلاف حالة خلال الشهر الماضي في محلية واحدة من محليات ولاية الخرطوم. لكن كيف لا أصدق وقد وردت تلك الأرقام المفزعة في تحقيق مقتبس من أضابير محكمة الطفل بالحاج يوسف والتي كشفت عن أن معدل بلاغات الاغتصاب بلغت (13) بلاغاً في اليوم الواحد؟! تخيلوا هول الفاجعة!.. 13 بلاغ اغتصاب كل يوم بما يعني أن العدد في الشهر الواحد يصل إلى حوالي (390) وفي السنة إلى (4680) حالة اغتصاب في محلية واحدة بما يعني أنه إذا حسبنا كل الولاية بهذا المعدل فإن عدد حالات الاغتصاب قد تبلغ أو تتجاوز (32760) أما كل السودان فحدِّث ولا حرج فلا حول ولا قوة إلا بالله. أقولها وكلي ثقة إن هذا العدد لا يعبِّر عن الحقيقة المرة ذلك أن قيمة الستر والخوف من تداعيات التبليغ عن تلك الجرائم على سمعة الطفل أو الأسرة ربما تضاعف العدد الحقيقي إلى رقم قد يبلغ عشرة أضعاف ما يصل إلى المحاكم من بلاغات! بربكم ألا ينبغي أن ندق ناقوس الخطر ونعلنها داوية أن التصدي لهذه المشكلة المتفاقمة ينبغي أن يأخذ منحىً بل مناحٍ أخرى ليتداعى له كل المجتمع بمختلف فعالياته وتعقد له الندوات وتلطم له الخدود وتشق له الجيوب حتى نقطع دابر هذه المشكلة الخطيرة؟ كل التحقيقات التي نشرت في الآونة الأخيرة أكدت على أن الخطر الأكبر على الأطفال يأتي من تلقاء الأقربين داخل الأسرة فقد أشارت إحدى الناشطات اللائي وردت أسماؤهن في التحقيق إلى أن أغلب الجناة يكونون من داخل الأسرة حيث يعتدي الجاني في الغالب على ابنة (خاله أو عمه أو أخته أو جاره الخ).. كما أشارت إلى تأثير الأفلام الإباحية التي انتشرت عبر أجهزة الهاتف المحمول. لن أغوص في تلافيف هذه القضية الآن لكني أشعر بحزن ممض أنه لا القانون الصارم الذي يجز عنق المغتصب ولا الإعلام الذي ظل يتابع بعض حالات الأطفال الأبرياء الذين لم تتجاوز أعمار بعضهم السنتين والثلاث سنوات والتي هزت ضمير المجتمع.. أقول إنه لا القانون ولا الإعلام قد أحدثا التأثير المطلوب الأمر الذي يحتم على المجتمع إيلاء هذه القضية اهتماماً أكبر . اتعاطف بقوة مع دعوة الناشطين الذين يطالبون بإشهار تنفيذ الأحكام عملاً بالشرع الذي قضى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ). ذلك أنه لا قول بعد قول ربنا سبحانه: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ). معالم في الطريق دهشت حين قرأت عن أمر صادر من وزارة العدل البريطانية بسحب مؤلفات الإمام حسن البنا ود. يوسف القرضاوي من مكتبات السجون البريطانية بحجة أن تلك الكتب تنشر التطرف ! قد أتفهم سحب كتب الشهيد سيد قطب التي شدَّدت أنظمة القمع والطغيان في مصر وعدد من الدول العربية الحملة عليها ولكن أن تطول الحملة كتب رواد مدرسة الاعتدال والوسطية مثل (البنا والقرضاوي) فإنه لمما يدعو إلى الدهشة! عندما صدر كتاب (معالم في الطريق) للشهيد سيد قطب في بداية ستينيات القرن الماضي انتشر كما النار في الهشيم لدرجة أن بعض دور النشر المسيحية طبعته على أسس تجارية وكان ذلك الكتاب من أعظم الإصدارات التي أسهمت في إشعال الصحوة الإسلامية المباركة التي تفجرت بعد هزيمة حرب حزيران 1967 والتي أعقبت استشهاد سيد قطب ! مما أدى إلى انتشار كتاب (المعالم) تلك الحملة التي شُنَّت عليه من إعلام عبد الناصر حيث أطلقوا عليه اسم (السم الأسود) وما هو بسم أسود لكنه كان ولا يزال بلسماً وشفاء لما في الصدور ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
assayha أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 03 أغسطس 2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة