ما دفعنى إلى كتابه هذه المادة هو أنّى إستمعتُ إلى تسجيلين صوتيين بإذاعةِ "راديو دبنقا"، لكُلٍّ من دكتور/ جبريل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة السودانية، والسيد/ منى أركو مناوى رئيس حركة/ جيش تحرير السودان، ثُمَّ قرأتُ رسالة مكتوبة للإمام/ الصادق المهدى حول مُخرجَات إجتماع باريس لقوى "نِداء السودان"، ويتلخص الأمر كلَّه فى التالى: • د. جبريل: (الإجتماع كان بحضور كامل هيئة المجلس العِشرينى لقوى نداء السودان.. والأجندة هى هيكلة قوى نداء السودان، وخارطة الطريق وتغيير النظام عبر انتفاضة شعبية سِلميِّة.. أعداد وتقديم مذكرة تفاهم بملاحظات (المقاومة) على خارطة الطريق لإدخالها فيها تمهيداً لتوقيع قوى نداء السودان عليها.. أنّ الإلتحاق بالحوار الوطنى يحتاج إلى تهيئة البيئة، ولن نلتحق بحوارِ الوثبة بقاعة الصداقة.. نحنُ أيدِيِنَا فى النار والذين ينتقِدُوننا أيديهم فى الماء). • السيد/ منى مناوى: (الإجتماع كان عاصِفاً وأخذ وقتاً طويلاً (ثلاثة إلى أربعة أيام).. "الجندان" هما خارطة الطريق وهيكلة قوى نداء السودان.. على مستوى الهيكلة، لم يتم (التراضى) على الإمام/ الصادق المهدى لرئاسة المجلس القيادى لأنه (للأسف) جاءت بعض الآراء المخالفة لذلك الإقتراح.. و(كتلتنا) قدمت مُقترح بترشيح منى أركو مناوى لرئاسة المجلس القيادى وإعترض عليه الآخرون.. وإذا لم تحدث مُعجِزة خلال فترة (الساعة) القادمة سيتم تجميد بند الهيكلة.. قوى الإجماع الوطنى لم يحضروا الإجتماع والذين حضروا هُم قوى نداء السودان). هذا حديث وآضح و"بيِّنَة مباشرة" أدلى بها "شُهود عَيان" حضروا أجتماع باريس لقوى نداء السودان، وغياب قوى الإجماع الوطنى. وناقشوا جندين هما التوقيع على خارطة الطريق وكيف ومتى، واتفقوا حولها على إعداد ورقة بملاحظاتهم لإدخالها عليها بواسطة الوسيط "أمبيكى" ومن ثم التوقيع عليها. وهذا أمرٌ جيد وقد تناوله د. جبريل إبراهيم بوضوح وسوف ينتظر الناس ويتابعون الإضافات التى ستدخل على خارطة الطريق من محتوات "مذكرة" قوى نداء السودان لتكون خارطة الطريق مقبولة لطرفى مِنبرِ التفاوض، ومن ثم التوقيع عليها. وفى هذا البند درسِين يجب أخذهما فى الإعتبار: الأول: أن الوسيط ثابو أمبيكى رغم تعلُّمه وتدرُّبه على العمل العام فى مدرسةِ الإستنارة الأولى فى أفريقا، مدرسة حزب المؤتمر الوطنى بجنوب أفريقيا، بقيادة ورِيادة رمز أفريقيا ومُلهِمه الأول القائد البطل/ نيلسون مانديلا (ماديبَّا)، ورغم توليه رئاسة دولة جنوب أفريقيا خلفاً لمانديلا النبراس الذى ينير للأفارقة دروب الخلاص والمجد والرفاهية، إلا أنّ (عُود) أمبيكى كما يقول المثل السودانى (ما خَاتِى الشَق). وكانت القشّة التى قصمت ظهر مصداقيته هى توقيعه شخصياً، وهو الوسيط فى مفاوضات سودانية/ سودانية، على وثيقة "خارطة الطريق" التى أعدَّها هو وقدّمها لطرفى التفاوض. ولمّا رفضها أحد الأطراف وقّعها أمبيكى بنفسه مع الطرف الحكومى!. وهذه سابقة شاذّة وخطيرة ومُخِلّة بقواعدِ الوساطة لحلِّ النزاعات. ما كان لأمبيكى أن يوقِّعَ على الوثيقة إلَّا شاهداً على توقيع الطرفين عليها، وإيذانَاً بتحوُّلِ دوره من الوسيطِ إلى الضامنِ لتنفيذِ مضامين الوثيقة التى وقّعَ عليها طرفى التفاوض. وبتوقيعه على ما عُرفً بـ"خارطة الطريق" مع احد طرفى التفاوض الذى قام فيها أمبيكى بدور الوساطة يكون هذا الوسيط قد عرّضَ قيمة الحِياد والنزاهة كحجر زاوية لسلامةِ الوساطة والوُسطَاء الأفارقة لأمتحان عسير على مستوى القدرة والكفاءة والنزاهة والحياد. وعمَّق الشكوك القديمة فى قدرتنا كأفارقة على حلِّ قضايانا بلعبِ كافة الأدوار بكفاءة ومقدرة ومسؤولية، سواء كُنّا أطرافاً متنازعة أو وسطاء أو شركاء منبر ومُسهِلين داعِمين للعمليةِ السلمية. والشىء الطبيعى لشخص مثل أمبيكى عندما يعرِّض شخصيته ونزاهته لمثلِ هذا الإمتحان الصعب أن يترَجَّلَ ويتنَحَّى لغيره من حُكماءِ أفريقيا وهم كُثر، ولكن الله لم يفتح بصيرة كبارنا هؤلاء على فضيلةِ التنحِّى وترك المجال للغير. وذلك لأنَّهم يتجمَّلُونَ بالمواقع بدلاً من أن تتزيّنَ المواقع بهم، ويقتاتُون عليها بدلاً من أن يسقُوهَا بخبرتهم وحِكمتهم وعدلهم وحسن قيادتهم، هذه عِبرةٌ من عبرِ أجتماع باريس. الثانى: ما كان للإمام الصادق المهدى أن يحْمِلَ على قُوَى الإجماع الوطنى حَمْلَتهُ التى جاءت فى رسالته حول إجتماع باريس، وقد وردَ منه ما لا يجب أن يرِدَ من كبيرِ القوم. وفى أفريقيا "السمْرَاء" غالباً ما تعصِمُ الحِكمة الشيوخ كِبار السن من الشطط والغلو والهتَر، لكن فى السودان يخوض الكبار فيما يعفُّ عنه الصغار.. وانظروا ماذا قال الإمام/ الصادق المهدى فى رسالته بتاريخ 25 يوليو 2016م بإسم قوى نداء السودان التى تزعَّمها بحُكمِ الأمر الواقع فى إجتماعِ باريس، قال: (أدعياء الوطنية هواة الإفراط يوهمون الناس أن مجرد الحوار هو تفريط فى حقوق الشعب السودانى، وأن التطلع لمخرج سلمى من حيث هو تفريط فى المصلحة الوطنية.. كل الذين يتعنترون فى المزاد السياسى الآن شاركوا نظام الطغيان فى بعض المراحل وفى بعض المواقع السياسية، أو التشريعية، أو الإدارية، واقسموا معه على عهد واحد. ولكننا حافظنا على موقع معارضته بإستمرار.. إلخ). وختمَ بقولِه، وليته سكت: (لا يعترض على هذا النهج المحكم إلا أحد ثلاثة: غلاة لا يدركون الواقع الداخلى والإقليمى والدولى، أو عميان يستغلهم آخرون، أو اداة لجهة أمنية تريد أن يواصل النظام طغيانه بمباركة أو معايشة أفريقية ودولية. أما الإنتفاضة فهو خيار قائم بإستمرار إذا بلغ التراكم كتلة حرجة، لا يبطله إلا إذا أمكن للحوار الوطنى أن يحقق مقاصده بالتى هى أحسن. ولكن: من ليس يفتح للضياء عيونه.. هيهات يوماً وآحداً أن يبصرا !). هذا هو حديث الإمام/ الصادق المهدى، شيخٌ بلغ من الكِبرِ عِتياً وما زال يهاتر ويشاتم ويسيئ الظن بمن لم يروا ما يرى، وهو طوال حياته لم يُرِ الناس إلا ما يرى. وماذا يرى من ليس يفتح للضياءِ عيونه؟! أن بيت الشعر الذى ختم به الصادق المهدى رسالته التى هى فى الحقيقة خطاب تنصيب لنفسه زعيماً على قوى نداء السودان، وإستغلها للنيل من بقية القوى السياسية السودانية (الإجماع الوطنى). والصادق المهدى هو إحد مشاكل السودان ولا يمكن أبداً ان يكونَ الحلَّ أو جزءً منه. وكل التُهم التى ساقها الإمام/ الصادق المهدى فى خطابه ضد من جعلهم خصومه بلا سبب، تنطبقُ عليه هو شخصياً وعلى تنظيمه، وتنطبقُ بالتالى على كلِّ من يرضى بقيادته فى نداء السودان. وإستهل الإمام خطابه بعُدوانٍ غير مُبرّر قائلاً: (أدعياء الوطنية هواة التفريط!). هذا الشتم وهذا العداء يُستهجَن أن يرِدَ من شيخٍ فى خواتيِم عمره (85 سنة) قضاها كلها فى العمل العام شراكةً وتضامُناً مع بقية الأحزاب السياسية الأخرى، فلا يُستساغ ان يصفَهم بـ"أدعياءِ الوطنية!" دون أن يوضِّحَ للناسِ لماذا هم أدعياء وطنية وليسوا وطنيون فعلاً؟ وماهى شروط الوطنية التى إفتقروا إليها ليسلِبها منهم هكذا بجَرَّةِ قلم؟. وأمّا الإفراط والتفريط فالإمام الصادق هو مَلِكُ الإفراط والتفريط معاً، وأضرب مثلاً بتفريطِه قبل الإفراط.. الصادق المهدى هو من فرَّط فى البلد وشعبِه ونظامه الديمقراطى ومستقبله ومصيره وسلّمه لـ(نسيبه) دكتور حسن الترابى والعسكر الذين إستأجرهم وأتى بهم إلى الحُكمِ عشية الخميس 30 يونيو 1989م. وكانوا قد أتوه وأبلغوه انهم سيقومون بإنقلاب وطلبوا منه مُشاركتهم فرفض الإمام الصادق المهدى المُشاركة فى الإنقلاب، ولكنّه لم يرفض الإنقلاب!. ولم يقاوم رئيس الوزراء المُنتخب الإنقلاب بكلمة وآحدة بل إختبأ ولاذ بالصمتِ. والنموذج الحديث للحكومات المنتخبة ديمقراطياً (أردوغان تركيا نموذجاً) إذا وقعت وآقِعة الإنقلاب العسكرى ينهض رئيس الدولة أو الحكومة بنفسه بقيادة المقاومة والدفاع عن الديمقراطية وأمانة التكليف الانتخابى الذى أتى به رئيساً للحكومة أو الدولة. وأن يؤذِّن رئيس الحكومة المُنتخبة فى جموع الشعب الذين انتخبوه أن هيَّا للدفاعِ عن مُكتسبِكُم الديمقراطى الذى يريد سرقته العسكر اللصوص.. وأنْ أخرُجُوا إلى الطُرقَاتِ وتمتْرَسُوا فيها دُروعَاً بشرية ودافِعُوا عن حقِّكم وإرادتكم التى عبَّرتُم عنها فى صناديقِ الإنتخاب حتى تنقَشِع سحابة الإنقلاب العسكرى ويعود العسكر إلى ثكناتهم!، هذا هو شرط ومَهر أمانة التكليف بمصير البلدِ والأمّة. لكن الصادق المهدى لم يفعل، سكت وإختبأ أمام إنقلاب الكيزان على حُكمِه وكأنّ على رأسِهِ الطير، وسَلَّم الدولة ومصير الشعب وأمله فى الحرية والعدالة والعيش الكريم للترابى والبشير على طبقٍ من ذهب. فلماذا يخرجُ اليومَ من باريس ليُحدِّث الناس عبر رسالته عن الوطن والوطنية؟ لماذا لم يخرج الصادق المهدى وحزبه صبيحة يوم الجمعة الفاتح من يوليو 1989م كما خرج أردوغان وإستنهض الشعب التركى للخروج وحماية الديمقراطية؟ ما لكم كيف تخرجون؟ وثُمَّ، فى إفراطِ الإمام الصادق فى مُناصرةِ النظام الحاكم نُورِد، لمَّا إشتد بالرئيس البشير بأس المحكمة الجنائية الدولية التى قررت القبض عليه وسوقه إلى سُوحِ العدالة ليُحاكَم على جرائمهِ وانتهاكاته الخطيرة فى دارفور لم يصمت الصادق المهدى بل ساند البشير وأيّدَ رفض مثوله فى ساحة العدالة وقال: "البشير جِلدنا، وما بنجُر فوقو الشوك". لكن الإمام جُبِلَ على جَرِّ الشوك فى ظهرِ المساكين ضحايا نظام عمر البشير فى هوامش السودان الذين انتخبوه ونصبوه رئيساً فى 1986م ففرَّط فى أمانة التكليف. وأفرَطَ الإمام الصادق المهدى مرّة اخرى فى مساندة الرئيس عمر البشير ضد ضحاياه من أهالى دارفور الذين أبادهم عندما كتب الإمام رسالةً، على عجَلٍ، لقادة إفريقيا الذين كانوا يجتمعون فى قِمَّتِهم بدولة جنوب أفريقيا العام الماضى، طالبهم الصادق المهدى بإعتباره رئيس وزراء سودانى سابق (يعنى زميل)، ويرجُوهم عدم القبض على عمر البشير وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية!، وكان يومها قد إستحكَمت حلقات إعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية. والأغرب من ذلك كله أن ممثلى ضحايا الهامش من رؤساء الحركات المسلحة التى قامت وقاتلت فى دارفور يجْمِعُون اليوم على الإمام ويُبارِكُونَ زعامته لقوى نداء السودان. ويأسفون لرفضِ بعض مكونات نداء السودان أن يرأسَ الإمام الصادق المهدى تجمُع قوى نداء السودان!. ورؤساء تلك حركات المسلحة يؤيِّدُون شتائم الإمام ومشاكسته وهتَرِه ضد قوى الإجماع الوطنى الذين يعرفون الإمام ومنهجه وحقيقته وتأريخه. والسؤال هو لماذا يأسف رؤساء الحركات المسلحة فى نداء السودان على إعتراضِ أحزاب أهل المركز على رئاسة الإمام لهيكل قوى نداء السودان؟ عِلماً بأنّ هؤلاء قد خبِرُوا الإمام ونزعاته المُتسلطة وأنانيته ودكتاتوريته وإملاء إرادته على الآخرين وتعاليه عليهم، وتحقير شركاءه السياسيين منذ أيام الحركة الوطنية 1976م ثم مرَّة أخرى فى التجمُّعِ الوطنى الديمقراطى 1995م نكاف وشاكس حتى خرج منه الصادق المهدى وسحب جيشه وعاد إلى الخرطوم عبر عمليه (تهتَدُون) عبر دولة جيبوتى 2001م.. وبخروجه قصم ظهر التجمع الوطنى وأدى إلى إنفرادِ الحركة الشعبية بحلِّ أزمة الحُكم مُنفرِداً عندما فاوض حكومة (الإنقاذ) وصولاً إلى اتفاق السلام الشامل فى يناير 2005م الذى أدى لآحِقاً إلى انفصالِ الجنوب. وقد ساهم الصادق المهدى بالسلبية والإمتناع عن التعاطى بإيجابية مع الاتفاق، وعمدَ طوال الفترة الانتقالية التى امتدَّت لخمسِ سنين ينعت الاتفاق بأنه ثنائى ويعنى طرفيه. وهو الذى خرج من التجمع الوطنى وقصم ظهره وعاد إلى السودان. وإمعاناً فى تخريب السودان وتخذِيله تمَّ السَمَاح للصادق المهدى بالتوقيع على وثيقة نداء السودان بأديس أبابا مُنفرِداً وخارِجاً عن قوى الإجماع الوطنى، وحتى اليوم لم تستطيع أى جهة سياسية أن تبرر ذلك الخروج سوى أن الصادق المهدى لا يستطيع العيش والعمل فى إطارِ مجموعة وبروحِ الفريق. ثم إستمَال المهدى بعض قادة الحركات المسلحة بعد أن فكّكَ الجبهة الثورية السودانية وبعثر مكوناتها. والآن يعلو ظهر التنظيمات السياسية التى تعرفه جيداً ولن تتبعه مرَّة أخرى بسياط التخوين وعدمِ الوطنية كانّ قادة تلك الأحزاب هُم من يدرِّبون أبناءهم على الحكم داخل القصر الجمهورى وفى أجهزة أمن النظام وليس الصادق المهدى!. وإلى ماذا يرمى الإمام بقوله فى الإحتمال الثالث الذى وصف به، بهتاناً، الذين يرفضون نهجه "أدعياء الوطنية" بقوله:(أو اداة لجهة أمنية تريد أن يواصل النظام طغيانه بمباركة أو معايشة أفريقة ودولية). الحياء وحْدَهُ يمنعنى أن أستَدِلَّ فى حقِّ هذا الشيخ الإمام الحديث الشريف (إن لمْ تستح فأصنع ما شئت).. وإلّا، فمن هو الحزب الذى رفض قيادته أن يكون ضمن مجموعة الإمام وهو أقرب للنظام الحاكم ومن أجهزته الأمنية من حزب الأمّة وزعيمها الإمام الصادق المهدى الذى يعمل أبناءه الذكور مع النظام، أحدهم ضمن مؤسسة الرئاسة مساعداً للرئيس البشير منذ مُدَّة ليست بالقصيرة، بينما إبنه الآخر يعملُ ضابطاً عظيماً فى جهازِ أمن النظام الحاكم! هُمْ أبناء الإمام الموقّر؟.. ومن هو الحزب السياسى الذى شارك نظام (الإنقاذ) الذى سلمه الإمام الصادق الحُكم طوعاً وبدون مقاومة؟ هو حزب الأمة بزعامة الإمام الصادق المهدى. وكم عدد أحزاب الأمّة التى انشقت عن قيادة الصادق المهدى بدءً من حركة الإصلاح والتجديد يوليو 2007م وشاركوا النظام حتى اليوم؟ أم إنّ الإمام المُوقّر يتنكّر لأبناءِه وكادر حزبه الذى تدرَّب وترعْرَع بين يديه؟!.. لو صدَّقَ الناس أنّ الإمام ليس سبباً فى خروجِ أغلبية كادر حزبه ودخولهم فى شراكات مُعايشة ومُوَالاة مع النظام الحاكم فكيف يقنع الناس بخروج أبناءه من صُلبِه ودخولهم فى أجهزةِ النظام الحاكم التنفيذية والأمنية؟.. لماذا لا يكُفَّ الإمام عن هذا، ويعلم أنَّ الناسَ ليكرَهُون توجيه النقد لكِبارهم إلّا مُضطرِّين، فلماذا يضطرّنَا إلى ما نكْرَه ؟. والذى أراه أنَّ قوى نداء السودان الذين خالفوا الإمام ورفضوا زعامته وقيادته هم على حق وللحق أقرب، وصفوفهم مرصُوصة ومواقفهم ثابتة وأهدافهم على مرمى نيرانهم. وظلّوا يقاومون ويتصدّون للنظام بلا تأرجح أو مُخاتلة، وهم من سيقتلِعُون النظام سِلماً أو حَرْبَاً، وليست شتائم الإمام وأحلام الذين ركنوا له يقُودَهم إلى حيثُ يشاء. وهل رأيتم هذا الإمام يقودُ السودان يوماً إلى برٍّ آمِن؟.. والبلاد لا تُقاد بالشتمِ والهتَر وشقِّ الصفوف، والإصرار على القيادة بإدمان، والقاعدة الفقهية الذهبية أنَّ طالبَ الأمَارة لا يُؤمَّر. ثم إلى بندِ هيكلة قوى نداء السودان الذى أزاح سِتره وكشف (كواليسه) السيد/ منى مناوى، وقال بصراحة وهو يعكس ما دار هناك كالمرآة، ان ترشيح الإمام تم الإعتراض عليه من البعض، للأسف. ثم تَمَّ الإعتراض على ترشيحه هو شخصياً (منى أركو مناوى) من البعض أيضاً، وأنه إذا لم تحدُث (مُعجِزة) خلال الساعة المُتبقية فإن هذا البند سيتم تجميده!. طيب، على ماذا اتفق إجتماع باريس لقوى نداء السودان، كمجوعة تنظيمات سياسية وقّعت على وثيقة نداء السودان فى أديس أبابا قبل عامين ونصف فى بداية العام 2014م ؟.. هل فكّر قوى نداء السودان على مستوى مجلسهم "العشرينى" الذى حضر إجتماع باريس فى وضع تشريعات Bylaws ترسم الهيكل المزمع شغله ثم إصدار لوائح بنصوص تحدِّد كيفية الترشيح لشغل مناصب الهيكل وآليات تضبط وتحكِم كيفية إتخاذ القرار فى أجهزته أم أنهم أتوا هكذا يحلمون ويمنون النفس كما يفعل السودانيون دوماً؟ ألم يتعظوا من الأزمة التى قضت على الجبهة الثورية السودانية كمثال حىّ يجب الإعتبار به ؟ أم تبقى أزمة السودان الكبرى وهى أنَّ سياسِيوه مصابون جميعاً بخطلِ التصوُراتِ والتصْوِيرات؟، وأنهم جميعاً لا يقومون بالإعدادِ المُسبق لأعظم الأحداث والمواسِم، ويأتون إليها هكذا. وأختم بالقولِ، أنّ الذى فشلَ فى قيادةِ تنظيمه، حزباً (عتِيقاً) كان أو حركة مسلحة (حديثة) لن يُصيبَ نجاحاً فى قيادةِ مجموعة تنظيمات. لأنَّ النتيجة الحتمية هى أنه سيفشل فى قيادتها، كما فشل فى قيادةِ تنظيمه الوآحد. وعليه يكون (الأسف) على رفضِ ترشيح من ترشحوا لشغلِ المواقع القيادية لقوى نداء السودان هو أسفاً على فجَاجةِ التفكِير وعلى خطلِ التصَوُّرِ والتصْوِير وهو ذرّوَة سِنام أزمات القيادة السياسية والتنفيذية فى السودان. وأن تخوين وشتم القوى السياسية الأخرى (الإجماع الوطنى) بسبب مواقفها أو رُؤَاها أو وُجْهَة نظرِها فى إجتماع باريس هو مصادرة لحق الناس فى التعبير عما يرون، ومحاكمتهم على ما يعتقدون، وهو أبعد ما يكون عن الحِكمة والديمقراطية ورُشد الحُكم. والجديد الذى يُستفاد من مخرجات وانفعالات ورسائل إجتماع باريس لقوى نداء السودان هو أنَّ السودانيون لا يستطيعون حلَّ مشاكلهم الخاصة مهما صغُرت لأنَّ كبارَنا أشدَّ حُمقَاً وأقلّ حِكمة إذا تعارضت إرادَاتهم ومواقفهم مع إخوتهم ورفاقهم فى العمل العام. ويحْرِقُونَ حِيَادهم وأهليتهم للقيادة من أولِّ محطة تتعدد فيها الرُؤى وتختلف.. وبذلك يفتقرون إلى أسبابِ القيامِ بدورِ الحكِيم والوَسِيط والمُسَهِّل (الأجْوَاد) لحَلِّ أبسطِ المشاكِل. لذلك، تجدنا نستورد الوسطاء دوماً لأنَّنا نحرق مراكِب حِكمتنا فى اوَّلِ نقطة إختِلاف فى الرأى أو وُجهَاتِ النظر. أمّا الذين عرَفُوا الطغاة الشتّامُون الجبابِرة من قادَةِ الأحزاب السودانية فقد نأوُا عنهم وسدُّوا الباب أمام تكرار نفس الأخطأ والكوارث التى يجلبها أولئك الشيوخ القادة، وإمتنعوا عن تكرار خطأ وضعهم على كرسى الرئاسة فى خواتيم أعمارهم. علماً بأنّ قادتنا الشيوخ لا يقبلون بما دون الرئاسة والزعامة والإمامة. وأمّا ساستنا الذين ما زالوا يتعَلّمُونَ الحلاقة فى رؤوسِ أتباعِهم من شعوب السودان المقهورة فى الهأمش فهُم من يأسفون ويندهشون لمن يرفض الإمام أن يقودَ السفينة مرَّة أخرى، لأنَّ الغرقَ حتمى ووَاقِع.. والحَلُّ ما زال بعيد المنال يا شعب السودان، فتزودوا بالصبر وأبلعوه تِرياقاً رُغم مرَارة طعْمِه فالمشوار إلى شاطئِ الخلاص ما زال طويلاً طالما أنَّ قادتَنا لم يبدأو السير نحوه بعدُ، وما زالوا فى خلافِهم وطُغيَانِهم يعْمَهُون.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة