ربما يكون نظام الانقاذ قد أجبرك على أن تبغضه.. و تتمنى زواله بشكل مخيف دون أن يبقي له أثر.. و كلنا نتمنى ذلك.. و لكن.
قرأت بتمعن شديد ( وصال) الإمام/ الصادق المهدي.. و تمعنت بعمق في ( مكاشفة) الأستاذ/ ياسر عرمان.. و تغلغلت في كل حرف جاء في ( القدر المعقول من قناعة) د. جبريل إبراهيم محمد بخصوص موقف ( نداء السودان) من خارطة الطريق و منعطفاتها.... و تيقنت تماماً من أن خارطة الطريق
لم تعد هي نفس الخارطة- سيئة السمعة- التي أراد النظام أن يبيعنا إياها.. و حاولت أن أجد بين السطور ثغرة تكشف عن ضعف ما في طرح قوى نداء السودان.. فلم أجد أي تراجع أو تراخٍ أو تقاعسٍ عن المراد لعلاج أزمة السودان المستفحلة، بل وجدت ( الواقعية) في التمسك بالحد المطلوب لتحقيق تلك الأهداف دون الايغال في مماحكات تودي بالسودان إلى هاوية بلا قرار..
و قرأت رؤية بعض الكتاب المعارضين لموقف مجموعة ( نداء السودان) من الخارطة.. و أعلم أنهم وطنيون تنطلق هواجسهم من قلوب تؤمن بحقوق الوطن علينا أجمعين.. لكن لا أحد منا بإمكانه أن يدعي، يقيناً، أنه أكثر وطنية من قوى ( نداء) السودان.. و لا هي تستطيع أن تدعي تفوقها في الوطنية علينا.. قد نختلف الرؤى.. و يظل حب الوطن مشتعلاً في القلوب..
و يلوم السيد/ عرمان الرافضين للتوقيع المنتظر، متسائلاً:- "... الذين درجوا على المطالبة بوقف الحرب ودعم معالجة القضايا الإنسانية، هذا موقف سياسي سليم لكنه لا يمر الا بالجلوس مع النظام وهم يعارضون الجلوس مع النظام، فكيف يطالبوننا بوقف الحرب وعدم الجلوس مع النظام ، عليهم التفكير ملياً في موقفهم المتناقض."؟
و يلجأ الامام/ الصادق المهدي إلى القول: " من ليس يفتح للضياء عيونه هيهات يوماً واحداً أن يبصرا!"
إذن، فلنقرأ بهدوء.. و لنصغ إلى ما يٌبث بهدوء أكثر.. سوف نجد تناقضات في أقوال النظام كما نجده في إيحاءات بعض المعارضين المتشنجين.. و نجد ثباتاً في ما يصدر من المعارضة في موقفها من الخارطة .. و مع أن الكل متفق على أن الحوار هو الدواء الأمثل لعلاج أمراض السودان المستعصية، إلا أن كيفية ( اجراء) الحوار هي المعضلة التي ربما تجد جزءٍ من حلها في ( الخارج).. و ذاك ما كانت قوى نداء السودان تنادي به لضمان تنفيذ مخرجات الحوار.. و كان النظام يصر على ابعاد الخارج من الموضوع نهائياً، و مع ذلك سعى- أي النظام- بكل ( خبثه) المعهود لتحقيق هدفه عبر الخارج مستخدماً ( الآلية) و المجتمع الدولي للضغط على المعارضة للتوقيع.. و جنى النظام على نفسه بشكل ما.. لأن قوى ( نداء السودان) وقفت بصلابة أمام محاولات جرها للالتحاق بحوار الوثبة.. ما اضطر الخارج أن يغير من موقفه من خارطة الطريق بما يجعل القوى توافق على التوقيع على الخارطة..
و هذا يؤكد قول عرمان : -" تحول الحوار من حوار داخلي إلى حوار اقليمي و دولي.."
و يدعمه قول د. جبريل ابراهيم أن المبعوث الأمريكي اتفق مع الرئيس أمبيكي في جوهانسبرج:- " علي ترتيب يعفي الوساطة من التوقيع على مذكرة التفاهم، و لكن يُلزمه بما جاء فيها. ثم تمّ نُقل هذا الترتيب لاجتماع باريس الأخير، و رضي المجتمعون به، على أن يكتمل بلقاء يجمع وفداً من قوى نداء السودان بالوساطة في أديس أو جوهانسبيرج قريباً."
ربما هذا القبول من قوى نداء السودان هو الذي جعل المجتمع الدولي يثني على موقف المعارضة من السعي لإيجاد حلول نهائية لأزمات السودان..
قال عرمان:- " رفضنا خارطة الطريق لأنها ستؤدي الي إلحاقنا بحوار الوثبة وخضنا معركة طويلة.... كان من إيجابيات ما قامت به قوى نداء السودان هو حدوث متغيرات و مستجدات عديدة..... تحول التوقيع على خارطة الطريق الي عملية سياسية تمر بإجراءات تهيئة المناخ من وقف الحرب وتوفير الحريات وغيرها."
و قال خليل:- " رفضنا التوقيع على خارطة الطريق لسببين: سبب إجرائي؛ و يتمثّل في أسلوب عقود الإذعان الذي لجأت إليه الوساطة لحملنا على التوقيع. و هو أسلوب ينطوي على الاعتماد على المؤسسات الإقليمية و الدولية لإكراه الناس على حلول لا تجد القبول عندهم. و قد تبيّن للوسطاء جميعاً، ..... أن المعارضة الموحّدة، تملك القدرة على مقاومة هذا الأسلوب و تعطيل مفعوله" و أكد الامام/ الصادق:- ".. أن الحوار التحضيري المزمع ليس السودانية امتداداً لحوار قاعة الصداقة بل هو مستقل بذاته... · أن هذا الحوار التحضيري سوف يكون شاملاً ونحن نحدد وبقرارنا من يمثل وفدنا للحوار... أن الوفد الآخر سوف يشمل الحكومة والآلية السبعية لكفالة الالتزام بنتائجه.."
فقد أثبت الثلاثة أن التوقيع على الخارطة لا يعني الاستسلام. طالما أن الحوار سوف يكون حواراً متكافئاً بعيداً عن الالتحاق بحوار الوثبة. و أنه سوف يدور حول القضايا الأساسية و في مقدمتها إيقاف الحرب و معالجة الأوضاع الانسانية في مناطق النزاعات..
و يشير د. جبريل ابراهيم إلى أنهم قرروا التوقيع مبدئياً إذا توافرت الضمانات من الوساطة، بعد أن وصلوا إلى قناعة معقولة بأن الأسباب التي حالت دون التوقيع في طريقها إلى التلاشي.. و أن التوقيع لا يلزم قوى نداء السودان، تلقائياً، بالانضمام المباشر إلى حوار الوثبة، بل هو بمثابة معبر نحو عقد الاجتماع التحضيري لمناقشة القضايا برمتها بعد " إعادة تشكيل الحوار بصورة تضمن التكافؤ، و تمكّن المعارضة من التأثير في مخرجات الحوار، وتوفير الضمانات الكافية لتنفيذها،
أرجو من الحادبين على السودان و مستقبل الأجيال القادمة أن يمارسوا فضيلة الصبر و الانتظار!
لا تتعجلوا! فالخارطة سوف يتم تجهيزها بشكل مغاير.. و الطريق ما زال طويلاً وفق الارهاصات المتاحة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة