السودان حاله كمعظم دول العالم الثالث والأخير، لا توزع المشاريع التنموية بصورة عادلة على كافة أرجائه، وليست للحكومات منذ الإستقلال خطط وبرامج واضحة لتطوير البنى التحتية، وتوزيع المشاريع الحيوية والإنتاجية على كل بقاع الوطن، كما لا تتوافر معينات الحياة من علاج وتعليم ووظيفة في كل المدن والقرى، هذا التقصير له أسباب عديدة منها عدم إهتمام قيادة الدولة برفاهية المواطن بل بتوفير سبل حياة كريمة له في منطقته ومسقط رأسه. مع الأسف الشديد مجالس التخطيط والترقية الحضرية لدينا لا تقوم بدورها المنوط بها وهو إستكشاف ورصد مواطن القصور والحاجة إلى التنمية ومن ثم وضع خطط لمعالجتها حسب الحاجة وما تسمح به الموازنة السنوية للبلاد، فلذلك نجد أنّه عندما يقوم الرئيس أو مسؤول كبير بزيارة إحدى المناطق تنهال عليه الطلبات من شاكلة (طريق، ماء، كهرباء، مستشفى، توظيف الخريجين و….) فيقوم المسؤول بالتصديق لهم بها، فيوجه الجهة المعنية بإنشاء هذه المشاريع لتتولى تنفيذها، وربما يكون بذلك قد ظلم مناطق أخرى كانت أحق بهذه الميزانية وبحاجة إلى مشاريع أكثر إلحاحاً، فلذلك نجد أنّ بعض مناطق البلاد بها مشاريع تنموية أكثر من الأخرى لكونها تحظى بزيارات كبار المسؤولين أو أنّ بعضهم ينتمون إليها وإن كنت أرى أنّ مدن السودان كلها بما فيها العاصمة القومية لم تجد حظها من الإعمار والتطوير كما يجب. الفوارق القليلة في التنمية بين مدن وأقاليم البلاد جعلت بعض المثقفين من أبناء الجنوب ودارفور يستشعرون الظلم ويقررون النضال ومواجهة هذا الواقع والسعي لتغييره. للنضال أساليب وطرق كثيرة بعضها تقليدي وبعضها حضاري، مع الأسف فإنّ هؤلاء المثقفين إتخذوا طريق الحرب والقتال لتحقيق أهدافهم الحقيقية التي قرروا النضال من أجلها، قبل أن تتبدّل هذه الأهداف وتصبح طموحات شخصية جعلت كل من يطمح في الحصول على منصب رفيع يتجه إلى سبيل الحرب، كون الحكومة لا تفاوض ولا تقرب الا من يحمل سلاحاً. الحروب في البلاد سواء كانت في الجنوب سابقاً، أو دارفور، جبال النوبة، النيل الأزرق و… لم تؤت أكلها البتة، بل دمرت تلك المناطق وزادتها خراباً وشردت أهاليها وأجبرتهم على ترك مزارعهم ومراعيهم واللجوء الى مناطق اخرى، بحثاً عن قوت يأتيهم من منظمات الأمم المتحدة ومكانٍ يأويهم. ختاماً .. بصيغة التمني أوجه كلامي إلى من فارقا دنيانا الدكتور جون قرنق والدكتور خليل إبراهيم، حيث كان الأول قائداً للتمرد المسلح في الجنوب والثاني كان قائده في دارفور، لا أدري هل كنتما صادقين فيما إدعيتماه – الخروج من اجل الإصلاح – أم كنتما كاذبين ساعيين لمصالحكما الخاصة، على كل حال لقد إخترتما الطريق الخطأ للوصول للغاية المنشودة وخربتما مناطقكما وشردتما أهاليكما، ليتكما لم تفعلا ولم تقترفا إثماً بحق أرضكما وأهلكما، أقول لقادة وأعضاء وأفراد الحركات المسلحة في كافة أرجاء البلاد عودوا أدراجكم واتخذوا سبلاً أخرى للنضال فإن كنتم على حق ستصلون إلى ما تريدون ولو بعد حين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة