(في فضاء الامتاع والمؤانسة) أجرى الصحفي معاوية جمال الدين، حواراً مع الأديب الطيب صالح، نقتطف منه هذين السؤالين:- ـــ مرة قال الطيب صالح، الماضي والمستقبل في تأمر مستمر على الحاضر. كيف؟ الماضي والمستقبل، أو الجد والحفيد في تآمر مستمر على الأب، هذه إحدى الأفكار التي طرحتها منذ زمن طويل، وفي كل ما أكتب لأن كل ما حدث لنا في السودان أو العالم العربي، أو العالم الثالث من مشاكل، هي أننا نُمنَّي أنفسنا بمستقبل سعيد، مرات يقولوا لك عليك أن تضحي، ويقول الحاكمون شدوا الأحزمة على البطون، والتضحية بكذا وكذا في انتظار مستقبل مزعوم. طيَّب يا أخي، الكائن الحي البني أدم يوجد مرة واحدة في هذه الدنيا لا يتكرر، هو عبارة عن وجود في غاية الامتياز والتفرد، الإنسان ليس لعبة، إنه خليفة الله في الأرض، بعد هذا يأتي من يقول لي أضِع عشرين عاماً مثلاً، وانتظر مستقبلاً، وأنا أسأل وماذا عن الحاضر؟ ما يحدث في السودان الآن، يقول أخواننا هؤلاء - إذا أحسنا الظن بهم - أصبروا سوف يأتي بعد عشر سنوات العدل والشريعة والخير، يا أخي، أنا أريد هذا الآن فهذا من معاني تأمر الماضي، أيضاً يبشرون بالمستقبل باسم الماضي، بمعنى أنهم يريدون إعادة وجود الماضي في المستقبل، طيب ماذا يحدث في الحاضر؟ قالوا إنهم يريدون إعادة الماضي المثالي للمستقبل، وفي أثناء ذلك يضيع الحاضر، على أي حال هذه مشكلة أو إشكالية، كما يقول إخواننا ـ وأنا أكره هذه الكلمة ـ تستحق أن تطرح أدبياً وفكرياً، يجب أن تناقش، لا أن يأتي واحد ويقول لك لا تناقشني، كل القيادات السياسية كانت تقعل هذا وما زالت، يقولون لك لا تسألنا ماذا نفعل ولا تشتكي إذا جعت أو عطشت أو تعبت، لكن أنا أضمن لك بعد عشر سنين، عشرين سنة، مستقبلاً في غاية الجمال! طيب ياأخي، من يدري قد أموت قبل أن يحضر هذا المستقبل. ـــ هل هو نوع من السخرية على العقول الذي يمارسه بعض الحكام؟ بدأً كفكرة أو نظرة مخلصة، لنفترض الإخلاص، لكنها انتهت أحياناً الى نوع من السخرية، لكن أظن أن بعض الناس، ربما عن إيمان وإخلاص، يعتقدون أن الأمور يمكن أن تنصلح فيما بعد، بعض الصبر في قضية التنمية والتحرير وهم أكبر قضيتان واجهتا العالم العربي منذ سنة 48، كانوا دايماً يقولون سنحرر فلسطين ونحقق التنمية ولكن لا تسألوا، وحتى إن زعيماً كبيراً احترمه جداً هو جمال عبدالناصر قال في إحدى خطبه لا أريد (فلسفة)، والنميري فيه جوانب كثيرة طيبة يجب أن تقال وهو أخونا وسوداني قال نفس التعبير ومكث في السلطة 16 عاماً ونحن في انتظاره. الآن هؤلاء الحكام فاتوا كل حد، أدخلوا الشعب في معاناة حياتية لا يمكن أن ينكرها إلا إنسان مكابر، اذا اعترفوا بهذه الحقيقة خيرُ لهم كحكام، ما هو العزاء في تحمل هذا البلاء ! يقولون إن المستقبل سوف يكون مشرقاً، والمستقبل الذي يريدون صنعه مستحيل.أي شخص قرأ التاريخ يعرف ان هذا الحلم الذي يسعون إليه مستحيل، وإلا فهناك أشخاص أقدر منهم عبر التاريخ الإسلامي، لماذا لم يحققوا هذا الحلم؟ عمر بن عبدالعزيز قتل بواسطة اهله بعد أقل من ثلاث سنوات في الحكم، جاء قبل ذلك حاكم ضخم لبني أمية هو عبدالملك بن مروان، وكان فقيهاً حافظاً للقرآن، لماذا لم يصنع مجتمع اليوتوبيا هذا؟ جاء بعد ذلك أبو جعفر المنصور الذي قام بتأليف موطأ الإمام مالك، لماذا لم يصنع هذا، وهو رجل فقيه؟ ما يحيرني كمواطن عادي، هذا الغرور، كيف يا أخي تزعم هذا الزعم، كيف تأتي في سياق هذا التاريخ (وتدُق صدرك) وتقول: أنا سأحل المشكلة التي لم يحلها أحد قبلي، سبحان الله، ربنا يهديهم.. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة