تعامل فولكر ومن ورائه الاتحاد الأوروبي باستخفاف شديد مع الشعب السوداني، باعتباره شعباً بدائياً، الأوروبيون على وجه التحديد لم يفهموا هذا الشعب جيداً وعملت مؤسساتهم كسفاراتهم ومعهد جوتة وبعض منظماتهم الأخرى على هذا الأساس الإستعلائي. شاهدنا في عهط قحط كيف تم عمل دورات لعروض الازياء التي أثارت السخرية، في بلد تنقصه دورات وورش للتدريب على حرف ومهن يحتاجها بالفعل وليس عروض أزياء بدت كمسرحية هزلية سخيفة. ومن هذه التفاهات الكثيرة في عهد قحط فيديوهات لطفلة تنزل من سيارة فارهة لتقابل حمدوك في دولة تعتبر فيها الركشة أهم وسيلة مواصلات.. فيديوهات للقاءات من ثلاثين ثانية يتحدث فيها احد اولاد فولكر بالانجليزية.. وجمع بضعة أولاد صغار وتصويرهم كمعبرين عن كل الشعب.. زيارات مسرحية من السفير الامريكي لاسر فقيرة في رمضان..الخ. كان كل ذلك وغيره يعكس عدم فهم لطبيعة الشعب السوداني.. نعم هناك انتشار للامية وربما الجهل، ولكن هذا الشعب براغماتي جداً وكل مواطن يعرف مصالحه ويعمل من أجلها متمركزاً حول ذاته وكذلك القوى السياسية والإدارات الاهلية والعساكر والدعم السريع والحركات والأحزاب.. هؤلاء كلهم حريصون على مصالحهم بشدة ويضربون سياجات فولاذية على مصادر رزقهم.. لذلك فرهانات الغرب على بدائية الشعب وتخلفه وبضعة أولاد ممثلين تابعين لفولكر كان خطأ استراتيجيا أنهى طموحات سيطرة المشروع الغربي بسرعة في السودان. دعنا نقول بأن المشروع الغربي الذي تم تديشنه برسالة حمدوك لمجلس الأمن وطلب البعثة الدولية قد انتهى خلال أول شهر من إعلانه. نعم.. قد يبدو انه لا زالت هناك بعثة وان هناك فولكر والثلاثية.. ولكن في الحقيقة كل ذلك خضع للأقلمةacclimation مع ظروف جديدة مختلفة. وهكذا فقد زخمه القديم. مع ذلك فوجود جثة المشروع الغربي في المعطى السياسي الداخلي لا زال يحقق تأثيرات متنوعة ولكن من خلال رؤية كل قوة سياسية وليس من خلال المنظور الغربي. أي أن المشروع الغربي أصبح مفعول به بدلاً عن أن يكون فاعلاً، فالعسكر يستغلونه، والأحزاب والآن الحركات بل حتى الكيزان وغيرهم..الخ. فهم يريدونه باقياً ومتموضعاً داخل المشهد السياسي. لكي يستفيدوا منه. تمثل لعبة الاتفاق الإطاري مثالاً واضحاً لذلك.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق January, 16 2023