سأتكلم بكل صراحة عن تفكيك الجيش. واناأارى أن المسألة ضرورية، وذلك لأن الجيش يستهلك حوالى ثمانين في المائة من ميزانية الدولة، أي من أموال دافعي الضرائب والرسوم والجبايات والجمارك..الخ. لو تم انفاق هذه المليارات لدعم التنمية في الأقاليم لما احتاجت هذه الاقاليم للثورة وحمل السلاح. مصنع واحد لتجفيف وتعليب الفاكهة في ابو جبيهة، سيؤدي لتوفير فرص عمل لمئات العاطلين وسيؤدي إلى تطوير المنطقة وتوفير الطاقة، سيؤدي ذلك إلى امكانية عمل مستشفيات ومصانع أوكسجين، سيؤدي ذلك الى عدم النزوح للعاصمة، سيؤدي الى فتح مدارس وتعليم. كل هذا الحراك التنموي سيفضي إلى نهاية الصراعات الأهلية. يقول الشماليون بأن أهل دارفور يمكنهم القتل من أجل بقرة، وانا اقول بأن المحاكم في الشمال تنظر جرائم قتل في أقل من ذلك. فالمسألة لا تتعلق ببقرة أو دجاجة، بل تتعلق بالتنمية التي تؤدي إلى الوعي بحقوق الآخر. في آخر ميزانية للبشير نال الجيش أربعة وعشرين مليار جنيه. كان للدعم السريع أربعة مليار. وهي ثمانين في المائة من الميزانية. ومن المفترض أننا حين نتحدث عن الجيش نتحدث عن جسم تابع للحكومة له أهداف تصب في تحقيق المصلحة القومية. فما هي أهداف الجيش؟ إن الهدف الأساسي للجيش هو حماية حدود الدولة من العدوان الخارجي. وفي حالات استثنائية يجوز له استخدام القوة داخل الإقليم وبشروط وضمانات وضوابط لمنع الانفلات الامني، لأن هذا من عمل الأمن والشرطة وليس الجيش. فوفقاً للمادة السادسة من قانون القوات المسلحة لسنة ٢٠٠٧ والتي تنص على الآتي: ▪️القوات المسلحة السودانية قوات عسكرية قومية التكوين والهدف ولاؤها لله والوطن، وتكون لها المهام والاختصاصات الآتية: أ. حماية سيادة البلاد والدفاع عن النظام الدستوري والذود عنه، ب. تأمين سلامة البلاد والدفاع عنها في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، ج. تأمين احترام سيادة حكم القانون والحكم المدني الديموقراطي وحقوق الإنسان، د. التصدي لحالات الطوارئ المحددة قانوناً، ه. الدعوة للتدين والأخلاق والقيم الفاضلة وتقوية روح الوحدة والولاء والمواطنة بين أفرادها، و. العمل على تطوير امكانياتها العسكرية والبشرية والمادية والعلمية، ز. المشاركة في توطيد وحماية السلام والأمن الدوليين تنفيذاً للالتزامات الأخلاقية والمواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية.
هذه هي الاهداف، فهل تحققت؟ أولا: لم تكن القوات هذه قومية أبداً إلا على المستوى القاعدي (الجنود) ، ونحن نعرف أن التصفيات الإثنية تتم في الكلية الحربية على مستوى الضباط. وتبين لنا قيادات الانقلابات العسكرية هذه الحقيقة. كما يؤكد أنها ليست قومية هي أنها واجهت كل الحركات المسلحة المطالبة بحقوقها بالقصف ما عدا الحركات المسلحة الشمالية التي تم دعمها وفتح كل الأبواب الإعلامية لها بقيادة ضباط من هذه القوات نفسها. ولم تتعرض مناطق الحركات الشمالية لأي قصف بالانتنوف ولا الذخيرة حتى الآن. لم تخض هذه القوات أي حرب على مستوى حماية الحدود إلا في الفشقة ضد مليشيات مسلحة وفي ظروف تؤكد أنها مجرد تكامل مصالح بينها وبين مصالح دول أخرى. أغلب الحروب التي قامت بها كانت حروباً ضد سودانيين، حروب الجيش قتلت أهل الشرق وجنوب السودان سابقاً والنيل الازرق وجبال النوبة ودارفور بولاياتها المختلفة. بالنسبة لتأمين سيادة حكم القانون والحكم المدني والدموقراطي وحقوق الإنسان. ظلت هذه القوات تنقلب على الحكم الدموقراطي منذ عبود وحتى انقلاب البرهان الأخير. وظلت تلغي اي مواثيق ودساتير مؤقتة تم سنها حقبة وراء حقبها. إذاً؛ فالمحصلة، أن هذه القوات لم تحقق أي من الأهداف المطلوبة منها، بل ظلت عبئاً على ميزانية الشعب، عبئاً على دافعي الضرائب من المزارعين والرعاة والصناع والتجار. فهل بعد هذا يمكننا أن نطالب بتفكيك هذه القوات أم بإلغائها تماماً، والاكتفاء بدعم قوات الشرطة التي تعاني معاناة كبيرة من ضعف المرتبات والذي سيفضي إلى قبول الرشاوي وفقدان الشرطة لهيبتها مستقبلاً، بالإضافة إلى ضعف تأهيل الكوادر والبنية التحتية. نرى أنه لا حاجة اساساً لقوات مسلحة، بل تكتفي الدولة بالشرطة، ويكون لكل إقليم شرطته الخاصة به من ابناء الإقليم، مع وجود شرطة مركزية للتنسيق العام بين الأقاليم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق January, 12 2023
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة