*العميد مطرب يعشقه خواص الخواص.. *بمثلما يعشق أغنياته عوام العوام...والعوام...وحتى جدتي ابنة ساتي فقير.. *ومفردة (حتى) هنا المقصود بها حتى الناطقين بغيرها.. *أو بالأصح: حتى الناطقين بها- أي النوبية - بحسبانها الأصل.. *فجدتي كانت تطرب للأغاني النوبية التي تفهمها.. *وتطرب لأغاني أحمد المصطفى أيضاً...باللغة العربية.. *ومن خواص الخواص هؤلاء نذكر اثنين منهما في كلمتنا هذه.. *الأول هو العالم النفساني الشهير الدكتور حسبو سليمان.. *والثاني العلامة في مجالات الأدب والفكر واللغة البروفسير يوسف نور عوض.. *وكلاهما تغنى بكلمات لهما عميد الأغنية السودانية.. *فأغنية (السوسن البراق)- ذات العذوبة اللحنية والشعرية - هي من تأليف حسبو.. *وصاحبة الإلهام هي ابنته سوسن...حسبما عرفت.. *أما أغنية يوسف نور... فمنذ زمن طويل لم تر (النور).. *وأخبرني أنها ربما تكون قد ضاعت من مكتبة إذاعة أم درمان...أو تلف شريطها.. *ثم إن الاثنين يدندنان بأغاني العميد في أوقات فراغهما.. *بل وحتى في غير هذه الأوقات كما فعل حسبو ذات يوم بمحل تجاري.. *فقد شغل زمن انتظاره بأغنية في سكون الليل.. *فلما سكنت الحركة - وجاء دوره - لم يسكن فمه إلى أن فرغ من الترنم بالأغنية.. *والآن (سكن) يوسف في قبره...ولكن (حركته) ستبقى خالدة.. *حركته العلمية ، والتأليفية ، والأدبية ، والشعرية ، والإذاعية.....وبقناة (الجزيرة).. *فهو كان أحد أعمدة هذه الفضائية منذ لحظة ميلادها.. *وخاض فيها معارك لغوية شرسة ضد هيمنة تشويهات شامية للغة العرب.. *ضد (التقاه)...و(الخبر الرئيس)...و(هكذا أمر).....وهكذا.. *وكان النصر حليفه - في نهاية المطاف - على معسكر زميله جميل عازر.. *كان حليف مؤسس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة سالفورد.. *كان حليف صاحب - ومقدم - برنامج (زورق المساء) بالإذاعة السودانية.. *كان حليف من أهداني (ملهمة) كلمتي هذه قبيل وفاته.. *ملهمة فكرية فلسفية جدلية اسمها (تهافت الفلاسفة) لأبي حامد الغزالي.. *والبارحة وقع بصري على هذه الملهمة الجميلة...بالصدفة.. *فكانت كلمتي هذه وأنا أهمس (رب صدفة خير من ألف ميعاد)...لفكرة كلمة.. *وفي البدء كانت الكلمة...وكل جميل في الحياة يبدأ بكلمة.. *وكلمات يوسف التي تغنى بها العميد ضاعت من مكتبة الإذاعة القومية.. *بمثلما ضاع الكثير من أغنيات الزمن الجميل بفعل (كلمة).. *ولكن ملهمته لم تضع بما أنها (تحيا) معنا...و بيننا...وفي ثنايا أعماله (الحية).. *فقد كان يعزو الفضل في كل نجاحاته إلى ملهمته هذه.. *وهي أرملته - وشريكة أفكاره - الدكتورة أفكار محمد الحسن.. *فوراء كل عظيم (ملهمة !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة