أطلق المرحوم محمد طه محمد أحمد مصطلح الطلقاء على الذين ساندوا نظام الإنقاذ من غير أعضاء الحركة الإسلامية في بواكير أيامها الأولى التي مارسوا فيها أبشع أنواع البطش والتنكيل بخصومهم السياسيين. تم إطلاق هذا الاسم أسوة بطلقاء قريش الذين عفى عنهم الرسول محمد (ص) بعد فتح مكة وقال لهم قولته المشهورة (اذهبوا فأنتم الطلقاء). كان لطلقاء الانقاذ دور كبير في تثبيت دعائم وأركان حكم الانقاذ في سنينه الأولى بمشاركتهم المباشرة في العمل الأمني والسياسي والإداري والدبلوماسي والإعلامي، قاموا بتدريب كوادر الحركة الإسلامية الذين كانت تنقصهم الخبرة والدراية على تسيير دولاب الدولة والحكم. من أشهر طلقاء الانقاذ المحامي المشهور وربيب الانظمة الشمولية عبد الباسط سبدرات والمرحوم سليمان أبا صالح وعبد العزيز شدو و(كلب) الأمن عاصم كباشي والصحفي فتح الرحمن النحاس.
كان بعض أعضاء الحركة الإسلامية وعلى رأسهم المرحوم محمد طه محمد أحمد يحتقرون هؤلاء الطلقاء ويجاهرونهم العداء والاحتقار علنا بحجة أنهم غير مؤتمنين ولا يمكن الوثوق بهم ولا بما يقدمونه من خدمات للإسلاميين حتى وإن فاقت ما هو متوقع منهم. المرحوم محمد طه ومن معه كانوا محقين في ذلك لأن من يخون رفاقه وزملاء نضاله ويقدم نفسه رخيصة من أجل المنصب والمكسب غير جدير بالاحترام والتقدير. سجل لنا التاريخ الكثير من قصص الذين خانوا أوطانهم ورفاقهم مقابل المال أو المنصب، نذكر منها القصة الشهيرة للضابط النمساوي الذي ساعد نابليون بونابرت في إحدى معاركه وأعطاه معلومات اعانته على كسب المعركة التي كان يخوضها ضد النمسا، ولما جاء ليتقاضى ثمن عمالته، رمى له نابليون بصُرة من الذهب على الأرض، فقال النمساوي: ولكني أريد أن أحظى بمصافحة يد الإمبراطور. فأجابه "نابليون" هذا الذهب لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلا يخون بلاده.
الكثير من الأحزاب السياسية والأفراد شاركوا نظام الإنقاذ في مراحل تاريخية مختلفة عن طريق اتفاقيات جماعية أو منفردة وشاركوه السلطة لأسباب مختلفة أيضا، هذا أمر مفهوم وفقا لتقديرات وقراءات هذه الأحزاب والجماعات، وبعد قيام ثورة ديسمبر المجيدة اختفى البعض عن المشهد تماما وانبرى آخرون في الدفاع عن مواقفهم السابقة وناصبوا ثورة الشعب العداء لأنها سلبت سلطاتهم ومكتسباتهم في (كعكة) السلطة وهذه أيضا مواقف انتهازية لها ما يبررها رغم قبحها فحب السلطة وإدمانها خاصة عن طريق الارتزاق مرض يصعب الشفاء منه.
انزوى السيد حسن اسماعيل الشهير بحسن طرحة وزير البيئة ووزير الإعلام السابق في نظام الحركة الإسلامية الساقط الذي تصالح مع الانقاذ واستوزر كعضو في حزب الأمة جناح مبارك الفاضل عقب موجة الثورة الأولى واختفى عن الأنظار تماما شأنه شأن كل لصوص الحركة الإسلامية وفلولها من الطلقاء الذين كانوا يخشون من عنفوان شرعيتها وشعاراتها الهادرة ولم يعد يذكره أحد لأنه لم يكن سوى مرتزق ومأجور ليس له (في العير ولا النفير). ظهر السيد طرحة مؤخرا من تركيا كأحد أبواق الحركة الإسلامية و(ملكيا أكثر من الملك) يمجدها تمجيدا يستحي عنه حتى أصحاب المشروع الحضاري من اللصوص والبدريين أنفسهم، الذين لم يفيقوا حتى الآن من الصدمة العنيفة ومن الشروخ العميقة التي أحدثتها الثورة وشعاراتها في نفوسهم. ما يقوم به حسن طرحة من تطبيل وثناء على النظام الساقط لا يمكن إيجاد صفة مناسبة له سوى انه العهر السياسي في أبهى تجلياته. طرحة يستميت في الدفاع عن الإنقاذ بالرغم من أن مشاركته للنظام الساقط كانت في أخريات أيامه، صار وزيرا والنظام يلفظ انفاسه الأخيرة فأصبح كمن صام الدهر وأفطر على جيفة نتنة تعافها حتى الضباع. هذا التهافت والدفاع المستميت عن أولياء نعمته من لصوص العصر جماعة (هي لله) جعلته يتساوى تماما في السقوط المدوي كسبدرات وكل طلقاء العشرية الأولى بل فاقهم سوءاُ بإصراره على استفزاز الشعب السوداني و(مكاواته) بظهوره المتكرر في القنوات الفضائية لاسيما منصة الإخوان المسلمين (قناة طيبة) متعمدا تشويه ثورة الشعب بصورة لم يجرؤ عليها حتى (فاتية) الحركة الإسلامية حسين خوجلي.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق November, 03 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة