يونيو ١٩٩١ اعلن الدكتور عبد الرحيم حمدي وزير الماليه حينها برنامجه الثلاثي لإصلاح وانعاش الاقتصاد الذي يهدف لتحريك جموده وسكونه.. وذلك بتشجيع الإنتاج والمنتجين.. ووضع سياسات تشجيعيه لسلع الصادر وبيع السلع والخدمات بأسعارها الحقيقيه عن طريق قانون العرض والطلب..ورفع القيود عن حركه مجال الاستيراد..وتوحيد سعر صرف العملات..وتشجيع بيئه الاستثمار لجذب المستثمرين الأجانب والوطنيين ..ووضع الخطط والبرامج لجذب مدخرات المغتربين والعاملين بالخارج.. ووضع نظام ضريبي قوي. فاعل هذه هي العناوين الرئيسه لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المطروح حينها..قفز سعر الدولار بعد تحريره من ١٢ جنيه السعر المعلن حينها من بنك السودان الي٩٠ جنيها مساويا للسعر في السوق الموازي حينها..بالطبع توالي الارتفاع في السنوات اللاحقة بقفزات مرعبه..حيث أن برنامج الإصلاح يحتاج لوقت مقدر حتي يؤتي اكله..اضافه لفقر خزينه البنك المركزي من العملات الاجنبيه..التي تساعده علي السيطره علي سعر الصرف..حيث أن العائد من الصادرات حينها لايكفي لسد حاجه البلاد من السلع والخدمات الاساسيه..اضافه لكلفه حرب الجنوب التي كانت تستنزف حوالي ٢ مليون دولار يوميا..كل ذلك جعل من العملات الاجنبيه وخصوصا الدولار حصانا جامحا لايستطيع من يمتطيه أن يروضه ويتحكم فيه.. مهما اؤتي من مهاره وقدره في القياده..ولهذا استمرت العملات الصعبه في جموحها وتمردها حتي أواخر التسعينات.. عندها شارف الدولار أن يصل تخوم ال٢٠٠٠ جنيه..ا(لتي تحولت الي٢جنيه لاحقا بعد حذف ال٣ اصفار)..حينها خرج البترول..وظهر مورد ذو بعد اقتصادي وسياسي هام.. أضاف للسودان قيمه استراتيجيه كبري..تجعله من المفترض ان يمضي في خطط الإصلاح السياسي والاقتصادي ببعديهما الداخلي والخارجي وفق ارضيه صلبه وقاعده متينه..فبضمان البترول أصبحت هنالك يقينيه بالنسبه للمستثمر..من حيث بيئه الاستثمار.. ومن حيث ضمانات الاستثمار ومردودها وعوائدها..في ظل هذه الأجواء المبشره والواعده ..ابت الطليعه الحاكمه حينها الا تعكر صفو هذه الآمال والرجاءات..فسياسيا تم الإخلال بعهد الشروع في الانفتاح السياسي الشامل ورد أمر السلطه للشعب وتقيد سلطه الأمر الواقع التي فرضتها ضرورات تقديريه..فنشأ صراع حسم بآليه السلطه وقوة الدوله..فكان هذا نذير شؤم علي منهج الإصلاح برمته..وعقبها امسكت الدوله بقبضتها الحديديه علي عنق الاقتصاد وجل النشاط التجاري..فهي التي تحدد سعر صرف الجنيه..فلقد خدعتها عوائد البترول وتدفقاته من النقد الاجنبي.وادعت أن النشاط الاقتصادي حر لايد للدوله فيه ولادخل لها بن..وهو ادعاء مخاتل و كذوب..فلقد خرجت منه بالباب واتت عائده له من الشباك..فتبدت ظاهره الشركات الاستثمارية التي تتبع لجهات حكوميه..وبهذا الميزه كانت التسهيلات في التمويل من البنوك بضمانات وهميه..واعفاءات من الجمارك والرسوم فأنفتح بابا واسعا للفساد ارهقت بسببه البنوك وهزت مراكزها الماليه بسبب عجز المدينين. مراوغاتهم.. وتشوهت حركه النشاط الاقتصادي واختلط الحابل بالنابل.فلم يعد معروفا التاجر من السمسار..المصدر من المهرب..المستورد من تاجر الشنطه..وضاعت بذلك تعريفات المصطلحات ومن يمثلها..(ونذكر جميعا المعارك الضاريه التي خاضها اشطر وانزه وزير ماليه مر علي السودان أقلها في الأربعين عاما الاخيره..الدكتور عبدالوهاب عثمان،)..في ظل هذه الفوضي..أهمل قطاع الإنتاج..وتضخم قطاع الخدمات..واستشري نمط استهلاكي فاحش..ظهرت ملامحه في كم مقدر من افراد المجتمع.. من حيث المزاج في المطعم والمشرب والمسكن والملبس..سعي الناس لمجاراة طبيعه نمط الحياة في الدول الغنيه محاكاة واقتداء..فكان لابد بتضافر عاملي الاداره الغير رشيده..وشراهه وسياده نمط الاستهلاك..أن يلتفت الناس عشيه انفصال الجنوب..ويجدون أنفسهم أمام محنه كبري و قاسيه..وطامه حالقه ومدمره.. لم يتحسبوا ويستعدوا لها..تظل أزمتنا المستوطنه ازمه اداره ووعي بإتخاذ القرار الصائب في الزمان المناسب..فلولم تعود الحكومه للتحكم في الاقتصاد عقب خروج البترول وجعلت قانون العرض والطلب هو الذي يحدد سعر السلعه المعروضه أو الخدمه المقدمه..لما اضطرت لجعل سلعه استراتيجيه مثل القمح..محتكره لجهه اوجهتين تتحكمان في مصيرها ومصير بلد باكمله ..ولولا قصر نظرها و بؤس تخطيطها لما صار الدولار مخزنا القيمه وسلعه للتداول..تسبب هلعا وخوفا..للمنتجين الحقيقين..وتربك المشهد الاقتصادي برمته..ولو كانت القياده السياسيه والخبراء المزعوميين المفترضين..علي درجه من الرشد والوعي..لتم اعاده تحرير سعر الصرف مره اخري في ٢٠١٠ مع بدايه نذر انفصال الجنوب.. .حينها كان للدوله تغطيه من العملات الصعبه لابأس بها..يمكنها من التحكم في سعره عند التحرير اذا جمح للقفز و الانفلات ..أو كان يمكن ان يتخذ هذا الإجراء عقب الانفصال ايضا..لو فعل ذلك آنذاك لما وصل الدولار لهذه الارقام الفلكيه التي جعلت حياة الناس جحيما لايطاق..فلا غرو في ذلك فالدولار اصبح قيمه معياريه تقاس به كل السلع والخدمات..وما كان له أن يصل لهذه السطوه..لو استفادت الحكومه الحاليه من اخطاء سابقتها..فلو اتخذ قرار التحرير في اغسطس٢٠١٩ مع بدايه حكومه حمدوك الاولي (حينها كان السعرالموازي للدولار٩٠جنيها)..لما وصل اليوم علي اعتاب ال٦٠٠ جنيها ولكن ماذا نقول ولمن تقرع الاجراس..فخبراؤنا المفترضون..يقرأون من لوح واحد..وهو لوح الفشل وسؤ التخطيط.. ويحفظونه عن ظهر قلب..ويتبعون بعضهم بعضا حذو النعل بالنعل..وان حدث استثناء فلام يوبه له..فهو خارج السلسله..فما يبرزه الواقع الان يحدث أن الاستثناء لم يحدث فارقا..وان قافله من يحدثون الفشل هم الأساس. يدورون حيث يدور سابقيهم..
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 03/07/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة