ولربما، يجئ وجود القوات المصرية في مروي ضمن استراتيجية عسكرية للاسلاميين، تمهيدا لاشراكهم في الحرب ضد الدعم السريع من داخل السودان، ولابعاد مظان التدخل الأجنبي، في حال انطلاق أي طيران من قواعد مصرية، ولكن القاعدة العسكرية في مروي، ستوفر الغطاء اللازم لذلك، الا ان الدعم السريع بادر بدخول القاعدة في مروي، ووضع يده علي القوات المصرية وتحفظ عليهم ليشل حركتهم.
من ثمة، اتجه الاسلاميون نحو تنفيذ الخطة (ب) والتي تقضي بمهاجمة معسكرات الدعم السريع في جنوب العاصمة، ومن هنا اطلقت الرصاصة الأولي من بنادق غير بنادق الجيش السوداني، فقام الدعم السريع بالرد، واعلن الجيش السوداني ان الدعم السريع يعد العدة لمهاجمة الجيش السوداني لاستلام السلطة، بهدف استنفار الشعب السوداني للوقوف مع الجيش السوداني ضد الدعم السريع، "و إن كان الشعب السوداني يقف بطبيعة الحال مع قواه المسلحة اعترافاً بدورها"، الشارع السوداني، يتحدث الان عن ان الاسلاميون هم من ارادوا استخدام الجيش السوداني مطية للوصول للسلطة مجدداً، وفي ذات الوقت القضاء علي الدعم السريع الذي يتهمونه بانه طعنهم من الخلف في ٢٠١٩ بانهاء حكمهم عندما انضم للشارع السوداني. واعتقد الاسلاميون ان الشارع السوداني سيخرج دعما للجيش السوداني بشعارات "شعب واحد جيش واحد"، وهذا لم يحدث، بل وعلي العكس، توجه الشعب وتوحد ضد الاسلاميين، ويصمم الان علي عدم السماح بعودة الاسلاميين للحكم مهما كلف من ارواح ودماء وتضحيات.
الشعب السوداني، فهم اللعبة الاسلامية، وها هي الحرب تتسع دائرتها لتشمل مدن اخري، والدعم السريع قد يكون له يد عليا في حرب المدن في دارفور، الان الوضع مأزوم، ويتجه نحو مزيد من التعقيد، بازدياد عدد الضحايا الابرياء من جهة، وتشير بعض التقارير الي أن الدعم السريع سيطر علي قواعد للجيش السوداني، واعتقل عشرات من الضباط والجنود من الجيش، وبدأت حرب التصريحات من الجهتين.
الجيش السوداني، سيسعي لخوض حرب استنزاف ضد الدعم السريع معولا علي نفاذ امدادهم ووقودهم وذخيرتهم مما يقود الي تشتتهم او استسلامهم، وتلك في رأيئ غاية غير مؤكدة المآلات، فالدعم السريع، و "إن اتفقنا علي انها مليشيا"، مليشيا، صنعها الاسلاميون بأيديهم، وحصونه إنشاؤه بالقوانين والمراسيم الدستورية، التي جعلت منه قوة نظامية، وطفق قائد الجيش، الفريق أول، البرهان، وفي عدة مناسبات للاشارة الي الدعم السريع بأنه من رحم القوات المسلحة، فأصبح الدعم السريع مارداً، والأن يبحثون عن وسيلة للقضاء علي ذاك المارد، وتتعالي الأصوات من داخل القوات المسلحة بوصف الدعم السريع علي أنه قوة متمردة، ويبادلهم الدعم السريع بوصف القوات المسلحة السودانية بالمتآمرين، ويتعهد قائده بالعمل علي اعتقال الفريق أول البرهان، وتقديمه للعدالة، ويصف قيادة الجيش بالمجرمين، أي مهانة، يصل اليها السودان، فالقوات المسلحة رمز عزة الوطن!،
الدعم السريع اكتسب مهارات عدة، ساعدهم في بناءها الجيش السوداني نفسه عندما انتدب اليهم نخبة من ضباطه بغرض التدريب وهم الان من يقودون المعركة ضد الجيش، أليس تلك ملهاة؟ ومأساة!!!؟
الوضع يكتنفه الغموض الشديد، والمواطنين العزل في حالة ذعر، حيث ان القذائف الطائشة تدخل بيوتهم وتقتلهم دون ذنب أو جريرة، أليست هذه حرب عبثية، الرابح فيها خاسر، والخاسر الأكبر هو الوطن.
ولا يخفي علينا جميعاً أن النزاعات المسلحة داخل العواصم لأي دولة يضر بسمعتها كلها ويتسبب في اضرار كبيرة على المدى القريب والبعيد، وهذا لربما أمر لا يستوعب مآلاته السياسية العميقة التي تكتسي مخاطر جمة علي المستوي الدولي، وبذات القدر لا تستوعبه المليشيات، والذي يهمهم فقط السيطرة على السلطة. ولنضرب مثلا بما حدث في العاصمة اليمنية صنعاء عام 1968 عندما انقسم الجيش لاسباب حزبية ووقع قتال استمر لعدة ايام ولم ينتهي الا باخراج قادة الحرب من الطرفين من البلاد الى المنفى في الجزائر. كما حدث ايضا في عدن عام 1986 قبل الوحدة في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وانتهي بسيطرة جناح من الحزب الاشتراكي على السلطة وهروب الجناح الاخر الى الشمال ونتج عن ذلك الصراع انهيار كبير للدولة وضعفها ولم تنقذها الا الوحدة بين شطري اليمن. اي ان الحروب الداخلية دائما لها نتائج وخيمة لا يفهمها الا من عرفوا نتائج مثل هذا الصراع على السلطة.
أفق الحل، ليست غائبة أو بعيدة. الداخل يتحرك لتغليب الحكمة في ايقاف اطلاق النار وتقريب وجهات النظر، والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة يضغط لوقف فوري وغير مشروط للقتال والعودة للحوار لاستكمال التحول المدني.
ندعو الله أن يجنب بلدنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، و أن يشيع الأمن والسلام في ربوع وطننا العزيز، و أن يهدي حكماء الوطن للتوصل لوقف فوري وغير مشروط لاطلاق النار حفاظا علي ارواح المواطنيين العزل، ومقدرات البلاد، و أن تعود الأطراف الي مائدة الحوار والتفاوض، لما يرضي للعودة الي ما تنشده الثورة والشعب السوداني من حكم يرتضيه السواد الأعظم من الشعب السوداني، يدرأ مزيد من الانزلاق في حرب عبثية لا رابح فيها، وبما يعود علي الوطن بالنفع، ولدرأ تفتت السودان.
فلنصتف معاً لوقف الحرب، ولنغلب مصلحة شعبنا ووطنا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق April, 14 2023