بعض الإختلاف السياسي لا يجعلنا نتغافل أو لا نُحيي ذكري واحد من أميّز المُناضلين السُودانيين عبر تاريخه السياسِي الطويل... تتفق أو تختلف معه يظل محمد إبراهيم نُقد أحد العلامات المُضئية في المسيرة الساعية للتغيير ... كان يتمتع بصفات القائد التي ودونما أي "مواربة" يفتقدها "حزبه" اليوم بشكل مُباشر ويفتقدها السُودان في مرحلة مابعد الثورة... كان لنُقد طابع القائد المحبوب ذو الإطلاع المعرّفي الجيّد ومحاولاته لسبر أغوار التجديد داخل حزبه رغم إيمانه بالماركسية ... التي كُنا ولازلنا نختلف معه ومعهم فيها ، أو ضرورة أن تكون هي المُرشد لحزب بدأ باكراً مسيرة التغيير ، ولكن لمحمد إبراهيم نُقد إعتراف واضح وصريح بضرورة التجديد داخل حزبه في مرحلة مابعد سقوط المعسكر الإشتراكي ... كما له إعتراف واضح بإيمان حزبه بالديمُقراطية الليبرالية التعدّدية .. وله إعتراف واضح وصريح بأن هذا السُودان لن يقوده حزب واحد أو فصيل واحد سياسي ولا يستطيع ولا حتي حزبه الشيّوعي السُوداني ... له رأي مُحدّد حول الدولة المدنية الديمُقراطية نختلف معه حولها "خاصةً" فيما يخص عدم ذهابهم المُباشر للنصّ فيها علي العلمانية أو فصل الديّن عن الدولة دونما "فزلكة" أو إلتفاف ... نُقد كان يعرف كيف يتعامل مع خُصومه السياسين وهذه ميزة ليست موجودة في القيادة الحالية لحزبه للأسف وتضرّر منها الواقع الحالي مابعد الثورة... فتحول الحزب بعده لآلة تُنتج مزيداً من "التعصُب" للرأي مع "حدّة" في التعاطي مع المُخالفين أثرّت في تقديري سلباً علي صحية مُمارسة الإختلاف السياسِي الديمُقراطي بشكل سليم... المرونة مطلوبة في القائد السياسِي بما يُتيح له المقدرة علي التعامل مع تعقيدات الواقع ... ومع هذا الإيمان بالمبادئ ضروري لتكوين "رؤية" وخط سياسِي ولكنها تخضع لمُتغيرات الواقع أحايين كثيرة وهذا يحتاج لعُمّق في التفكير السياسِي ومعرفة بما يمكن تحديده من وسائل يتم إتباعها بحسب المواقف السياسية المُختلفة... محمد إبراهيم نُقد لايشبه الكثير ممن تراهم اليوم يملؤون الساحة ، رؤوسهم "فارِغة" ولكنهم "مُتعنطزون" ومُتكبرون في "الفاضي" ويحملون بطاقة "قائد سياسِي" لا أعلم حقيقةً من الذي "صرفها" ومنحها لهم... فأكثر ما كان يمُميز محمد إبراهيم نُقد هو تواضعه وروحه المرّحة والدُعابة الحاضرة ... فهو يمكن أن يُمرر لك رسالة من خلال ممازحة أو حديث فكِه... نحن "قتلتنا" وتوهتنا نرجسية الكثيرين من النخب الحالية وأوجدت تباعُد و مساحة من عدم التعاطي المُباشر في أدب الإختلاف السياسِي ذلك لأن البعض يعتقد أن موقعه أو تاريخه يمنحه سمة "التعالي" ويعتبرها ميزة لذلك فهؤلاء "بعيدون" عن الجماهير ولامكان لهم في قلوب شعبنا... التحية لروح الراحل العزيز "عم محمد" كما كنت أحب في "صبانا وشبابنا الباكر" نداء إسمه سابقاً له عند اللقاء أو إلقاء التحية... التحية لروح مُناضل سُوداني حقيقي تتفق وتختلف حول إعتقاده وما يفكر ولكنك لاتستطيع أن لا تحترمه أوتُحيّي ذكراه وتعترف له بالنزاهة والوطنية و العُمق و العمل من أجل التغيير في بلادنا... نضال عبدالوهاب ٢٢ مارس ٢٠٢٣
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 15 2023