مليونية الثامن من مارس ٢٠٢٣م المواكبة لليوم العالمي للمرأة ، شهد تحية للكنداكات بمواكب ذات زخم متمسكة بإسقاط الإتفاق الإطاري و ماترتب عليه ، و مؤكدة ضرورة محاسبة قتلة الثوار ، حيث تميزت بالمخاطبات التنويرية المتعددة ، و اكدت ان إغلاق الكباري و مظاهر استعراض القوة ، لن تثن هذا الشعب العظيم عن تحقيق اهدافه و تصفية نظام الإنقاذ ولجنته الامنية الحاكمة ، لبناء دولة المواطنة وسيادة حكم القانون. الوجود الفاعل في الشارع الثوري ، دلالة على قدرة الثوار على فرض ارادتهم وتكريس سلمية الثورة ، في مواجهة المحاولات المستميتة لعسكرتها ، و التي تتمثل فيما يلي: ١- العمل بجهد لتحويل التناقض الثانوي بين قيادة القوات المسلحة التابعة للإنقاذ و قيادة الجنجويد ، الى محرك رئيس للحدث السياسي ، وتصويره على انه مفتاح هزيمة الإنقلاب عبر تمرير الإتفاق الإطاري بإعتباره وثيقة الخلاص الوحيدة المقدسة. وفي هذا الاتجاه ياتي التراشق بين القيادتين الذي بدأ من القيادة المفروضة على القوات المسلحة وتبعه الرد من قيادة الجنجويد. و الملاحظ لرد الاخيرين ، يلاحظ ان تصريحات القائد الثاني للمليشيا ، اشتملت على طلب تسليم السلطة للشعب دون تحديد آلية التسليم ، وتأكيد ان المليشيا من الآن فصاعدا لن تسمح بقتل المتظاهرين السلميين ، في إقرار واضح بانها كانت تسمح بذلك في السابق وهي قادرة على المنع. أما قائد المليشيا ، فقد صرح بأن الخلاص هو الإتفاق الإطاري لأن ذلك سيجلب الدعم الخارجي مثلما اكدت له الجهات الخارجية الدولية التي يتعامل معها ، وهذا هو سبب ايمانه بالديمقراطية فيما يبدو!! و لكنه أكد بألا خلاف بينه و بين القوات المسلحة ، وان خلافه مع من يرفضون تسليم السلطة للشعب ، و في هذا تفسير للماء بالماء لأن من يرفضون التسليم هم قيادة القوات المسلحة الانقاذية!! ومؤدى ذلك هو أن الخلاف موجود ، و أن الطرفين يستخدمانه كوسيلة للسيطرة على المبادرة في صنع الحدث بعيداً عن حركة الجماهير ، و لتخويف المواطنين من صدام وشيك ، وخلق مناخ يسهل تمرير الإتفاق الإطاري المتعثر بتداعياته ، و هذه عسكرة جزئية للصراع السياسي ، قد تنتهي بعسكرة شاملة في حال حدوث صدام مباشر بين القيادتين. ٢- السماح بتشكيل المليشيات التابعة للمؤتمر الوطني علنا ، مثل كيان الوطن الذي يقوده المتحدث السابق بإسم القوات المسلحة ، بدعاوى حماية المواطنين في وسط وشمال البلاد من تغول مليشيات اتفاق جوبا وتعدياتها، و استثمار التداعيات السلبية لهذا الإتفاق الذي صنعته القيادة العسكرية الامنية للإنقاذ الحاكمة في البلاد ، و التي تحاول توظيف حالة الخوف الحقيقي الناتج عن سلوك مليشيات اتفاق جوبا المعادي للشعب السوداني ، لخلق مناخ يسمح بعسكرة الصراع بشكل كلي لطرد المدنيين الثوريين من الشارع و إجهاض الثورة السلمية. ٣- الترويج والدعاية في وسائط التواصل الإجتماعي لشائعات حول قدرات مهولة للمليشيات ، وكمثال لذلك الفيديو الذي يتحدث فيه احد منسوبي المليشيات وهو بجوار صاروخ من مخلفات ترسانة القذافي في ليبيا التي يقاتل فيها كمرتزق، ويهدد بقصف المدن لخلق حالة من الرعب و الاحساس بالحاجة للحماية التي تبرر العسكرة المضادة ، و تسمح بتعميم حالة التصالح مع تكوين المليشيات للقضاء على النشاط المدني الثوري المعارض. ٤- الترويج لإجتماع تم بين الاستخبارات العسكرية ممثلة في قائد محبوب لافراد هيئة عمليات جهاز الأمن المحلولة، وعدة آلاف من منسوبي تلك الهيئة السابقين ، توطئة لضمهم جميعاً الى الإستخبارات العسكرية ، في توسعة واضحة لسيطرة الإنقاذ على المؤسسة العسكرية ، وتنشيط للمعادلة التي يتحكم فيها العسكريين في خارطة العمل السياسي ، بإعتبار ان الهيئة المحلولة كانت الذراع العسكرية الفاعلة سياسيا في المناطق الساخنة لجهاز امن الإنقاذ الذي مازال يعمل بصورة عادية. وهذا توجه خطير يوضح مدى فهم اللجنة الامنية لاصلاح المؤسسة العسكرية و ما يعني تحكمها فيه وفقا للاتفاق الإطاري. المظاهر أعلاه ، هي اعلان عن جوهر واحد ، هو الرغبة في عسكرة الصراع بشكل او آخر لإختطاف العملية السياسية وإجهاض الثورة السلمية وإفراغها من محتواها. و هي تستخدم حالياً لتمرير الإتفاق الإطاري و ما يترتب عليه بإعتباره افضل من العسكرة ، و لتهيئة المناخ لعسكرة شاملة للصراع في حال الفشل ، حتى تتمكن الذراع العسكرية الأمنية للانقاذ في السلطة ، بدعم دولي واقليمي. لكن مواكب اليوم قالت بصوت عالي ان مثل هذه الالاعيب لن تمر ، وان الثورة السلمية حية ، وأن انتصارها قريب و إن رأته العصابة الحاكمة بعيداً. وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!!
د.احمد عثمان عمر ٨/٣/٢٠٢٣
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق March, 02 2023