قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطيباً فقال: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، فقام له سلمان الفارسي يقول: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة، فلم يغضب عمر رضي الله عنه، ولم يقل لسلمان: كيف تكلمني بهذه اللهجة وأنا الخليفة، وإنما سأله في هدوء راض: ولم؟ قال سلمان: حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به، وقد نالك برد واحد كبقية المسلمين، وأنت رجل طوال لا يكفيك برد واحد، فلم يغضب عمر مرة أخرى وسلمان كاد يوجه إليه الاتهام باستغلال النفوذ والافتئات على أموال المسلمين، ولم يقل له: أنا ولي الامر أتصرف في الأمر كما أشاء وليس من حقك أن تسائلني، وإنما نادى: يا عبدالله بن عمر: قال لبيك، يا أمير المؤمنين، قال: نشدتك الله، هذا البرد الذي ائتزرت به، أهو بردك؟ قال: نعم، والتفت إلى المسلمين فقال: إن أبي قد ناله برد واحد كما نال بقية المسلمين وهو رجل طوال لا يكفيه برد واحد، فأعطيته بردي ليئتزر به. فقال: سلمان الآن مر، نسمع ونطع هذه قصة من قصص السلف الصالح فيها عبرة عن الشفافية والتطبيق العملي للديمقراطية التي يحاول البعض جعلها في عصرنا الحالي مثل قميص عثمان او كلمة حق اريد بها باطل
في عهد المخلوع البشير انتشرت العديد من الحركات المسلحة التي كانت ترفع السلاح وقد وجدت التعاطف خاصة عندما كان يشن عليهم حروب ضروس و قد كانت الاصوات تنادي بضرورة قبول حكومة البشير بأهمية الجلوس معهم بهدف حقن الدماء واحلال السلام واعادة التوزيع العادل للثروة حتي ينعم المواطنيين الذين تضرروا من الحرب بالاستقرار والرجوع الى ديارهم وترك معسكرات النزوح والتي كانت ايام الحرب تمثل لهم الملاذ الآمن لقد كنا نظن في هذه الحركات المسلحة الخير وذلك حسب الشعارات التي كانوا يرفعونها من احقاق للحق وانحياز للفقراء والمساكين و اقامة العدل والمساواة ليس في مناطق دارفور او النيل الأزرق او جنوب كردفان فحسب وانما في سائر أنحاء البلاد ولكن بكل اسف كانت تلك الشعارات مجرد احلام يقظة وما ان تم توقيع اتفاق سلام جوبا حتي انكشف المستور عن حركات عنصرية جهوية قبيلة هدفها جلب المنفعة الشخصية الي المنتمين اليهم وليس احقاق للحق او نصرة المظلومين
لقد كان خروج جماهير الشعب السوداني في ثورة ديسمبر لاجل واقع افضل وليس لاجل مزيد من الفساد والجوع والفقر فلا يعقل ان يطاح بفاسد ليحل محله من هو اكثر افساد منه والا ماكان هناك داعي لتقديم الشهداء والمعتقليين لاجل ان تنتصر الثورة فالشعب السوداني بات اليوم اكثر وعي بحقوقه المشروعة التي خرج لاجلها ، واذا تمت مقارنة الاوضاع المعيشية التي يعيشها المواطن اليوم بما كان سائد ابان عهد المخلوع البشير نجد ان الكفة تميل لصالح الاخير فعلي الاقل كان المواطن حينها قادر علي مجابهة الاسعار والتي كانت في متناول الجميع فالمواد الغذائية لم تكن تمثل هاجس للبسطاء او المواصلات العامة كانت تعرف هذا الارتفاع الكبير بسبب الزيادات التي لا تتوققف في اسعار الوقود فكان من النادر جدا ان تقوم حكومة البشير برفع تعرفة اسعار المحروقات وحتي الخبز في ايام ازمة ندرة دقيق القمح كان هناك البديل المتمثل في طحين الذرة فكانت (الكسرة والقراصة والعصيدة) تمثل الحل السحري لموائد البسطاء ،ولكن بعد تولي حكومة (قحت) ادارة امر البلاد تراجعت احلام المواطن من التطلع الى اقامة دولة القانون والمؤسسات الي كيف يحصل على لقمة العيش في ظل سياسة اقتصادية قاسية تسببت في تجفيف موارد الرزق وصعوبة تنقل المواطنين و ارتفاع تكاليف العلاج والتعليم ، ان الحكومة الانتقالية منذ ايام السيد حمدوك والي الان ظلت تخدع نفسها بانها تحاول اصلاح الاقتصاد الوطني بالرغم من انه نفس اقتصاد المخلوع البشير الذي كان يقدم الخدمات الصحية والتعليمية والغذاء للشعب بارخص الاثمان وفي نفس الوقت كان يحارب هذه الحركات المسلحة التي لم تنجح طوال حربها ضد الكيزان في فرض نفسها عليهم عسكريا فكانت معركة (قوز دنقو) في أبريل 2015 بالنسبة لها قاصمة الظهر وحتي الاطاحة بنظام البشير الفضل فيه يرجع إلى جماهير الشعب السوداني عبر المواكب السلمية التي انتظمت البلاد ولم تكن لبندقية الحركات المسلحة يد فيها
ان تولي السيد جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة لمنصب وزير المالية كان يمثل له فرصة تاريخية لاجل تطبيق العدل والانصاف لكافة المواطنين في كافة ارجاء البلاد وذلك بالاعتماد على طاقات الشباب في اعمار البلاد وايجاد الحلول والبدائل من خلال استغلال موارد البلاد لاجل اقامة مشاريع قومية تصب لصالح الشعب السوداني وابسط مثال لذلك كان يمكن انشاء مشاريع امن غذائي حقيقي في كافة ولايات البلاد باقامة مزارع لتربية المواشي( بقر وضان) بغرض الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء والحليب في كل محلية اضافة الي اقامة مزراع تربية الدواجن ومزراع الاستزراع السمكي والاستفادة من الثروة السمكية في البحر الاحمر ونهر النيل وذلك بهدف سد الفجوة الغذائية في البلاد فالمواطن البسيط بات اليوم يعاني بشدة في سبيل الحصول على مجرد قطعة خبز واحدة والتي وصل ثمنها الي مبلغ خمسين جنية وقد يكون هذا المبلغ في نظر البعض لا يساوي شيئا الا انه بالنسبة للفقراء واصحاب الدخل المعدوم يعتبر فلكيا لذلك لا تلوموا عصابات التسعة طويلة وغيرهم فالضغط الاقتصادي هو السبب الرئيسي في ما يحدث من انفلات امني وانتشار للجرائم في البلاد فالبطون الجائعة لا تعرف الخوف
علي السيد جبريل ابراهيم وزير المالية الاعتراف بالفشل الذريع في تحقيق شعار حركته ( العدل والمساواة ) فهو لم يتمكن من تطبيق اي نوع من انواع العدالة بل طبق كل انواع الظلم حينما وافق ليكون شريك في جريمة تجويع الشعب السوداني بدعم ما يعرف بسياسة البنك الدولي والتي في جوفها تعتبر تدمير ممنهج للبلاد فالشعب السوداني يستحق الدعم وخاصة وان نسبة الفقراء فيه مرتفعة جدا وكل من ينكر ذلك يعتبر منافق
لايوجد اي مبرر يسمح للسيد وزير المالية دكتور جبريل ابراهيم ان يقوم باعفاء سيارة ابن اخيه من الرسوم الجمركية وحتي اذا استند إلى ذلك علي اتفاقية جوبا للسلام فالترتيبات الامنية واعادة دمج وتسريح الحركات المسلحة وغيرها مكانها اللجان المختصة بمتابعة تنفيذ هذا السلام والعدل يقول ان تتم معالجة وتوفيق اوضاع كافة المقاتليين السابقين في الحركات المسلحة سواء كان ذلك بالدمج في القوات المسلحة او التسريح عبر منحهم مشاريع تمكنهم من العودة الي الحياة المدنية ولكن ان يتم معالجة قضايا افراد فان ذلك لاعلاقة له بالعدل ولا بالمساواة ، وحتي بالنسبة الي المناطق التي كانت تعاني من الحرب كإقليم دارفور علي سبيل المثال نجد حاكم الاقليم يظل معظم فترات العام متواجد بالعاصمة القومية بينما من المفترض ان يظل متواجد في الاقليم لمتابعة اعمال التنمية والخدمات، والعمل علي ارجاع النازحين إلى ديارهم وفي المقابل نجد ان من يقوم بهذه المهمة هو الجنرال محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة فقد ظل الرجل يحمل هم تطبيق اتفاق جوبا لدرجة أنه ظل مقيم لفترة ثلاثة اشهر في اقليم دارفور لاجل العمل علي رتق النسيج الاجتماعي وعقد المصالحات بين مكونات المجتمع المحلي في دارفور كل هذا الجهد ظل الجنرال حميدتي يقوم به اضافة الى توليه لمنصب نائب رئيس مجلس السيادة الذي يحتم عليه متابعة كافة قضايا البلاد عكس قادة الحركات المسلحة التي لا نسمع لهم الا الحديث عن اتفاق جوبا بدون ان نشاهد لهم علي ارض الواقع شي جديد
علي السيد جبريل ابراهيم تقديم استقالته من منصب وزير المالية والاعتذار للشعب السوداني عن ماحاق به من ازمات اقتصادية واجتماعية بسبب ادارته الغريبة لوزارة المالية
*ترس اخير*
في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال : { استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية ، على الصدقة ، فلما قدم ، قال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله ، فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فهلا جلس في بيت أبيه ، أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ منه شيئا ، إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ، اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ، ؟ ثلاثا
*المتاريس* *علاء الدين محمد ابكر* 𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق September, 10 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة