تماسيح الأراضي في السودان

تماسيح الأراضي في السودان


12-04-2021, 04:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1638630294&rn=1


Post: #1
Title: تماسيح الأراضي في السودان
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-04-2021, 04:04 PM
Parent: #0

03:04 PM December, 04 2021

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




سألني أحد الاصدقاء من الوطنيين العاطفيين؛ عن إحتمالية تحسن الأوضاع في السودان. فاستبعدت ذلك تماماً، قال بغضب:
- عاوزين ود مقنَّعة يطلع بالجيش يبل الوهم ديل ياخ.
قلت له:
- لو جاء جون سينا ومعه ملائكة من السماء فلن يستطيع فعل شيء.
فقال وألم كبير يعتصر قلبه فيخرج صوته أنيناً:
- ليه ياخ؟..
قلت له:
- لأن السودان هذا عبارة عن شبكة ضخمة وحساسة من التماسيح أصحاب المصالح المتداخلة، والمساس بهذه الشبكة يعني سقوط أي حاكم. إن أي حاكم (عسكري أو مدني او حتى احتلال أمريكي)، عليه أن يتماهى مع تلك الشبكة التماسيحية لكي يستطيع أن يحفر دروباً بين الصخور. نعم هذه الشبكة موجودة في كل دول العالم، غير أن مؤسسيات الدولة تحدد لها نطاق توسعاتها، أما السودان فلا مؤسسية فيه، إنك تستطيع أن تشتري أي شخص فيه داخل تلك الشبكة وهو وأنت مطئنان جداً بعدم المحاسبة، وإذا حدثت محاسبة، فإن هناك أكباش فداء يتم سوقهم من آذانهم للذبح، في حين يبقى كبار التماسيح بأمان. وفي الحالات الاستثنائية التي قد يتعرض لها تمساح كبير للعض المفاجئ، فإن قوى وأجهزة كثيرة ستتدخل لحمايته، أو حتى تبرئته.
وشبكات التماسيح ليست في الاراضي فقط، التي توزع أراضي الشعب على شركات خاصة، لا نعرف كيف ولا متى تم منحهم تلك الأراضي، منح من لا يملك لمن لا يستحق، إنما الشبكات تتمدد لشبكات شركات التعدين الضخمة، والمخابز، والبترول،...الخ.
بمجرد احتلال أمريكا للعراق، قام جورج بوش بتسخير كل التعاقدات النفطية لشركات أمريكية محددة كان لديه مصالح معها، غير أن ذلك لا يتم بالسهولة التي تحدث في السودان، لأن الشركات الأخرى ستقاوم. أما في السودان فلا تحدث مقاومة قانونية، بل مقاومة عبر أصحاب النفوذ. سيسخر كل متضرر علاقته مع النافذين أو إخوان النافذين، أو أبناء النافذين، أو حتى زوجات النافذين، لضرب الخصم الآخر، في النهاية، إما أن تحدث تسوية بين التماسيح المتناطحة تحت ماء الفساد المتعفن، أو سيتم إقصاء الطرف الضعيف في المعادلة.
حياتي في مهنة المحاماة جعلتني أرى (بلاوي) في هذا البلد واكتشفت بأنني لست فقط أفتقر لحقوقي كمواطن، بل حتى رأيت نفسي حشرة في مواجهة هؤلاء التماسيح. من أنا؟ إنني صفر..إنني لا شيء؟ بلا قبيلة تحميني وبلا حزب يدافع عني، وبلا سلطة وبلا ثروة؟ إنني لست سوى صوت صارخ في البرية، يواجه بالصعاليك والتافهين واللصوص وصغار الورل. اما التماسيح ففي الأعالي. يُمنحون الوظائف والمناصب، والأراضي، والعطاءات الحكومية والتساهيل البنكية وحتى حق التبول في العراء.. أما أنا فسأموت محتقناً ببولي رغم عيشي داخل هذا المرحاض.
تماسيح في كل مكان، لصوص، شعب يفتقر للأمانة والنزاهة، بل وحتى لتقييم الحقائق، ويحكم بما يساير هواه، أما إن جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم استكبروا ففريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون..هذا هو الواقع.
ران صمت طويل من صديقي وهو على الهاتف. كان يشعر ب################ عظيم.
فذكرته بحديثي إلى أحد أصدقائي المحامين، حينما قلت له قبل قرابة تسع سنوات منتقداً فشل النقابة في حماية حقوق المحامين، فأجاب:
- نحن ما عندنا حقوق.
قالها ببساطة.. وهو محامي شاطر جداً، وعندما يقول لك محامٍ شاطر ذلك فأعلم أنه لا يتحدث عن هوى ولا ################.
بعد مرور تلك السنوات، وخلال عبورها فيَّ أو عبوري فيها، اكتشفت أن كلمة حقوق، كلمة مطاطة، فنحن نمتلك حق الوجود ولكن تحت مظلة الخطر، أما الحقوق بمعناها الحقيقي فليست لدينا. هنا فهمت ما كان يقصده. لقد كان يعني حق أن نعيش كما يجب؛ لأنك لكي تعيش كما يجب، يجب أن تتكامل كل حقوقك المدنية والسياسية في بوتقة واحدة، وتتم حمايتها عبر مؤسسات موثوقة. وفي ظل انعدام ذلك فأنت بلا حقوق.والإنسان الذي بلا حقوق هو إنسان بلا شخصية قانونية، إنه عبد رغم أنه يظن نفسه حراً.
قال صديقي:
- ادعو الله أن يخرجك من هذا البلد..
وبدا لي انه دعاء لن يستجاب..فتذكرت نيتشه..


عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/03/2021


عناوين المواضيع المنبر العامبسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/03/202



عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 12/03/2021