لذلك عندما يسألونك عن كدردور قل لهم ان هذا الكوردور هو واحد من الناس الذين تلقيهم أمواج الحياة علي قارعة الطريق لترعاهم عناية القدير كأمتحان لطبائع البشر و أختبار لمكنوناتهم . يوجدون هكذا بين الناس فلا تعرف لهم أصل او فصل لا أم او أب و لا أخوة او أهل و بيت يأويهم . فكل المجتمع حيث يوجدون هم أمهم و ابيهم و أخوانهم . أي ان المجتمع كله يصير لهم اسرة و بيت و أهل بعضهم يكرمهم و اخرين يذلهم او يستغلهم . لكن هؤلاء لاتهملهم العناية الالهية رغم انهم يتوسدون الارض و يلتحفون السماء . و حسب الذين يكونون علي شاكلة كدوردور و أمثالهم هو انتسابهم الي مجتمعاتهم و احتسابهم اليه لأنهم من أهل الله . أؤلئك تسكنهم أرواح الملائكة و تحرسهم ، او هم في ذات انفسهم ملائكة مرسلين لأختبار معادن فضائل البشر الخيرة او خبايا رذائلهم و نواياهم الشريرة . اسميت هذه الفئة المنسية من أمثال كدوردو بالقديسين او الدراويش لأنهم أسمي و أرقي في درجات الاديان و الايمان بالله من سائر البشر العاديين . فكل الاديان تحتويهم و تشملهم و يؤمنون بها . لأنك لاشك ستجد في يوم من الايام هذا الكدوردور يحلق عالياً في حلقات الذكر او النوبة يتجلي مردداً الله الله الله فهو هنا مجذوباً ودرويش يدور حول نفسه فوق الارض في سمو روحي منقطع النظير ... كما ستجده في الغد القريب في سائراً وراء مواكب المرنمين يتهلل هللويا هللويا مجداً مسبحاً في فلك الرب مع زمرة المرتلين باسم مشرق الوجه كالناسك القديس المتبتل. انه تماما كبابا نويل يحب الاطفال و يحبونه لكنهم في حبهم الشقي يأذونه يستفزونه او يثيرونه مشاغبين . في الحفلات و ليالي الذكر يضربونه بنبل السلك فيهربون منه و هو يركض ورائهم فيضحكون مستمتعين فرحين . و هكذا شقاوة الاطفال و شغفهم او عبثهم و براءاتهم المجنونة لا يبالون و ما يفعلون . اعد كدوردور من ابناء الجيل او يكبرنا قليلاً لكنه يظل واحد من ذكريات الطفولة و الصبا الراسخة في الوجدان المشحون بالهوي و الشجون و المجون . هو رمز من رموزنا تلك النواحي المجهولة . فهو اذاً كالجندي يظل ببساطته يشكل حضورمتميزاً في الافراح و الاتراح حاشاً باش .يقضي حاجات الناس دون من او أذي و لاحاجة تقضي له ، فهو لا يبخل باسداء الخدمات للجميع من الكبار و الصغار الرجال و النساء في المراسيل و المشاوير و قضاء حاجاتهم الكثيرة التي لا تنتهي انه في هذه جميعها يندفع دون ان يفتر له همة و في هذه لا يكل و لا يتعب او يزهج ملتزماً الوفاء الصارم . فاستغله الكثيرين لطيبته فكان يرد الماء للبيوت و الاسر من الخور و الدونكي . فهو سيد الشيل التقيل أطال الله عمره بالصحة و العافية . و لا يأتي ذكر كدوردور دون ان يقفز الي ذهننا ذكريات سوق هيبان الفراشية و الجزر و الجلابة من اولاد المقبول ، حاج التوم و زوجته الحاجة نفيسه رحمهم الله و غيرهم من التجار. فقد كان كدوردور ابن من ابناء سوق هيبان البارين و صديق لكل التجار و أهل السوق. بالنسبة لجاح التوم و زوجته كانت له خصوصية فهو بمثابة الابن الوحيد لهم فأسدوا له الرعاية و العناية و المأوي من أكل و شرب و كساء . في زمن الحرب الاخيرة اختار كدوردور الرحيل و الاقامة في كاودا و لا يزال مقيماً بها حتي اليوم . فلك منا يا اخونا كدوردو عاطر التحايا و السلام و كل الاشواق يا ايها الدرويش القديس نتمني ان تكون دائماً بالف خير رعاك الله و باركك .
مقالات سابقة ل ايليا أرومي كوكو بسودانيزاون لاين الان