جرس أوّل : "بلادي من يدي طاغٍ ... إلي أطغي إلى أجفى ... ومن سجنٍ إلى سجنٍ ... ومن منفي إلى منفى ... ومن مُستعمِرٍ بادٍ ...إلى مُستعمِرٍ أخفى" ((عبد الله البردوني)) -1- هيّات لي الصُدفة – ورُبّما، الصدفة وحدها - أن أُشارك فى الخرطوم، فى شهرسبتمبر 2021 - المُنصرم - فى ثلاثة مناشط أقامتها منظمات وتحالفات مُنظمات مجتمع مدني (سودانية، وغيرسودانية)، لأكون حاضراً وشاهداً فيها على المُعاناة، التي تواجه الأشخاص ذوي وذوات الإعاقة، والتي من بينها - وليس كلّها - غياب البيئة / البيئات الصديقة لهم/ ن، والمُهيأة لإستقبالهم/ن ، بداية من المباني التي تُقام فيها الأنشطة العامة. -2- فى المناسبة الأولي، كانت هناك مُشاركة واحدة - فقط - من ذوي/ ات الإعاقة "الحركية"، وفى الثانية مشاركة – واحدة فقط – كانت من ذوات الإعاقة "السمعية"، ومعها مُشارك من ذوي الإعاقة "الحركية"، فيما كان المُشارك فى المناسبة الثالثة من ذوي الإعاقة "البصرية"، وجميعم/ن مدافعين/ات في حركة حقوق الإنسان، من ذوي وذوات الخبرة المعرفية والعملية والنضالية عالية المستوي والإلتزام الواعي في مجالاتهم/ن. -3- عادت بي الذكريات، لمشاركة نوعية، لناشطٍ من مدافعي حقوق الإنسان السودانيين، المتميّزين في النضال الجسورمن أجل الديمقراطية، واحترام وتعزيز حقوق الإنسان، وهو من ذوي الإعاقة الحركية، في منشط تدريبى مُكثّف، أقامته (صحفيون لحقوق الإنسان- جهر)، قبل سنوات، فى العاصمة الكينية نيروبي. وقد لاحظت أنّ البيئة - هناك - كانت مهيّاة - إلي حدٍّ ما - من حيث البنية التحتية، علي الأقل، لتكون صديقة لذوي/ ات الإعاقة الحركية، وهذا ما لم أجده وأفتقدته – كثيراً - في الخرطوم. -4 - في الخرطوم، وجدت الغياب الكبير والمُلاحظ، في معظم الأمكنة العامة، لتهيئة الأمكنة لتكون صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة، وهي سمة غالبة في معظم الفنادق والقاعات التي تُقام فيها المناسبات العامة، ناهيك عن تهيئة الشوارع والطُرق العامّة، وأماكن المواصلات، ومعظم الأماكن العامة المفتوحة للجمهور، بما في ذلك، الوزارات والمؤسسات الحكومية، وغير الحكومية المفتوحة لخدمة الجمهور، والمحلّات التجارية، رُغم أنّ البلاد شهدت عمراناً في ما يُسمونه "مولات"، ولكن، أغلب تلك الأماكن تفتقد إلي حساسية الإهتمام، لمطلوبات الأشخاص ذوي الإعاقة. وهذا مؤشّر واضح علي تقصير الدولة – في المقام الأوّل - في القيام بمسئولياتها تجاه حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. -5- كلمة حق يجب أن تُقال، فى صالح المنظمين/ات، فى الثلاثة مناشط، أُلخّصها في الاستعداد لسماع مقترحاتي، الموضوعية، التي جاءت بغرض تيسير(بعض) الصعوبات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد أوردتها في إطار مُناصرتي لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، لتوفير المعينات المطلوبة، بقدر الاستطاعة، وأسعدنا – أجمعين – التفهُّم والاستجابةً العاجلة والسريعة، من المنظمين، لمقترحاتي حول "تمكين" الأشخاص من ذوي الإعاقة، من المشاركة الفاعلة، وكانت الخطوة الأولي أن طالبت، بضرورة وأهمية، توفير مترجم/ة فى لغة الإشارة، للزميلة المشاركة من ذوي الإعاقة السمعية، وقد استجاب المنظمون بسرعة فائقة، وفوراً، وهذا مؤشّر جيّد، واشارة خير، نحو مستقبل أفضل في تعامل المجتمع المدني مع قضايا الأشخاص ذوي/ ات الاعاقة. -6 - علينا أن نفهم أنّ هذا المطلب، يجب أن لا يأتى من منظور "العطف" أو"الشفقة"، أو"المنحة" ولا من باب "التفضُّل" أو"التكرُّم" على الاشخاص ذوي الإعاقة، إنّما يجب أن يأتي من إعمال مبدأ (الحقوق المتساوية) و (عدم التمييز)، ولتعزيز هذا الفهم الحقوقي، نحتاج إلي جهود مُناصرة واعية، ومُدركة من منظور حقوقي بحت، بمثلما نحتاج لرفع وعي الجمهور المستهدف، والجمهور العام، ونحتاج لمطالبة الدولة للقيام بمسئولياتها وواجباتها، وأعلم – وأُدرك تماماً - أن الطريق لتحقيق الحقوق، طويل، ولكن، يجب أن يكون شعارنا "لا بُدّ من السير فى طريق صنعاء الحقوق، وإن طال السفر"، و (ما ضاع حق وراءه مُطالب). -7 – دعونا، ونحن نحتفل باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة (3 ديسمبر) أن ندعو جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان السودانية، بصورة خاصّة، ومنظمات المجتمع المدني، بصورة عامّة، لإقامة أكبر تحالف لتحقيق الهدف المنشود من الإحتفال والاحتفاء بهذا اليوم، وليكن هذا اليوم يوماً مكرّساً للتفكير الجماعي، فى العمل والتنسيق المشترك، لإقامة شراكات استرتيجية، ويوماً للبدء الفوري فى تصميم حملات مُناصرة وحشد، لتحقيق الهدف الهدف المنشود.. ولن أنسي أن أدعو الصحافة / الميديا – بكل أشكالها - لأن تلعب دورها المطلوب فى حملات المناصرة، فى هذه القضية، ومن منظور حقوقي صارم، يؤمن بالحق في المساواة وعدم التمييز. وما أرجوه من الصحافة / الميديا، وخاصّة صحافة حقوق الإنسان، أن لا نكتفي بطرح وتناول القضيّة في يومٍ واحدٍ فقط، وكفي، بل، يجب أن تكون هذه القضيّة الهامة، في مقدمة وقلب أجندتنا، وأن يتم الطرق عليها بصورة مستدامة، وليس مجرّد تخصيص يوم واحد فقط، لطرح قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة. -8 - فلنبدأ اليوم – قبل الغد – وحتماً، فإنّ مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة . وما ضاع حق زراءه مُطالب. وأدعو الأشخاص ذوي الإعاقة، أفراداً وجماعات، المشاركة فى هذه الحملة، وفى البال، أنّ هناك جمعيات، واتحادات، ومنظمات شتّي، تعمل فى هذا مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة – منذ سنوات، بل، عقود – ولكنّها، مازالت تُشتت جهودها فى العمل منفردة، فيما المطلوب، تكوين تحالف واسع، للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لأنّ قضيّة الإعاقة هي قضيّة تخص المجتمع بأكمله، وليست الأشخاص ذوي الغعاقة وحدهم/ ن ، والمطلوب زيادة الوعي بهذه القضيّة من أجل ضمان حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، وفي سبيل تسريع جهود زيادة الوعي المجتمعي، لأهمية أدخال وإدماج الأشخاص ذول الإعاقة في الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية، إيماناً وتطبيقاً لمبدأ الحق في المساواة وعدم التمييز. وللحديث، عن مبدأ ((الحق في المساواة، وعدم التمييز))، بقيّة، وعودة ثانية، وثالثة، إن أمدّ الله في الآجال !.
جرس أخير : "يا ما نحلم نحكي ليك عن المسافة.. ونشتهيك ..عن سُفُن بالشوق بترسم ..في عويناتك ضفافا .. عن حقيقة نهاتي بيها .. في أساطير الخُرافة " ((أبو ذر الغفاري))
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة