الطريق المؤدي للخروج من عنق الزجاجة اتجاهه واحد، يبدأ باخراج جميع المعتقلين السياسيين - من غير المرتكبين لجرائم الحرب والمعتدين على المال العام - دون قيد او شرط، ورفع القيود المكبلة لحركة رئيس وزراء الثورة وحادي ركب الحكومة الانتقالية، ليقوم باعادة تشكيل حكومته المحتوية لوزراء ذوي كفاءة ومهنية من المستقلين – بحسب ما جاء في الوثيقة الدستورية (الأولى)، بعيداً عن تأثيرات ما يسمى بالحواضن السياسية، ثم ارجاع المال العام الذي اخرجه وزير المالية من خزينة البنك المركزي دون سند قانوني ولا تفويض دستوري، واختيار رأس للدولة المدنية الانتقالية لكي يمثل سيادتها، من الرموز الوطنيين المشهود لهم بالقبول الشعبي والجماهيري العام، وتحييد المؤسسات الأمنية والعسكرية من العمل في الميدانين السياسي والاقتصادي، وابعاد الاحزاب والتنظيمات والحركات والمنظمات السياسية من المشاركة في منظومة الانتقال، والزامها بالانتظار حتى يحين ميعاد الانتخابات العامة في وقتها المحدد، والغاء اتفاقية جوبا التي كرّست للاستقطاب الجهوي والقبلي والعرقي الحاد بشرقي وغربي البلاد، ووقف مهزلة المسارات المهددة والمفتتة للحمة الوطن، ودعوة الجماعات المتمردة الأخرى المتمترسة بالخارج والموجودة في الداخل للمساهمة والمشاركة في العملية السياسية الحزبية والحركية، وتعبئة جماهيرها لخوض غمار المعركة المدنية الانتخابية القادمة، فبعد اعادة رئيس الحكومة المعتقل تحت ظروف الاقامة الجبرية المفروضة عليه، بعد أن يتحقق كل ما ذكر آنفاً، لن يكون هنالك مبرراً واحداً يجعل من حمل السلاح سبباً للوصول لسدة الحكم. لقد شهدت السنتان الماضيتان ارتباكاً بائناً بين الحواضن السياسية التي فرضت نفسها عنوةً، وضربت طوقاً وسياجاً حول رئيس الحكومة الانتقالية، وأخّرت كثيراً من الاجراءات والخطوات المنوط بها التسريع والمضي قدماً بسفينة الانتقال نحو غاياتها المنشودة، فاختطفت الحكومة الانتقالية مجموعات حزبية وحركية مسلحة اضاعت مجهود الثوار في التكالب على سلطة الشعب، فطمع بعض العسكريين الموالين للنظام البائد في الاستفراد بكرسي الحكم مستغلين حالة التشظي والتشاكس التقليدية بين الاحزاب السياسية والجماعات المسلحة التي تمردت على سلطة الحزب المحلول، الفاقدة لمسوغ حمل السلاح بعد أن اقتلع شباب الثورة السلمية اكبر طاغوت بالقارة السمراء، الذين لولا جهدهم لما سقطت امبراطورية الرجل الواحد مهما قعقع السلاح بجبال النوبة وهضبة جبل مرة ومرتفعات الانقسنا، فهذه الفترة الانتقالية يجب أن تكون خالية من الحزبيين والمتحزبين والحركيين المتكالبين والمتسلقين والانتهازيين، وإن كان هنالك ثمة رأي لهم يرونه صواباً فليدلوا به عبر منابر احزابهم، وليشيروا به في منتدياتهم السياسية بعيداً عن منبر الحكومة الانتقالية ذات المهام المحدودة والمحددة، والمهمومة بارساء دعائم الانتقال السلس المفضي الى تكوين نظام حكم منتخب، باغلبية من اصوات الناخبين المنحدرين من كل حدب وصوب من هذه الأرض الحلوب، فتجربة السنتين الماضيتين قد اثبتت لكل ذي بصيرة وبصر أن الذين اعاقوا الانتقال هم العسكريون الموالون والحزبيون الانتهازيون والحركيون المتكالبون. حواء السودان الودود الولود انجبت الافذاذ من الابطال الذين قضى نحبهم وهم سائرين على طريق نصرها، فماتوا بايمان صادق من أجل أن يكون لها الصدر دون العالمين أو أن يقبروا تحت تُربها، وسعوا بين فجاج الأرض لهثاً وبحثاً عن صفو الماء لكي ينهلوا منه ويشربوه ذلالاً صافياً ونقياً من غير كدر، إنّه ديدن الملك المفدّى بعانخي، ونهج الامام المهدي، وحكمة أمير الشرق عثمان دقنة، وتدين سلطان دارفور علي بن دينار، وسماحة الزعيم السوداني الوطني اسماعيل الأزهري، وهو طريق الشرفاء الذين ينظرون الى لوحة وطنهم الجميل من خلال فوهة عدسة منظار الشرف والعزة والكرامة، فكفانا شاهداً ودليلاً هبّة الواحد والعشرين من اكتوبر التي لم يتعظ بها حملة عروش الطغاة، ولم يرعوي من ارهاصاتها خادمو دواوين السلاطين، ولم يهتم لأمرها ماسحو بلاط قصور الامراء، وكفانا شاهداً ونذيرا وحسبنا شاهداً ودليلا انفجار بركان الثلاثين من اكتوبر المنصرم، الذي حبس انفاس المرجفين في المدن السودانية جمعاء، غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً وفي الجزيرة الخضراء، وخزل توهم العسكر وهزم انتهازية الحزبيين والبخلاء، واخرص غباء الحركيين المتكالبين على مجهودات عرق الجبين المتصبب من جباه الصابرين والبؤساء، الغاسل للوجوه الدامعة للنبلاء الدائسين على قلوبهم والصابرين على مشاهدة الصور المتكدسة لجثث الانقياء، الطاهرين المقتولين غدراً برصاص الجبناء، السائلة دمائهم من تحت الابواب ومن بين جنبات نوافذ مشارح مشافي العاصمة الثلاثية العصماء، كما وعلينا ان لا ننسى المقتولين غدراً بقنابل طائرات انتونوف الموت الخرقاء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة